في مولده صلى الله عليه وسلم: حرية التعبير فكرة عظيمة أزف وقتها كما قال غاندي

0 105
كتب: د. عبد الله علي ٌبراهيم
.
(الصفوة وريثة الحداثة الاستعمارية “صِديقة” للغرب. فإن قال إنه على عقيدة حرية التعبير مثلاً حتى لتطال المقدس أجازوه. ومتى ما شتم رسام منهم أفضل خلق الله “انحشروا في ضفورهم” يمضهم التعريض به ولكنهم لا يحركون ساكناً تفحمهم حجة الغرب عن جواز ذلك عملاً بحرية التعبير. وحرية التعبير مطلب مقدس في حد ذاته ولكن وجب السؤال: هل اكتمل في الغرب هلالاً أم أنه ما يزالون يختلفون حوله فتنهض جماعات منهم ودول تدفع عن مقدسها دفعاً شديدا؟ وهذه المقالة خاتمة لكلمات نظرت في حادثات في الغرب وقوانين شاهدة على أن حرية التعبير ليست منتجاً مفروغاً منه في حاضنتها ذاتها كما في روع صفوتنا المستغربة بل مشروعاً لم يكتمل بعد)
لم تزل مادة تجريم الزندقة في كتاب قواني إنجلترا حتى ألغتها في 2008 وإن قصرتها على الإساءة للمسيحية دون غيرها من الديانات. ومن العجب أن بريطانيا احتفظت بهذه المادة برغم أن آخر محاكمة علنية بمنطوقها كانت في 1922، وآخر محكمة من نوعها انعقدت في 1977 لناشر صحيفة، دينس ليمون، أورد قصيدة عن حب شاذ للمسيح، وقضت بسجنه مع إيقاف التنفيذ. وظلت الجمعية العلمانية البريطانية تدعو إلى إزالة مادة تجريم التجديف الديني من دفتر القانون لمائة وأربعين عاماً. بل عُرض الإلغاء على البرلمان البريطاني خمس مرات منذ 1995 ولم يجزه إلا في 2008. وسيروعك النفاق الغربي والبريطاني عن حرية التعبير خاصة إذا علمت أن وصم المسلمين بالتخلف والرعاعية لمطلب جمهرتهم محاكمة سلمان رشدي بالتجديف في 1988 جرى وبريطانيا معتصمة بقانون كان سيجرم رشدي نفسه (متى اساء للمسيح) كمرتكب كبيرة لو عرض على المحاكم البريطانية.
ومن أفضل من نبه إلى هذا النفاق الأوربي الصحافي كيم ميرفي من صحيفة اللوس إنجلس تايمز. فقال إن بريطانيا استنكرت في 2007 إتهام المعلمة البريطانية بالسودان، جيلان قيبونز، بالإساءة للإسلام حين سمت دبودباً باسم “محمد” في المدرسة التي عملت بها في الخرطوم. وقال ميرفي إنه فات على بريطانيا أن قوانينها كانت تقاضي لوقتها المسيء إلى الدين المسيحي.
أما حجب حرية التعبير في أمريكا فهو مما تقوم به دوائر المال والأعمال كما تقدم. وعلاوة على ذلك فالقوانين ضد التجديف الديني تحديداً ماثلة ما تزال في قوانين ولايات في استنارة ميريلاند، وماسوشتس، وبنسلفانيا. ولم يسلم منه في بنسلفانيا، التي شّرعت ضد التجديف في 1977، مرتكب هذه الكبيرة إلا بتدخل قضاة الفدرالية وإعمالهم التعديل الأول من الدستور الأمريكي الكافل لحرية التعبير. وكانت الولاية وقتها مسرحاً لمحاكمة العرض الموسيقي “جيري سبرنقر: الأوبرا” إدعت فيها منظمة مسيحية إساءة العرض لدينها.
لا تثريب على الغرب أن يغش في عرض بضاعة حرية التعبير ولكن المعيب حقاً أن تصدق صفوتنا المستتبِعة اكتمال تلك القيمة واستدارتها بين ظهرانيه. فبمثل هذه الغفلة نأذن له أن يشهر بأفضل البشر باسمها وهي هلال لم يكتمل بدراً بعد. ومتى أفحم الغرب الصفوة بقدسية حرية التعبير تواروا عن مشهد الغيرة على أفضل البشر وتركوا الدفاع عنه لغمار المسلمين بما وسعهم من حيلة. وما أحرانا هنا بقدوة غاندي. قيل له ما رأيكم في الحضارة الغربية؟ قال: هذه فكرة عظيمة آن أوان تحقيقها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.