رسالة المحبوب عبد السلام الى د. حمدوك

0 91

الأخ العزيز عبد الله حمدوك

تحايا وسلام وامنيات بالسعادة والخير

دون مقدمات كثيرة أو كبيرة لا أحتاج أن أُعيد عليك فيها ما كررته علي مسامعنا أكثر من مرة في الآونة الأخيرة من أن بلادنا السودان على حافة الهاوية وأننا في منزلقٍ خطير وأننا أقرب للحرب الأهلية أكثر من أي وقت من مضي، كما أنى شأن الكثيرين أشهد لك بأنك قدمت تضحية كبيرة ساعة قبلت بالمنصب الأخطر في مرحلة الانتقال وحين صابرت على صعابه لاكثر من عامين ثم وخاصةً لحظة وقعت علي اتفاق ٢١ نوفمبر مع الفريق البرهان، وأنك واجهت إبتلاءً كبيراً صمدت له حتي تحقن دماء الشباب العزيزة وفقاً لكلماتك، فإن التحدي داخل التحدي هو التحدي الحقيقي، وقد قدر الله أن يبتليك داخل الابتلاء وهو ما يتنظر منك الصمود الحقيقي، وحتي تحفظ دماء الشباب وغيرهم وتحفظ البلاد نفسها من التبدد او الهاوية كما وصفتها.
أن الطبعي والمتوقع هو تقدير التضحيات والصمود خاصة من رفاق النضال وشركاء الخندق، ولكن الاختبار الحقيقي للتضحية والصمود هو أن يتخلي عنك الأقربون قبل الأبعدين ولو الي حين حتي يستبينوا الخيط الابيض من الخيط الاسود.
الحقيقة أنك لا تربح لنفسك كسباً معنوياً ولا مادياً عند قبولك المنصب اول مرة وحين اصطبرت عليه بعد التطورات الاخيرة، ولكن أقدار التاريخ جعلتك في لحظة شكسبيرية بين أن يكون السودان او لا يكون رمانة الميزان والمسؤول عن حفظ سلامه وحقن دمائه الان بأكثر مما كانت عليه الاحوال قبل شهرين أو قبل عامين.
ربما من حقك بوصفك إنسان من طينة البشر أن تختار الخروج ولكن لا أجد توقيتاً أخطر من الان لتقديم الاستقالة ولا موقفاً احرج منه تضع فيه شعب بلادك، بل الأوفق الأصوب أن تمسك علي الجمر لتنجز بضع خطوات مهمة علي طريق الانتقال في معية شعبك وعبره، وهي خطوات وقرارت تعلمها جيداً ولا احتاج لأنصحك بها.
والحقيقة أيضاً أن الكثيرين عادوا بعد هيجة الغضب الأولي ليقدروا ما قمت به أولاً وما قمت به أخيراً وأن نبأ الاستقالة قد اعاد الكثيرين من القوي السياسية ومن عامة المناضلين الي أنفسهم ليعيدوا النظر في موقفهم من الاحداث ومنك وليستشعروا الأزمة التي ستنجم فور فراغك وتخليك عن المنصب، بل وليضعوا ايديهم علي قلوبهم خوفاً من انهيار جملة الاوضاع في البلاد.
ختاماً اقدم التماساً باسمي واسم الكثيرين أن تحذف ذلك القرار من نفسك ومن سائر اوراقك.
دمت في حفظ الله ورعايته
المحبوب عبد السلام
ديسمبر ٢٠٢١

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.