سلة غذاء فارغة

0 77
الخرطوم ــ السودان نت
كل من يزور الخرطوم سيلاحظ أن القضية التي أضحت هاجساً ويتحدث عنها الجميع هي تزايد الجرائم ،إلى حد أن الصحف المحلية باتت تطلق عليها “الانفلات الأمني”.
الأسباب متعددة ومعقدة، أعتقد أن من بينها:
النزوح من دول الجوار نحو العاصمة السودانية، ونزوح آخر من القرى والأرياف،ثم الضائقة المعيشية، وانتشار السلاح وهي ظاهرة وافدة.
خلال اجتماع عقده عبدالله حمدوك رئيس الحكومة السودانية، جرى نقاش عن مسألة” التفلتات الأمنية” على حد تعبير المصادر الحكومية، جتقرر بعد ذلك دعم جهاز الشرطة،كما وضعت خطة أطلق عليها ” التحدي”لمكافحة الجريمة.
اللافت للإنتباه في هذا السياق أن السفارة الأميركية في الخرطوم أعلنت عن تقديم دعم للشرطة، وهي بادرة يمكن أن تدخل في إطار إنفتاح واشنطن المتدرج مع السودان بعد رفع العقوبات وكذلك حذف اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
لكن يجب ملاحظة أن واشنطن تريد من الحكومة الانتقالية التي يترأسها حمدوك ، وهو تكنغراطي يتسم أداؤه ببطء شديد، تحديد موعد لإجراء الإنتخابات، وفي الوقت نفسه تكوين جيش واحد.
في هذا الشأن تجدر الإشارة إلى أن وجود مجموعات مسلحة في العاصمة السودانية أضحى مشهداً معتاداً.
إذ ان الحكومة بعد أن وقعت اتفاقيات سلام مع “الحركات المسلحة” التي كانت تخوض حروباً في مناطق مختلفة، نقلت هذه الحركات بعض قواتها إلى الخرطوم.
ويحمل شباب هذه الحركات أسلحتهم في كل مكان.
المعضلة أن مسألة دمج الحركات المسلحة والمليشات تكتنفها تعقيدات، وسنوات الحروب الأهلية، ليس في السودان بل في كل مكان، عادة ماتترك احقاداً ومرارات.
لكن المؤكد أن عقلية الانتقام والثأر لا تبني دولة ولا تقود نحو السلام، في حين أن عقلية التسامح والمروءة والسمو تبني أمماً.
إذ لا أحد ينتصر في الحرب بل الحل هو الحوار ، والانتصار يكون عبر الحوار.
يزخر السودان بموارد خرافية، وكانت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) اعتبرته منذ سبعينيات القرن الماضي “سلة غذاء العالم”، لكن المشكلة أن هذه السلة ظلت شبه فارغة بسبب عدم الاستقرار.
يقول ماكس فايبر وهو أحد أهم علماء السياسة والاجتماع في العالم إن الدولة لها خاصية أساسية هي قدرتها على احتكار العنف. أي أن الدولة هي التي لها سلطة استخدام العنف
من خلال مؤسسات احتكار العنف،
والملاحظ أن “الإسلاميين” خلال ثلاثة عقود من حكمهم في السودان عملوا بالفعل عبر “دولتهم” على احتكار العنف، أكثر من ذلك تدمير القيم الأخلاقية إلى حد أصبح فيه إختلاس المال العام مباحاً.
لذلك تركوا خلفهم بلداً
تائهاً يقوم الفشل فيها بدور البطولة الوحيدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.