علمانيفوبيــــــــــــا – إيقاظ جدل القرون الوســــــــــــطى !.
كتب: آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ
تستقل بصاً ذاهباً به إلى وجهتك والمطلوب منك ليس كثيراً، إلتزاماتك لا تتجاوز إيفاء الأجرة والبقاء فى المقعد، تفاعلك مع غيرك تحدده قيمك، ثقافتك، دينك وأشياء أخرى تعرفها وطالما لا تمارس تضييقاً على آخر، تظهر تحضراً فلا تأتى بفعل مخل بالسلامة سيظل جهد السائق ومركبته مكرساً لمهمته الحقيقية. لن يكترث بثرثرتك أو يسألك عن دينك وقبيلتك، بل لن يهمه إن كنت ذكراً أم أنثى أم شيئاً بينهما، فتراه منشغلاً بالأكثر أهمية مثل الحالة المرورية والطقس والمحرك والإطارات وغيرها من الأمور التشغيلية، وإن أتى بسلوك آخر تجاه الركاب سيكون مفارقاً للمهنية، نازعاً عنه أهليته.
مثل هذه النقاشات كانت تدور فى القرن السابع عشر الميلادى، عندما كانت الأصوات تعلوا منادية بضرورة الفصل الواضح بين سلطات كل من الدولة والدين، وتلك بداية تشكل الملامح المبكرة للعلمانية كضرورة ملجئة فى جو طغت فيه سلطة رجال الدين فباتوا كالأمراء، وأثرياء طفح الكيل بفسادهم – ذو النون أكد أن جده كان إلها، شكراً له على جرأته –
تلك حقبة أمكن تجاوزها كى تنشأ الدولة بمفهومها الحالى على أنقاض سلطة البابوات وأمراء الإقطاع بمسئوليات أكثر وضوحاً، فأعيد رجال الدين إلى حجمهم الطبيعى وإلى مهامهم الأصلية ومنطلقات عقائدهم المتمثلة فى الدعوة إلى ترسيخ القيم وتقويم سلوك المجتمع برضاه.
سيكون ضرباً من الجنون مجرد إقدام أحد على سؤال عن نوع دين البص ودرجه تصوفه، أو كفره، والجدال حول موته وبعثه ومحاسبته يوم القيامة، وإن ظهر رجل دين هنا سيلزم حده، لن يقفز إلى المقود أو يتدخل لتحديد وجهته، سيجلس راكباً مثل غيره وإن شاء بإمكانه ممارسة الوعظ والتبشير من كرسيه، إذن وحيث معظم الأديان القديمة لم تشر نصوصها إلى كيان كهذا – إكتفت بمخاطبة نظم الملوك الشائعة وقتذاك – يكاد لا يرى فرق بين الدولة المبتكرة والعلمانية وأية محاولة لإصباغها بعقيدة ستكون كمن يوضئ مركبته ويهيئها دينياً كى تحضر معه صلاة جمعة أو قداس أحد.
الزهد سمة تجتمع عندها الأديان، رجالها ليسوا كلهم زاهدين ولا ملائكة منزهون، نداء الغرائز تطغى عليهم مثل غيرهم من العامة، لديهم طموحات سلطوية نجومية، وقد برهنت الأيام خطورة شهواتهم المغطاة بكسوة جسدت هيبة الملوك القدامى – لم يثبت أنها بأمر الله – وتمتعهم بمهارة توظيف النصوص المقدسة لتحقيق الغايات ونقصد من إختار هذا الدرب.
الإبتكار قديم والمحبط مكابرة السائق وتشبثه بمواقف مضى عليها الدهر، بقاءه وأبقاءنا معه عند محطة موغلة فى الماضى السحيق فيما الشعوب الذكية التى تعرف ما تفعل، حددت للمركبة مهامها وللسائق مساره – ما يجب إقلاقه وما لا شأن له به – فإنطلقت المسيرة، وحدث ما حدث.
لا بأس، سنعود إلى جدلنا البيزنطى، وقريباً نثبت للعالم أن الدجاجة خلقت قبل البيضة.
– اثق أنه لم يفت عليكم أن: البص يمثل الدولة والسائق هو الحكومة –