صوت شكر لأبطال القطاع الطبي

0 80

كتب جعفر عباس:
أول طبيبين يتوفاهما الله خلال عملهما في مستشفيات بريطانيا، سودانيان هما عادل عثمان الطيار (زراعة الكلى) وامجد الحوراني (أذن وانف وحنجرة)، استشهدا وهما يعملان ليل نهار لمعالجة المصابين بفيروس الكرونا، وليس غريبا ان يكون طبيبان سودانيان في الخطوط الأمامية في أي معركة ضد المرض، وليس ذلك فقط وليد تمسك الطبيب السوداني بأخلاق المهنة بل بتمسكه بأخلاق أهله، فهذه تربيتنا، وأقول هذا وأنا ضد الفشخرة الفارغة بأن الله لم يخلق مثلنا في العباد والبلاد، وأننا قوم نأكل النار وال”بدور الدم يجي عندنا/ الله لي يا الله”
ولكن التجارب والمحن تثبت مرة تلو أخرى أننا قوم متكافلون يشد بعضنا بعضا، والطبيب السوداني وليد هذه الثقافة: هل يمكن ان ننسى وقفتهم الباسلة ضد عصابة البشير؟ كانوا أول من نظم اضرابا بعد انقلاب 1989 المشؤوم وتم اعتقال د. علي فضل وتكسير أضلاعه ثم غرس مسمار في رأسه فاستشهد وكتبوا في تقرير الوفاة انه مات بالملاريا. وكانوا اول شريحة مهنية تهب في ديسمبر 2018 مع بداية الحراك الثوري ضد النظام المجرم، ونصبوا العيادات في ساحة الاعتصام وسقط منهم شهداء وجرحى، وهم اليوم في خط النار الأول في معركة الكرونا، وهم بالتالي الأكثر عرضة لاحتمالات المرض والموت، لأنهم يتعاملون مع الفيروس وجها لوجه، في بيئة يسود فيها الجهل والاستخفاف بالمخاطر، حيث يعتبر البعض الإصابة بالكرونا عارا، ويخفون أمر إصابتهم به، كما حدث مؤخرا عندما أنكرت عائلة مريض بالكرونا أنه مصاب بها ورفضت عزله، وبعد انكشاف الإصابة تم حجر 11 من كوادر التمريض والطب وخسرنا خدماتهم لأسبوعين وربما أكثر
التحية لأطباء بلادي، والتحية للصيادلة وقد حشدوا كتائبهم لتصنيع وتعبئة سوائل التعقيم وتوزيعها مجانا، والتحية للجان المقاومة التي شكلت عشرات المنظمات للمشاركة في حملات التوعية بمخاطر الكرونا وتوزيع مواد التعقيم، وأبشر أهلنا الصامدين في الداخل بأن أخواتهم وإخوانهم في بلدان الاغتراب قطعوا أشواطا طويلة في جمع أموال طائلة لمساندة وزارة الصحة في جهودها لتطويق المرض والاستعداد لما هو آت
فبرغم ما تعانيه بلادنا من أزمات على صعيد “المعيشة” إلا أن أزمة الكرونا أخرجت وأظهرت أفضل ما فينا من صفات، وهي أن تشيلني وأشيلك في ساعة المحنة، وفجرت ينابيع الإبداع، وها هو شاب من السوكي يخترع جهازا للتعقيم يعمل بالاستشعار أي بدون لمس: تضع يدك أمامه ويبخ فيها السائل المطهر، ومهندس في مدني صنع مضخة عملاقة للتعقيم يتم تشغيلها بالضغط الخفيف بالقدم
التحية لشعبنا العملاق صانع التاريخ الذي سحق الضلال، وسيسحق الكرونا بإذن الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.