كورونا الملابس المستعملة: طلق دي ليه وعرس دي ليه

0 100
كتب: عبد الله علي إبراهيم
أسعدني أن جمعية حماية المستهلك رفعت عقيرتها معنا تطلب التحقيق في ملابسات قرار هيئة المواصفات عن شحنة الملابس المستعملة الشهيرة. ومعلوم أن هذا الإفراج تم بضغط من وزارة مجلس الوزراء لحد فصل مدير الهيئة الدكتور شريف محمد شريف الذي لم يصدق بالإفراج ممتثلاً لقرار حكومي حجر استيراد هذه المادة. وما أسعدني في دخول حماية المستهلك ساحة الملابس هذه في إضافة صوتها القوي إلى رقابة المجتمع المدني على أداء الحكومة الانتقالية انتظاراً لتكوين المجلس التشريعي وما بعده. فالحاجة قائمة وملحة لبناء فضاء حر لمساءلة الدولة ليس من جهة أخذ المآخذ عليها وحده بل ولتثمين مساعيها الغراء في شرط موروث مستحيل يشفقني كل يوم على من تولى الأمر عنا.
نقد أداء الدولة، أي دولة أو أي مؤسسة، كالطبيعة لا يحتمل الفراغ. فإن لم يقم به من وثقوا في الحكومة الانتقالية للعبور بنا إلى سودان ما بعد الإنقاذ واضرابها تولاهوا عنا من لا يحسن الظن بها، ومن هم فلول الثورة المعارضة عديل كده. وصدف إنني انتمى إلى مجموعة واتس شغلها الشاغل مناقرة الانتقالية. وينهش افرادها في الانتقالية باختراع العوار لها ناهيك حين لا “تقنطر” الحكومة هل لهم مثل هذا الخطأ البين حول الملابس المستعملة فحسب بل تستنكف الرد على المسائل تسد هذه بطينة وتلك بعجينة.
وهنا الشق الآخر في بناء تقليد نقدي حريف للفترة الانتقالية وهو امتثال الانتقالية للنقد وخروج المسؤول في حالتنا هذه لبيان ما صح بيانه. ومتى لم نتواثق على توطين النقد للانتقالية بشقيه (المساءلة والامتثال) اختطفه ذوو النيات السيئة وهم عدد في الليمون. وظللت احتج على معارضي الإنقاذ لعقود لصمتهم عن نقد الحركات المسلحة المفرطة من لدن قرنق حتى عبد الواحد. وأقول لهم إنه، متى رفعتم عنها القلم، فسيتولاه عنكم الطيب مصطفي ويجعل منه صناعة ناجحة تربح منها وسط قطاعات واسعة من الشعب. فهذه القطاعات ترى ما يستحق النقد في الحركات وإن لم تجده عند رفاق سلاحهم المعارض بحثوا عنه عند غيرهم. ويكفي مثلاً أن كانت “الانتباهة” هي الصحيفة الأكثر قراءة في جوبا ذاتها، والأولى توزيعا في الخرطوم. فنجحت في لملمة شعث خطاب الانفصال الشمالي لتجعل منه قوة سياسية معتبرة. واسأل أي جنوبي مهموم اليوم عن سبب تصويته لصالح الانفصال فستجد سفه “الانتباهة” السياسي ذريعتهم الأولى للغرض. وربما قال بعضم ذلك تجملاً.
توقعت من السيد الوزير عمر منيس امتثالاً أفضل مما رأيت للنقد المصوب لدوره في محنة الملابس المستعملة. وهذه المحنة دون غيرها مما يؤخذ على الانتقالية (مثل دعوة الأمم المتحدة) طعنت في صميم روحانية الثورة. فيقع كثير مما يؤخذ على الانتقالية في باب الاجتهاد أما واقعة الملابس المستعملة فتقع في منطقة الأخلاق والعفة وطهارة اليد. وهو الإقليم في السياسة الذي أمغص السودانيين من الإنقاذ لحد طمام البطن. فكان لأهلها شعواء سفالة في الفسق وتعاون عظيم عليه؟ فعبروا بخستهم حدود ما بعد الشيطان في حين زعمهم: هي لله.
أحكي لك يا سيد عمر منيس عنا والإنقاذ حكاية عن الوالدة في مناسبة عيد الأم الأمريكي. كان لها قريب طلق زوجته القبيحة (ولا احتمال لأمي للقبح) وتزوج بأخرى قبيحة. ولما رأت أمي الزوجة الجديدة قالت: انتو يا ناس الله مسعولين من الخير. فلان دا طلق ديك ليه وعرس دي ليه.
لا اعرف عدد المرات التي جئت بهذه الحكاية خلال الثلاثين عاماً لأسأل المعارضة أن تخرج من قبحها وتتزين للمستقبل لأن دمامة الإنقاذ أزكمت الروح.
ونتناول لاحقاً جمعية البيان العلمية التي استوردت الملابس المستعملة الممنوعة وحصلت عليها وأنف الحكومة راغم.
الدكتور ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك ووكر لتصدير الملابس المستعملة على شماله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.