شخص غير مرغوب فيه
كتب: طلحة جبريل
.
****
حققت السنغال نتائج مدهشة، جعلتها تتبوأ المرتبة الثانية بين 36 دولة في مختلف أنحاء العالم بشأن “الصرامة” في مواجهة الوباء.كانت الأولى نيوزيلندا والثالثة الدنمارك بينما احتلت أميركا المرتبة 31 .أجرت الدراسة مجلة “فورين بولسي”عن الدول التي قدمت أفضل أداء في مكافحة الوباء والحد من انتشاره.
أنشأت السنغال مختبرات متنقلة تظهر نتائج الفحص في غضون 24 ساعة وهو الحد الأقصى ، وفي بعض الأحيان خلال ساعتين. مع ضمان وجود سرير في المستشفيات أو الفنادق الى جرى تحويلها إلى مراكز صحية لعلاج المصابين. ثم ضمان حرية الصحافة للوصول إلى المعلومات وهنا بيت القصيد.
انتقل إلى موضوع آخر.
لدي حكاية تروى بشأن مسألة شخصية مع السنغال.إذ هي الدولة الوحيدة في غرب أفريقيا التي لم يتسن لي زيارتها.أرويها لكم على مهل.
في عام 1989 اندلعت أزمة دموية وحرب حدود بين موريتانيا والسنغال ، سافرت إلى نواكشوط لتغطية الأحداث، كانت هناك توترات سابقة بين البلدين، لكن تلك الأزمة اتخذت فيها الأحداث مساراً دموياً ، حيث جرت اعتداءات ضد موريتانيين في العاصمة السنغالية داكار ومدن أخرى ، وكذلك طالت الاعتداءات سنغاليين من أصول موريتانية.نهبت متاجر الموريتانيين وقتل المئات، وفي الجانب الموريتاني كانت هناك ردود فعل وأحداث عنف ضد السنغاليين.
لم أستطع الانتقال إلى السنغال لتغطية متوازنة وكان أقصى نقطة أصل إليها على الضفة الموريتانية من نهر السنغال هي مدينة روصو.
رافقني في تلك الرحلة المصور عبد اللطيف الصيباري رحمه الله ، وفي موريتانيا كان هناك مراسلنا عبدالله ولد محمدي.
غطت الأحداث معنا من الجانب الموريتاني مراسلة بي بي سي “اليزابيث بلونت “.
أرسلت تقارير مفصلة من موريتانيا عن تطورات وتداعيات الازمة، ولأول مرة استعملنا جهاز “بيلينو “لإرسال الصور التي كان يلتقطها الصيباري ، و في معظمها لموريتانيين طردتهم السلطات السنغالية.
أجريت في تلك الفترة حواراً نادراً مع الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، إذ لم يسبق له أن أجرى حواراً مباشراً مع أي صحافي، حيث كانت الرئاسة الموريتانية تطلب أسئلة مكتوبة وترد عليها كتابة.
ثم تمضي الأيام، وكان أن تقرر عقد قمة إسلامية في داكار ،سافرت إلى هناك لتغطية تلك القمة .عقب وصولي إلى مطار داكار، وعندما قدمت الجواز لضابط الجوازات، أدخل الأسم في الكومبيوتر ، حدجني بنظرة غير ودية ، وقال لي الجملة اللاتينية الشهيرة : ”Persona non grata ” أي شخص غير مرغوب فيه.
لم أعد إلى السنغال مرة أخرى ولا أعرف إذا كنت مازلت حتى اليوم شخصاً غير مرغوب فيه.
*****