لاجئي السودان بشرق تشاد

0 50

شمائل النور

عشرة أيام قضيناها متنقلين في معسكرات اللاجئين في شرق تشاد، الذين شردتهم الحرب في دارفور وتفرقت أسرهم بين معسكرات اللجوء والنزوح والهجرة والموت في منتصف الطريق بحثاً عن وطن بديل.
كانت أول زيارة للصحافة السودانية منذ تفجر الحرب مرافقة لأول زيارة لقائد حركة مسلحة؛ حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والعشرة أيام التي قابلنا فيها اللاجئين هناك واحتكينا بحجم الأضرار وسمعنا أنين الضحايا مباشرة وسمعنا لوماً قاسياً عن غيابنا عنهم، كانت تجربة ليست مفيدة فحسب، بل مهمة وأهميتها تتجاوز الصحافة لكل سوداني أو سودانية وهذا سنفصله في سلسلة حلقات لأصوات الضحايا أصحاب الحق.
لكن الأمر المهم والذي لا يحتمل الانتظار والأمر هنا للأطراف المتفاوضة في جوبا، ولكل القوى السياسية والفاعلين والمؤثرين في المشهد أن تأخذ قضايا ضحايا الحرب وضعها المستحق، بل ينبغي أن تنطلق مفاوضات السلام من داخل هذه المعسكرات، من المهم أن يعيش المتفاوضون ذات الظروف التي عاشها اللاجئون ولا يزالون يكابدون، من المهم جداً أن يتقمص كل منا حالة اللاجئ والنازح.
بعيداً عن ما يحدث في جوبا أو غيرها، عملية السلام تبدو أكثر تعقيداً حينما يتعلق الأمر بحقوق الضحايا وحجم الشرخ النفسي الذي أحدثته الحرب اللعينة وحينما يتعلق الأمر بالحد الأدنى لتعويض الضحايا.
على سبيل المثال، لفت انتباهي السخرية التي لا تخلو من المرارة حينما يتساءل اللاجئون عن مصير المخلوع وعن العدالة ويقول أحدهم ساخراً من هزلية المواد التي حوكم بها المخلوع “زول كتل ناس يحاكموه بسرقة؟” والعبارة هذه لخصت الحاجة الشديدة لإنزال العدالة والتي تأخذ حيزاً رهيباً في مطالب الضحايا.
العدالة قضية لا تقبل المزاح أو المساومة وسط الضحايا، وهي تكاد تكون شرطاً رئيسياً للعودة بعد توفر الأمن بالنسبة لكثيرين، صحيح أن قضية مثل الحواكير وإعادة بناء الموارد التي دمرتها الحرب تأخذ حيزاً رئيسياً لكن تظل قضية العدالة ومحاسبة القتلة هي الأقرب لمحاولة رتق الشرخ النفسي الذي أحدثته الحرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.