سعيد وحامد وشاكر

0 69
كتب: جعفر عباس
.
في حفل عيد ميلادي ال39 الأخير، والذي سيكون أيضا ال39 العام المقبل ان شاء الله بعد قيامي بشطب عام 2020 من “جدولي”، أهداني عيالي عددا من الكتب الثمينة والتي اشتروها من أمازون وسعدت بها كثيرا، ولكن ثلاثة من تلك الكتب كانت ذات حروف صغيرة و”العوينات يا جناي شوفن ضنين”، فحزنوا قليلا لذلك، ثم فوجئت قبل يومين بأنهم اشتروا لي جهاز كيندل/ Kindle وهو عبارة عن كمبيوتر لوحي به سلفا مئات الكتب، وتستطيع من خلاله طلب أجعص كتاب في العالم وتقرأه على شاشة بعد تكبير او تصغير الحروف بل تستطيع ان تقرأه في غرفة مظلمة دون ارهاق العينين، وكانت أجمل هدية تلقيتها على مدى سنوات طويلة ومستطيلة.
فرحت جدا بالهدية وفرحت أكثر لأنها جاءت هدية من عيالي، وأحسست بأن يدا حنونة تقوم ب”تمسيد” جسمي وقلبي في لطف، عندما تذكرت أنني وبحمد الله قمت بواجبي نحو تعليم عيالي ثم شهدت دخولهم الحياة العملية وها هم بارك الله فيهم يشترون لي أشياء أحبها، وكان كل واحد منهم قد نشف ريقي وجيبي لسنوات طوال في سبيل توفير احتياجاتهم الضرورية وبعض الكماليات التي صارت ضروريات رغم أنوفنا، وتذكرت أنني وطوال 18 سنة ظللت اجمع بين وظيفتين كي أوفر العيش الكريم لعائلتي الصغيرة والممتدة، ولم أكن استجيب لكل ما يطلبه احد عيالي، بل كنت اتعمد رفض بعض طلباتهم على بساطتها ليدركوا ان الانسان لن يجد كل ما يشتهيه متى ما يشتهيه، وكانت بنتي مروة “تلادحني”: ليه ما عاوز تشتري لي كذا وكذا؟ أقول لها: ما عندي فلوس!! فتلتفت الى أمها: ليه ما تزوجتِ واحد غني؟.
يوم نال أصغر عيالي شهادته الجامعية أحسست كأنني كنت على سفر سيرا على الأقدام شهورا في صحراء شحيحة الماء، ثم نلت حماما دافئا وشربت ماء مثلجا سرى في جسمي بالنعيم والنسيم، وبدخوله الحياة العملية أدركت أنني أديت ما على عاتقي من أمانة ،وأن بمقدوري ان أمدّ رجلي واسترخي تماما، ثم تذكرت عهدا قطعته أمامهم: طول ما أنا حي، لازم كل واحد منكم يحصل على الماجستير في مجال تخصصه، وهكذا لحق آخر العنقود بإخوانه الثلاثة “المتجسترين” وعقبال لحاقه بالمتدكترين.
إحساس عجيب عندما تأتيني بنتي بقميص جديد، وولدي ولو بسندويتش شاورما وذاك بآيسكريم وتلك بقلامة أظافر، وأتذكر كيف كانوا يبتزونني للحصول على مال: نزع الشيب مقابل 5 ريالات للواحدة، وبعد تكاثر الشيب الواحدة بريال، ثم جاءت مرحلة اشتعال الرأس كله شيبا “مبكرا”، وكانوا وقتها قد كبروا و”اختشوا على دمهم”، ولم يبحثوا عما تبقى من شعر اسود.
كلما قال أحدهم لزوجتي “يا أم الجعافر” صاحت محتجة: بلا جعافر بلا سنافر انا أم غسان (أكبر عيالنا)، بطني جابت ما خابت، وعندما جاءت جائحة كورونا ومنعني عيالي من الخروج من البيت وتكفلوا بتوفير احتياجات البيت وصولا الى تزويدي بجهاز كيندل صحت: صدقت يا ام غسان بطنك جابت ما خابت.
ويا ربي لا تحرم بيتا من الأطفال، ووفق كل طفل وطفلة حتى يكبروا تحت رعاية الوالدين ناجحين فالحين صالحين… آآآآمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.