لا صلح ولا حوار !

0 53

كتب: زهير السراج

.

* لكى لا ينسى الذين يريدون التصالح مع القتلة والمجرمين واللصوص، لا بد من إزاحة الغبار والغباء عن أذهانهم، وتذكيرهم بالفظائع التي ارتكبها الوحوش بما يجعل كل من ينادى ويدعو للتصالح او حتى التحاور معهم لا يقل إجراما عنهم، ومن المؤسف أن تأتى دعوات الحوار قبل الاقتصاص من المجرمين، وتحقيق العدالة للشهداء والضحايا بدءا من الشهيد على فضل والشهيد مجدى محجوب وشهداء بيوت الاشباح، مرورا بشهداء 28 رمضان وكجبار والعيلفون وبورتسودان ودارفور وانتفاضة سبتمبر 2013، وحتى الشهيد احمد خير ومحجوب التاج وشهداء ديسمبر وفض الاعتصام وكل الشهداء والضحايا طيلة العهد البائد، واسترداد المال المنهوب بدءا من اول يوم في العهد البائد وحتى آخر يوم فيه، والاقتصاص لتدمير الوطن والجرائم التي ارتكبت في حقه وحق مواطنيه صغيرها وكبيرها ومختلف انماطها وأشكالها، بدون ذلك لا تصالح ولا تفاوض ولا حوار، ومن يدعو لذلك فهو خائن، لا يحترم دماء الشهداء!

* في السادس والعشرين من نوفمبر 1989 نفذ الأطباء إضراباً عن العمل تعبيراً عن رفضهم القاطع لاستيلاء وهيمنة نظام (الإنقاذ) على السلطة، كان نتيجته إصابة النظام الغاشم بنوبة من الجنون، فقام باعتقال والتنكيل بعدد كبير من الأطباء، وعلى رأسهم نائب نقيب الاطباء وقتذاك الدكتور مأمون محمد حسين الذي حكم عليه النظام مع عدد من زملائه بالإعدام، قبل ان يصدر لاحقاً قراراً تحت ضغط دولي كبير بإسقاط العقوبة عنهم وإطلاق سراحهم !

* في الثامن من ديسمبر 1989، تم فتح بلاغ ضد الدكتور (على فضل) بوصفه احد المدبرين الاساسيين للإضراب، وتولى مطاردته أحد افراد جهاز امن الثورة التابع للجبهة القومية الاسلامية أخذ على عاتقه ــ حسب قوله ــ (اعتقال على فضل واستنطاقه ودفنه حيا)!

* عندما فشلت السلطة الغاشمة في العثور على الدكتور (علي فضل)، قامت باعتقال شقيقه الأصغر (مختار فضل) وتعذيبه لإرغامه على الظهور وتسليم نفسه، فعاد علي إلى منزل والده الذى اقتيد منه في مساء الثلاثين من مارس عام 1990م بواسطة عربة تويوتا موديل 1987م إلى مكان مجهول، وأطلق سراح شقيقه فيما بعد!

* تعرض الشهيد في ليلة اعتقاله بأحد بيوت الاشباح إلى التعذيب الشديد، وأصيب بجرح غائر في رأسه ونزف بغزارة، فاضطرت السلطة إلى خياطة الجرح، ثم تواصل التعذيب بعد وقت قصير ــ حسب شهود عيان يلمون بكافة تفاصيل تعذيبه، ومنهم من سمع وصيته الأخيرة!

* في العشرين من أبريل 1990م ونتيجة لصموده، ازداد التعذيب وحشية وعنفاً على الشهيد، فأصيب بعدة ضربات في الرأس نجم عنها نزيف داخلي حاد في الدماغ، أدى إلى تدهور حالته الصحية، وكان قبل ذلك فاقداً القدرة على الحركة بسبب التعذيب المستمر والحرمان من الأكل والنوم وشرب الماء طيلة فترة الاعتقال!

* في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 21 أبريل 1990م، أُحضر الشهيد الى مستشفى السلاح الطبي بأم درمان في حالة غيبوبة تامة وعلى رأسه ثقب واضح، ولكن بضغوط من رجال الأمن وتدخل من قائد السلاح الطبي وقتذاك، أضطر العاملون بالمستشفى إلى معاملة الشهيد كمريض عادى بدون اتخاذ الإجراءات القانونية المعروفة، وأشرف عليه نائب جراح موال للجبهة الاسلامية !

* في الخامسة صباح نفس اليوم، أي بعد نصف ساعة فقط من إحضار الشهيد إلى المستشفى، اضطر قائد السلاح الطبي إلى استدعاء الأخصائي المعروف الدكتور صلاح الكردي الذي أمر بقطع الأسمال الملتصقة بجسمه بواسطة مقص، وحينما أدار الشهيد على جانبه، فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، ليُسجل الحادي والعشرون من أبريل 1990م يوماً مشهوداً في تاريخ الحركة النضالية في السودان، وكانت حالة الشهيد عند استشهاده كالآتي:

* جرح غائر ومتقيح بالرأس عمره ثلاثة أسابيع!
* مساحة تسع بوصات مربعة بالرأس نزع منها الشعر انتزاعا!
* البطن منتفخة مع نزيف داخلي، والمثانة فارغة!
* كدمات بإحدى العينين، وبالأخرى آثار حريق بأعقاب السجائر!!
* إصابات مختلفة في جميع أنحاء الجسم !!

* تلك كانت حالة الشهيد الذي ادعى تقرير التشريح الذي قام بكتابته طبيبان كان أحدهما يشغل منصباً تنفيذياً فى الجمعية الطبية الإسلامية، بان الحالة تُعزى إلى الملاريا، واتضح لاحقاً أنه لم يُجر أي تشريح ولم تُؤخذ عينات ..إلخ، وتحت إصرار أسرة الشهيد ووالده العم (فضل أحمد فضل) تم إجراء تشريح آخر أوضح أن سبب الوفاة (نزيف في الراس نتيجة الاصطدام بجسم صلب وحاد)، وفتح بلاغ (شكلي) ضد من اغتالوه، ولكنه لم يتحرك خطوة واحدة إلى الامام، كما رفضت السلطات تسليم الجثمان لأسرته وقامت بدفنه بسرية كاملة فى الخامسة من صباح اليوم نفسه بدون مشاركة أسرته التي رفضت المشاركة في هذه الجريمة البشعة!!

* هل هؤلاء الوحوش هم مَن تطالبون بالتصالح معهم .. يا للعار !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.