عن مواكب اليوم 21 اكتوبر

0 66

كتب: جعفر عباس

.

من المؤكد ان الجماهير الديسمبرية ستخرج اليوم بأعداد غير مسبوقة لتقول للعسكر وحلفائهم الجدد أن مسعاهم لسرقة الثورة وتجييرها لصالح طموح عبد الوهاب البرهان (كما يقول مني مناوي) أمر بعيد المنال، فقد حاول البرهان وحميدتي إقامة حكم عسكري صرف ما بين ابريل وسبتمبر 2019 وخاب مسعاهم رغم ما أنفقوه من رصاص.

منذ المحالة الانقلابية الفاشلة في 21 سبتمبر الماضي والبرهان يلعب على المكشوف لتأليب الجيش على حكومة حمدوك، ويتكلم هو وحميدتي عن فشل المدنيين وكأنهما صحفيان في سي ان ان، وليس شاغلَي أعلى منصبين دستوريين في البلاد، وتعمّد عسكر المجلس السيادي عرقلة استكمال هياكل الحكم وتشكيل المحكمة الدستورية ومفوضية الانتخابات واختيار رئيس القضاء والنائب العام؛ بل اعتبر البرهان المطالبة بهيكلة القوات النظامية وتوحيد الجيش هرطقة، بينما ثبت ان في جيشنا عناصر تدين بالولاء للنظام القديم وحاولت الانقلاب على الحكومة الانتقالية خمس مرات خلال ال26 شهرا الماضية، وكان أكثر مجالات فشل الحكومة الحالية هو الأمن وهو الذي أمره بيد العسكر، بدرجة ان هناك من استنتج ان العسكر يغذون الانفلات الأمني ليجدوا ذريعة لفرض حالة طوارئ تجعل العسكر الكل في الكل في أمر الحكم.

من الواضح ان هيجان البرهان وحميدتي الراهن مرده أن أوان رحيل البرهان من رئاسة مجلس السيادة قد حان، وبرحيله يفقد حميدتي منصبه المفبرك وغير الدستوري، وفي سبيل ليّ ذراع المدنيين لانتزاع تنازلات منهم تسمح ببقائهما في قمة الهرم اختلقا الازمة الحالية، ثم وجدوا في بعض شركاء السلام المعطوب الذي أتت به اتفاقية جوبا حلفاء ينادون بلا حياء بتفويض الجيش لاستلام السلطة (سلام جوبا تسبب في تفجير أزمة الشرق الحالية لأنه جعل امر الشرق في أيدي نفر لا يمثلون الشرق كما سمح لمستهبلين بتمثيل الشمال والوسط).

وتم ضخ المليارات للحشد لما يسمى باعتصام القصر، بل وأزيلت من طريقهم الحواجز الاسمنتية الموضوعة أمام القصر، بينما كان يتم ضرب أي موكب حاول الاقتراب من القصر بقنابل الغاز خلال العامين الماضيين (كان الهتاف الذي بدأ به اعتصام الحاشي والمحشي والأقاشي: الليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع- بيان الانقلاب العسكري)، واليوم تسرح الخرفان أمام القصر في استعراض للعضلات المالية للداعين لتفويض البرهان جهرا او سرا ولن يتم فض ذلك الاعتصام ولا بالورود، بينما تم فض اعتصام القيادة العامة بالبارود.

ومع هذا فمن المهم جدا ان تتذكر القوى المدنية والعسكرية ان شراكة الحكم بينهما على علاتها تمليها الوثيقة الدستورية، وان فض هذه الشراكة سيعيد البلاد الى مربع التيه والفوضى، وعليه ينبغي ان تستمر الشراكة بلا مشاكسات ومناكفات صبيانية من أي طرف، وفي نفس الوقت على حكومة حمدوك ان تدرك أنه ورغم انها ما زالت تتمتع بسند شعبي- ليس لأن أداءها مقبول ولكن لأنها على الأقل مستوفية شرط المدنية، فلابد ان تكون أكثر فعالية في الالتفات الى القضايا التي تمس حياة الناس اليومية، وعلى قوى الحرية والتغيير “الأصل” التي تعترف بها الوثيقة الدستورية ان تدرك انها لا تملك شيكا على بياض لتفصيل المناصب على مقاسات بعض قياداتها، وأن دفاع الديسمبريين عن مدنية الحكم لا يعني الدفاع عن قحت او عن حكومة عاجزة ومترنحة، فالكيان الحاكم كله بحاجة الى هزة ورجة قوية كي “يستعدل”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.