ديسمبر و حكايات لا تنسي

0 90

بقلم : كمال كرار

عند الرابعة والنصف وفي موعده تماما دلف إلى الباب ببدلته السوداء ،وسبقه من سميناه بعد ذلك الصندوق الأسود بعشر دقائق.ثم دخلنا إلى غرفة جانبية لا ترى بالعين المجردة كانت(بيحا) قد أعدتها لنا وجلب الوسيلة أكواب القهوة ثم انسحب.
وكنا قد حددنا زمنا لا يتجاوز ال ٢٠ دقيقة لإكمال مهمة عاجلة تتعلق بإعلان الحرية والتغيير والسكرتارية والتنسيقية،بحسب ما اتفقت عليه قوى الاجماع الوطني.
أنهينا المهمة في ١٥ دقيقة تقريبا،وأرسلنا الخلاصة إلى زملاء آخرين عن طريق وسيط الكتروني ،وعندها أتى من يخبرنا بأن أفراد الأمن يملأون المكان.
كان المكان هو ماريل كافي،عصر الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٨،وصاحب البدلة السوداء هو رفيق النضال كمال بولاد،والصندوق الأسود منذر أبو المعالي.
حاولت تسابيح والوسيلة تهريبنا من باب جانبي إلى حيث سلم خلفي،ولكننا آثرنا البقاء حيث كنا كيلا يلحق العقاب الأمني بهما وبقية من كانوا موجودين .
اقتحم غرفتنا ضباط وجنود مددجين بالاسلحة التي صوبوها نحونا.ثم نلنا صفعات ممن أسمى نفسه الصادق وهو ضابط أمن،ثم قادونا تحت تهديد السلاح إلى عربات كانت تقف بالخارج لهذه المهمة .
اعتقلوا تسابيح وسارة وبنتها روان ذات ال ٨ سنوات والوسيلة الملقب بشاروخان وعلى والنور وريما آخرين ..أطلق سراح هؤلاء عند فجر اليوم التالي فيما عدا (بيحا) التي ظلت ل ٤٨ساعة في المعتقل معنا برئاسة جهاز الأمن وكم ضغطوا عليها لتثبت علينا تهمة اجتماع بقصد تقويض السلطة ولكن هيهات فقد صمدت وتمسكت بالقول أننا كنا مثل رواد المقهى الآخرين نتناول القهوة،وأن شراب القهوة في ذلك المكان ليس جريمة.
ونال كمال بولاد صفعات أخرى داخل رئاسة الجهاز ورد على نفس المدعو الصادق بلهجة حاسمة (ما ح انسى وشك دا)،فانفجر الأمنجي غاضبا وهدده بالقول أنه يعرف مكان زوجته وبناته.
وجاءنا في فجر الأول من يناير رئيس جهاز أمن النظام صلاح قوش وحاول التباهي بقوة النظام فرددنا عليه وقد كنا ١٢ معتقلا وأغلبنا شباب ود الخضر ،احمد وعمار ومجمد وهيثم والفاتج. وغيرهم بما أغضبه فانهى اللقاء بعد أن قال لنا ( ستقعدوا معانا طويل).
بعد أن خرجت من المعتقل في فبراير قالت لي روان أن بيحا وهي داخل عربة الأمن سلمتها خلسة هاتفها النقال،وأنها (اي روان) سريعا أدخلته في جيب بنطلونها وأضافت ( شفت يا عمو كمال بيحا لما أدتني التلفون عرفت انو الموضوع خطير ودسيتو ).
وكان آخر قد أخفى هواتفنا مع اقتحام الأمن للمكان.
عندما أخرجونا من رئاسة الجهاز في الثالثة من صباح.اول يناير ٢٠١٩ إلى حيث البكاسي التي ستنقلنا للمعتقل بموقف شندي همس أحد الضباط في أذني ( أيوة كدة أديتيهو في راسو وكلامكم صاح) يقصد صلاح قوش رئيسه الذي تباهي امامنا بقوة جهازه الأمني.
أدركت وقتها حتمية انتصار الثورة ومدى تصدع النظام .
ومن داخل المعتقل كنا نتابع مسار الثورة،وخرجنا من المعتقل إلى شارع الثورة،إلى ذروتها بموكب واعتصام القيادة في ٦ أبريل .
في ذكرى الثورة التحية لشهدائها والجرحى والمفقودين …التحية لبيحا وثوار المقهى هذا عهد الانصاف .
وينك يا لجنة نبيل أديب ..
دم الشهيد ما راح ..هكذا هتف ثوار الجزيرة أبا ..وقالت لي والدة أحد الشهداء ح تجيبو حق ولدي ولا نجيبو برانا وكانت دموعها تملأ المآقي… الحل في شنو ؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.