سياسة التحرير تفاقم أزمة الشراكة
كتب: تاج السر عثمان بابو
.
1
فاقمت المقاومة الجماهيرية الواسعة لسياسة التحرير والزيادات في المحروقات تناقضات وأزمة حكومة الشراكة التي انحرفت عن تحقيق أهداف الثورة في تحسين الأحوال المعيشية والاقتصادية ،بل استمرت في سياسات النظام البائد الاقتصادية في الخصخصة وتحرير الأسعار وتخفيض العملة والخضوع لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين التي جربها شعبنا منذ العام 1978، وكانت النتيجة الخراب الاقتصادي والمزيد من الافقار، وحل الأزمة علي حساب الجماهير وجيب المواطن.
فالاحزاب والحركات المشاركة في الحكومة رغم اصدار بياناتها الرافضة للزيادات، لم تتخذ موقفا واضحا بالخروج من الحكومة ، بل وافقت علي سياسة التحرير يوم شاركت فيها، فقد كشف رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الأحد 13 يونيو في اجتماع مشترك بين وزراء قطاع التنمية الاقتصادية بمجلس الوزراء وشركاء العملية السلمية ، عن توافق مع قيادات الحرية والتغيير، بشأن حزمة السياسات الاقتصادية الأخيرة والتي من أهمها توحيد سعر الصرف ورفع الدعم عن المحروقات،وأعلن أطراف وشركاء العملية السلمية، تأييد القرارات الاقتصادية الأخيرة بتحرير الوقود.
كما استمر الارتفاع في الدولار رغم الحديث عن الهجوم علي تجار العملة وانخفاض الدولار، كما كان يحدث في النظام البائد ، رغم أن الحكومة اصبحت منافسا لهم في السوق السوداء ، فقد ارتفع اليوم الأثنين 14 /6 الدولار في السوق الموازي الي متوسط سعر صرف الدولار 470 جنيها، ووصل أعلى سعر صرف في المزاد الرابع للبنك المركزي، 430 جنيه مقابل الدولار، وأدني سعر حوالي 408 دولار.مما يؤكد استمرار الأزمة رغم الحملة علي تجار العملة.
كما استمر الصراع داخل أطراف السلطة والتصريحات خارج المؤسسية مثل: نفي وزير المالية د. جبريل إبراهيم مجدداً، تسلم وزارة المالية أي أموال من لجنة إزالة التمكين، وكذب في تصريح لـ(الصيحة)، حديث عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح بأن المالية تسلّمت مبلغ 6 ملايين دولار ”كاش”، من ملف استرداد النقل النهري، وأنّ هنالك ملايين الدولارات بطرف الوزارة، علما بان هذه التصريحات من الطرفين تعكس الخلل في الشراكة وتفاقم أزمتها ، فمثل هذه التصريحات يحسمها العمل المالي المؤسسي والايصالات التي تؤكد التسليم والتسلم ، مما يتطلب التقصي لمعرفة اين ذهبت كل أموال الشعب التي تمّ استردادها منذ الاطاحة برأس النظام في 11 أبريل 2019 ؟.
كما يتطلب تشديد الحملة لاستعادة كل الأموال المنهوبة، وضم كل شركات الذهب والبترول والدعن السريع والجيش والأمن والمحاصيل النقدية ، والاتصالات ، وتقليل الصرف علي جهاز الدولة المتضخم والجيش والأمن والدفاع، وتوجيه العائد لتحسين الأوضاع المعيشة ودعم التعليم والصحة والدواء ، والتنمية وصحة البيئة، والتوجه لدعم الانتاج الزراعي والصناعي والخدمي .
2
كما استمر الصراع حول الترتيبات الأمنية من حل المليشيات وجيوش الحركات ، بسبب استمرار مليشات الدعم السريع وتقتينها دستوريا ،وعدم مراجعة الوثيقة الدستورية لحلها ، بل استمرت حكومة الشراكة في سياسات النظام البائد في عدم التصدي للترتيبات الأمنية بحل كل المليشيات وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، والسير في طريق الحلول الجزئية في السلام التي تهدد أمن واستقرار الوطن ، مثل ظهور حركات مثل الجبهة الثالثة ” تمازج” التي حملتها حركة العدل والمساواة السُودانية، مسؤولية الإنفلات الأمني في العاصمة الخرطوم، المحسوب لقوى السّلام،وقالت بأنها صنيعة للإستخبارات العسكرية،وتتبع لمليشيا الدفاع الشعبي المحلولة، كما جاء في تصريحات عضو اللجنة العليا للترتيبات الأمنية في حركة العدل والمساواة السُودانية العميد حامد حجر ل”صوت الهامش” أن اغلب التفلتات التي تحسب ضد قوى السلام نابعة من الجبهة الثالثة تمازج،وأكد بأنها تابعة للاستخبارات العسكرية والدفاع الشعبي. لكن الهدف أكبر من ذلك ، فالانفلات الأمني تخطط له فلول النظام البائد لنسف الفترة الانتقالية، وعدم تحقيق أهدافها كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة ابريل 1985 ، وقيام الانقلاب العسكري أو الانتخابات المبكرة دون تحقيق مهام الفترة الانتقالية..
اضافة لعدم جدية الحكومة واللجنة الأمنية في حسم التفلتات الأمنية منذ بداية الثورة ، وجمع السلاح مع خطورة انتشار اربعة جيوش بالعاصمة والأقاليم وسط المدنيين تتبع لقوات الدعم السريع وحركة تحرير السودان جناح مناوي وحركة العدل والمساواة وحركة تمازج.
يتم ذلك ، رغم ماجاء في مواثيق المعارضة السودانية مثل : ميثاق نداء السودان لإعادة هيكلة الدولة السودانية ، وإعلان الحرية والتغيير حل وتسريح الدفاع الشعبي ومليشيات الدعم السريع وجميع المليشيات التي أنشأها النظام ونزع أسلحتها، ووضع ترتيبات أمنية لقوات الجبهة الثورية لمرحلة ما بعد اسقاط النظام ، وقومية القوات النظامية كحامية للوطن وسيادته، وإعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية (النظامية) بصورة تعكس قوميتها ، وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة ، وتحسين علاقات السودان الخارجية وبناؤها علي أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور ، وعمل ترتيبات أمنية نهائية مكملة لاتفاق سلام عادل وشامل .
3
لكل ما سبق ، فان حكومة الشراكة الحالية تسير في الطريق المسدود الذي أدي لاسقاط النظام البائد ، والانحراف عن تحقيق مهام الفترة الانتقالية، فيمكن أن تتغير الحكومة وتقوم حكومة جديدة تحقق مهام الفترة الانتقالية فاسقاط الحكومة لا يعني اسقاط الفترة الانتقالية ، كما يصور البعض ذلك ، ويقارنون بين الحزب الشيوعي وقوي الثورة الأخري والمؤتمر الوطني العدوان اللدودان الذين التقيا لاسقاط الحكومة.
فالمؤتمر الوطني يهدف الي إلغاء الفترة الانتقالية ، وعدم انجاز استحقاقاتها في تفكيك النظام واستعادة أموال الشعب المنهوبة، والقصاص للشهداء، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية ، وحل كل المليشيات وقيام الجيش المهني الموحد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية،والسيادة الوطنية، وقيام علاقات خارجية متوازنة ، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، للنظر في كيف يحكم السودان، وتحقيق دستور ديمقراطي يكرّس الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، وقانون انتخابات ديمقراطي وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
واضح أن حكومة شراكة الدم سارت في سياسات النظام البائد التي قادت لللازمة المعيشية الحالية والارتفاع الكبير في أسعار المحروقات التي بدورها ترفع كل أسعار السلع والخدمات،اضافة للسير في سياساته القمعية ، والحلول الجزئية التي تهدد وحدة البلاد ، والتفريط في السيادة الوطنية، مما يتطلب مواصلة المقاومة الجماهيرية في أوسع تحالف لقوي الثورة من أجل اسقاط هذه الحكومة، وقيام البديل المدني الديمقراطي ، وتحقيق أهداف الثورة والفترة الانتقالية.