قراءة نفسية لبوتين وأثرها في احتمالات الحرب النووية تتوقف الحرب في أوكرانيا على أفكار ومشاعر رجل واحد

0 95

بقلم روز مكديرموت وريد بولي وبول سلوفيتش
30 مايو 2023: فورين افيرز
ترجمة وتحرير مركز تقدم للسياسات

يعد هذا المقال من ابرز ما كتب في تحليل شخصية بوتين من أساتذة سياسة وعلماء نفس سياسي مرموقين في الولايات المتحدة، وهو مقال طويل ، نعيد تركيبه واختصاره بما يفيد ابراز الأهم في تحليل احتمالات الحرب النووية اذا ما اصر الناتو على حشر بوتين في الزاوية ، وهو ما حذر منه عدد من الساسة المخضرمين والعلماء المستقلين واخرهم شيخ الدبلوماسية هنري كيسنجر

– بعد وقت قصير من توبيخ الغرب لروسيا لغزوها لأوكرانيا عام 2022 وفرضها عقوبات مالية ذات نطاق غير مسبوق، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه كان يضع القوات النووية لبلاده في حالة تأهب قصوى. أصدر الكرملين العديد من التهديدات النووية منذ ذلك الحين، بعضها موارب وبعضها صريح.
– يعتقد البعض حتى الآن أن روسيا قد تحولت إلى نهج يُعرف باسم “التصعيد من أجل خفض التصعيد” ، والذي يرى أن التصعيد النووي يمكن أن ينزع فتيل الأزمة من خلال إثبات التزام المرء بالتدمير وإجبار العدو على الاستسلام. في أوكرانيا، قد يعني ذلك استخدام عدد قليل من الأسلحة النووية التكتيكية منخفضة القوة في ساحة المعركة – والتي حذر مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز وعدد من القادة العسكريين الأمريكيين رفيعي المستوى من احتمال حدوث ذلك. بوتين، من جانبه ، قال “إن روسيا تحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية إذا واجهت تهديدًا “وجوديًا”.
– لكن التهديد الوجودي من وجهة نظر بوتين والعقيدة الاستراتيجية الروسية غير واضح المعالم. ويتعلق الى درجة كبيرة برؤية بوتين الشخصية وعقله وحده ونظرته للعالم، فهو يحتفظ بالسيطرة الكاملة على الترسانة النووية الروسية، وإن كان ذلك خاضعًا لشرط “مفترض” أن يصادق وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة على أوامر الإطلاق. بعبارة أخرى، ترجع الإجابة على أحد أكثر الجوانب غموضًا في الأزمة الحالية: الى حالة عقل بوتين ونظرته إلى العالم.
– سياسة الناتو وتورطها الكامل في الحرب التي تقترب من التورط المباشر، وفشل بوتين في سياسة التهديد النووي وحافة الهاوية وتوسيع المناطق المعادية الى 800 ميل بانضمام فنلندا لحلف الناتو يصبح استخدام الأسلحة النووية ضرورة لخططه وتحركاته المستقبلية.
– التحيز المعرفي الذي قد يقلب الميزان، هو الصعوبة التي يواجهها السياسي في حساب المعاناة الجماعية. هناك قول مأثور ينسب الى ستالين أن “موت رجل واحد هو مأساة؛ لكن موت مليون انسان هو إحصائية ” يقوم بها بشر جفت دموعهم، تلك المقولات تقلب الحسابات الخاطئة عن التعاطف. فمع زيادة عدد الأرواح المعرضة للخطر، يبدأ التخدير النفسي اضعاف حساسية الناس، وكلما زاد عدد الذين ماتوا، قل الاهتمام.
– يسوق الباحثان استطلاع راي اجري عام 2017، كنموذج للمقايضة العاطفية بين استخدام قنابل نووية ضد ايران قد تقتل مئة الف انسان مقابل مخاطر مقتل 20 الف جندي امريكي، أيد أكثر من نصف المستجيبين الخيار النووي، في سيناريو ثانٍ ، ارتفع عدد القتلى المتوقع إلى مليوني مدني إيراني. المذهل ان نتيجة الاستطلاع لم تتغير تماشياً مع تأثيرات التخدير النفسي، ووهم حماية الامن القومي. وميل الى الاعتقاد بأن الضحايا الإيرانيين يستحقون مصيرهم وأن قصفهم فعل أخلاقي وفاضل.
– لا يزال من المستحيل تحديد احتمال دقيق لتصعيد نووي محتمل من قبل روسيا، ولهذا لا خيار برايهم غير البحث النفسي وقراءة المراحل المبكرة لعملية صنع القرار وتقدير الموقف، وكذا عوامل مثل تأثير التخدير النفسي، ومفهوم “العنف الفاضل” من اجل المساعدة في الكشف عن كيفية تقييم زعيم مثل بوتين للمخاطر – من استخدام النووي الذي يرجح نسبيا.
• ينشغل المقال بكليته في دراسة الحالة النفسية والعقلية للرئيس بوتين بناء للنظريات السلوكية، وهل يمكن ان يصل الى سياسة حافة الهاوية النووية التي يتبناها أو يتجاوزها.
• الخلاصة التي يصل اليها الدارسون لشخصية بوتين والتي تلخص بانها مزيج من قواعد الانحيازات النفسية والمعرفية، جنبًا إلى جنب مع بعض الميول النفسية المميزة، تدلل بالنسبة لهم: أنه خطير للغاية إذا شعر بأنه محاصر في الزاوية، مع تداعيات هائلة محتملة حين تبدأ أوكرانيا هجوم الربيع.
• أهداف بوتين الشخصية: في الاستمرار في قيادة السلطة بأمان وطموحه لقيادة إمبراطورية روسية حديثة إلى عصر ذهبي جديد. كلا الهدفين سيكونان في خطر إذا استمرت الحرب في أوكرانيا في التعثر.
• لا يزال بوتين يشعر بالضيق من الإذلال بسبب طريقة تفكك الاتحاد السوفيتي، ويرى نفسه على أنه يحتل مكانة فريدة في تاريخ روسيا. إنه ويكرر درس بطرس الأكبر الذي تمكن من استعادة الأراضي المفقودة وإعادة بلاده إلى مكانتها السابقة كقوة عالمية كبرى.
• تحمل شخصية بوتين هذه السمات النرجسية التي تميل إلى تضخيم قوة التخدير النفسي وتقليل إدراك المرء لقيمة حياة الآخرين – إذا بقي اعتبار لهذه الحياة على الإطلاق.
• قسوة بوتين أسطورية وقد خدمته بشكل جيد في الحصول على السلطة والمحافظة عليها. انتقامه لمن ينتقده أو يقف في طريقه. لديه سجل طويل في سجن واغتيال المعارضين السياسيين والمعاقبة على جرائم الحرب في الشيشان وأوكرانيا. يصور الحرب في أوكرانيا على أنها قتال صالح ضد النازيين ويجرد أولئك الذين يجرؤون على انتقاده من إنسانيتهم ، مشيرًا إلى معارضي غزوه على أنهم البعوض الذي يطير حول فمه ويجب أن يبصقه على الرصيف.
• من كتاب السيرة الذاتية لبوتين الشاب “لينينغراد بعد الحصار”، للصحفية ماشا جيسن ، يشار الى اعتقاده بأن الوحشية هي مهارة بقاء. ، وفي الفصل الخاص عن مسقط رأسه التذي تصفه بعبارة انه نوع من الأمكنة ، “الوضيعة الجائعة والفقيرة التي تخلف أطفالًا لئيمين جائعين شرسين”. فقد كان بوتين الشاب بحسب الكاتبة سريع الغضب بشكل متناسب، إذا أساء إليه أحد، فإنه “كان يقفز على الفور على الرجل، ويخدشه، ويعضه ، ويشد شعره – ويفعل أي شيء على الإطلاق حتى لا يتمكن أي شخص من إذلاله بأي شكل من الأشكال. ”
• بالإضافة إلى ذلك، تأثر بوتين بشدة من خلال تجربته كضابط شاب في KGB في دريسدن في عام 1989، في وقت قريب من سقوط جدار برلين. لقد صُدم من السرعة التي انهار فيها نظام ألمانيا الشرقية، وشعر بالخيانة بسبب عدم استجابة موسكو. يمكن إرجاع رغبته اللاحقة في السيطرة والثروة، بالإضافة إلى شبكته الاجتماعية الدائمة، إلى هذه التجربة المبكرة للتغير الاجتماعي السريع.
• كقائد، صعد بوتين من عقلية الحصار إلى ما وصفه الصحفي ميشيل إلتشانينوف بأنه شعور دائم بالضحية، وتركيز على الإهانات الواضحة والإهانات الموجهة ضد روسيا. فقد طور، على مدى عقود، رؤية مذعورة عن العالم، ولكنها متماسكة. روسيا، في رأيه، كانت لقرون ضحية لمحاولات احتوائها وتقطيع أوصالها. وفي أوكرانيا، أخذ بوتين على عاتقه مرة أخرى أن يقاوم.
• في ضوء ذلك لن تدفع الخسائر الفادحة في ساحة المعركة ولا العقوبات الاقتصادية، الرئيس بوتين إلى التراجع. فهو منشغل بشكل فريد بالأمن القومي وبحاجته الخاصة للسيطرة. من المؤكد أنه يعتبر هجومه على الأوكرانيين أمرًا فاضلاً، وحفيد رجل حارب النازيين في الحرب العالمية الثانية. كل هذا – التخدير النفسي، والأهمية القصوى للاعتبارات الأمنية، والعنف الفاضل المزعوم – ينذر بأنه لن يسعى إلى السلام دون استسلام أوكرانيا.
• بعض التقديرات تقول ان بوتين قد يراهن على أن الوقت لا يزال في صفه وأنه حتى حرب استنزاف غير نووية مطولة ستقضي على آلة الحرب الأوكرانية وداعميها. لكن تركيزه النرجسي، الذي يركز على الحفاظ على قبضته على السلطة، يمكن أن يؤدي إلى تقليص الأفق الزمني بشكل كبير. مع استمرار جنرالاته وقادة “ميليشياته ” في الاقتتال الداخلي، قد يخاطر أكثر لإنهاء الحرب في وقت أقرب.

المقال كاملا : https://www.foreignaffairs.com/ukraine/putin-and-psychology-nuclear-brinksmanship

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.