عن محاولة تفكيك الثورة

0 62
كتب: جعفر عباس
.
لا يتناطح كبشان حول ان أداء حكومة حمدوك لا يشي بأنها نتاج ثورة شعبية باسلة، بل أصيبت شرائح واسعة ممن صنعوا تلك الثورة بحالة من الإحباط الشديد وهم يرون أمر الثورة التي قدمت كتائب من الشهداء يؤول الى حفنة من الأفندية، لا يملكون حتى فضيلة التواضع التي تجعلهم يخاطبون الشعب ليشرحوا له لماذا يقدمون على هذه الخطوة او تلك؛ وفي تقديري فإن منشأ خيبة الحكومة الراهنة هو أنها دانت بالولاء لقوى الحرية والتغيير (قحت) التي نالت ثقة جماهير الثورة حينا من الدهر، ولكن ما ان جاءت ساعة التكالب على الغنائم حتى ظهر عوار ورخاوة وهشاشة معظم مكوناتها.
وظلت لجنة تفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة هي الكيان الوحيد الذي يستهدي بشعارات ثورة ديسمبر، ووضعت قبل أيام قليلة 4 مليارات جنيه نقدا في الخزينة العامة، الى جانب أصول قيمتها مليار دولار تم تسليمها لإدارة الأموال المستردة التي تم تشكيلها مؤخرا لإدارة كل ما تنتزعه اللجنة من لصوص المال العام، وهناك لجنة مصغرة تعمل على استرداد مليارات الدولارات المسروقة من البنوك الأجنبية.
وظلت لجنة تفكيك التمكين تتعرض لنيران النقد من “الجداد” الالكتروني والمتضررين من محاربة الفساد (وكثير منهم لم يكونوا من اهل الحكم ولكن من المستفيدين جدا من فساد الحكم)، ومنذ فض اعتصام القيادة العامة بمجزرة 3 يونيو 2019 كان معلوما ان جنرالات الجيش عازمون على الانفراد بالحكم ولكن وتحت الضغط الشعبي (موكب 30 يونيو 2019) قبلوا على مضض بتشكيل حكومة شبه مدنية، ولكنهم لم يتوقفوا عن “الحفر” للحكومة بل ويتكلم أعضاء في مجلس السيادة مرارا عن فشل الحكومة وكأنهم مراقبون محايدون متناسين انهم يمثلون رئاسة الحكم والدولة.
ودخل العسكر المعركة ضد لجنة تفكيك التمكين وصولا الى حمل رئيسها الفريق ياسر العطا على الهجوم عليها ثم الاستقالة منها، ثم كان ما كان من أمر فتح عبد الفتاح البرهان بلاغا ضد مقرر اللجنة د. صلاح مناع بتهمة إشانة سمعته لأن مناع قال أن البرهان امر بعدم ملاحقة التركي شعبان أوكتاي والسماح له بمغادرة البلاد رغم انه كان يخضع للتحقيق في أمر مئات الملايين من الدولارات، كما أمر بسحب بلاغ بالفساد ضد وداد بابكر زوجة الرئيس المخلوع، وأوضح مناع ان النائب العام هو من أعلن عن تدخل البرهان لصالح أوكتاي ووداد
ونترك القانون يأخذ مجراه، ولكن لابد من التنويه بأن عناصر التآمر على الثورة باتت مكتملة الأركان وان كل من يستهدف لجنة تفكيك التمكين متضرر من الثورة ومن كشف الفساد بحكم الولاء او الاستفادة من النظام البائد، وفي تقديري فإن الثورة بحاجة الى تصحيح لتعود الى منصة التأسيس لكنس دهاليز الحكم من العناصر الهشة الفاشلة، ويقيني أيضا ان العسكر ورطوا أنفسهم في معركة مكشوفة ولكن خاسرة مع القوى التي تنشد “التغيير” الحقيقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.