فيم تنشغل الأجهزة الأمنية؟! (2/2)
كتب: الحاج ورّاق
.
• ولأن نظام الإنقاذ كان مغلقا أمام المنافسة المفتوحة، حتى بين قياداته وكوادره، استخدمت أجهزته وسائلها التي حذقتها في الصراعات الداخلية، فانتقلت الوحشية تجاه الآخرين إلى وحشية تجاه النفس أيضاً!. فحق عليهم المثل السائر: (التسوي كريت في القرض تلقى في جلدها)!.
• وكانت أجهزة الانقاذ تخرب القوى الأخرى لصالح ظهيرها السياسي، ورغم اتضاح ان خراب الآخرين ينتهي الى الاضرار بمتعهدى الخراب ايضا، لكن للمفارقة فان المخربين الحاليين ليس لديهم ظهير سياسي يتوهمون انهم يخربون لصالحه!.
وإذ خربت وأضعفت أجهزة الانقاذ القوى السياسية والمدنية فازينت لها أوضاع سيطرتها وظنت ألا قادر عليها، انفجرت عليها انتفاضة الجماهير العفوية متجاوزة ( تدابير) الاجهزة لـ(تجديد المنقار) فى عملية تغيير محدود متحكم به، فانهدمت أهم أعمدة بنيانها وخر عليها السقف. إذن فتمزيق القوى المدنية والسياسية لا يجعل الانظمة بمنجاة من انتفاضات الجماهير، بل وحين يحدث المحتوم، فان تحركات الجماهير غير المنظمة تكون اشد جذرية وفتكا بقيادات وكوادر الانظمة المبادة !!.
وحكاية أجهزة الانقاذ هي ذاتها حكاية أجهزة أكثر منعة واقتدارا، كأجهزة النازية والفاشية والستالينية . ولذا فالدرس الصحيح انه ما من (فرعنة) قادرة على مواجهة انفلاق بحر الجماهير.
• والاهم أن تمزيق القوى المدنية والسياسية والحركات يتناقض مع متطلبات البناء الوطنى، وهذه خلاصة لم تعد مجرد استنتاج نظرى وانما كذلك نتيجة شاخصة على الارض، حيث ادى جزام الانقاذ – الايديولوجى والسياسى والأمني – لانخلاع جنوب السودان، وإذا استمر فالمؤكد أن يؤدي لمزيد من تقطيع أوصال البلاد.
• ثم ان أجهزة الانقاذ كانت تعمل في ظروف مغايرة كلياً عن الظروف القائمة حالياً- ظروف الشمولية، ولولا الطمع الذي يعمي البصر والبصيرة لفهم المخربون الحاليون انه لا يمكن استخدام الوسائل القديمة في ظروف جديدة مغايرة !.
• والخلاصة، ان الكتالوج القديم قادر على مزيد من تخريب البلاد، على خرابها القائم، بما يؤدى الى تخريبها خراباً كاملاً وشاملاً، لكنه غير قادر على تنصيب استبداد عسكرى جديد فاعل ومستقر حتى ولو لفترة بسيطة !!.
• لا مستقبل للسودان بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون اصلاح عسكري أمني .
• ويا حمدوك، فوق اى محاججات نظرية او تاريخية، البداهة تقول ان اولوية اى حاكم فى الدنيا ان يحافظ اولا على سلطته، غض النظر عما يريد فعله بها، فهل رأيت رحمك الله حاكما حافظ على نظامه دون ان يضمن ولاء أجهزة أمنه؟!.. ويا لها من خيبة ان نذكر رئيس وزرائنا المدني بالبداهات!!.