لمّا دعا عادل الباز بأن ينصر الله البنوك بوجدي صالح
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
نشر رئيس تحريري المفضل عادل الباز مقالة “إذا زلزلت البنوك زلزالها” عن لجنة تفكيك التمكين منذ أيام ولقيت صدى ككل ما يصدر من قلمه المسهد. ومن أكثر ما احتج عليه عادل هو تطفلها على نظم البنوك بصور مختلفة أكد له بأن “النظام المصرفي في السودان في مهب الريح”، وأن اللجنة ستزلزل أركانه كما لم يتزلزل من قبل.
ولا أدري لماذا بدا لي أنني قرأت هذه المحاذير نفسها من قلم عادل قبل نحو أربعة أعوام. وكان الذي يعيث فساداً في البنوك يومها هو دولة الإنقاذ المبادة. فكتب في ١٣ نوفمبر ٢٠١٨ مقالة بعنوان “. . . شرعنة الفساد” نمّت عن معرفة بما يدور من فساد (تجاوزاً إن لم يكن لصوصية دولة) في كواليس البنوك بأسلوبه الساخر نفسه. فعلق فيها على فصل مدير بنك السودان في أثر فوح الفساد في بنكه. وقال الباز إنه لن يكتفي من بنك السودان بمجرد فصل مدير بنك السودان إن كان كل ذلك ما عنده لعلاج فساد النظام المصرفي.
وراح يعدد أهوال الفساد في بنك السودان والبنوك بما يشيب له الولدان. فالبنك غَفل عن شركات الدواء تعبث بدون رقابة لتنهب المليارات باسم استيراد الدواء ولا دواء. وأغمض البنك عينيه عن الشركات التي لم تراجع حصائل الصادرات لتتسرب الملايين من الدولارات إلى الخارج. ولا يحرك البنك ساكناً وقنع لوقته بإصدار لقائمة بعد القائمة دون جدوى (أي قوائم؟). كما أذن للناهبين نهب تريليونات الجنيهات من البنوك التجارية في مرابحات صورية وخداع. فانتفعت من ذلك التفريط شركات بأسماء وهمية ومزيفة وبنك السودان يغط في نوم عميق.
ناهيك عن غسل البنوك أموالها في سوق الله أكبر وبنك السودان مغيب. فيصدر منشوراً “فالصو” بعد منشور “فالصو” وغسيل الأموال في حاله. وزاد الباز بقوله “ودع عنك المنشورات الفاسدة التي يصدرها ليشرعن بها الفساد” فصدر منه ٢٢ منشوراً خلال أربعة أشهر لينقلب عليها منشوراً بعد آخر.
وسأل الباز بنك السودان، فصل مديره أو لم يفصل، الإجابة عن أسئلة يريد الباز منها سد الذرائع أمام إفساد جديد.
-كيف أجرت البنوك مرابحات صورية بتريليونات وبنك السودان لا يعلم؟
-من أي ثغرة نفذ النفاذون ونهبوا؟ ما هو المنشور الذي أتاح ذلك؟ مثلاً هناك منشور صدر من بنك السودان يتيح للسادة أعضاء مجالس إدارات البنوك بتمويل أنفسهم من البنوك بنسبة ما. وهذه ثغرة نفذوا منها. هل أُغلقت الآن؟ هل تم إلغاء ذلك المنشور أم لا يزال مستمراً لينتج مزيداً من الأفيال السماء؟
-هل يراقب بنك السودان ضماناته للشركات الحكومية لتمول نفسها من البنوك التجارية حتى لا تدخل بها السوق لغير غرضها؟ فما أخذته الشركات لتمويل مشاريع التنمية انطلقت به للأسواق لتشتري به الدولار ثم لا تسدد تلك الأموال. وكانت النتيجة أن مئات العقارات الحكومية مرهونة الآن للبنوك التجارية لعدم سداد الشركات الحكومية ديونها ولا تعرف البنوك التجارية ماذا تفعل: أتبيع المقار الحكومية، أم تصمت على إهدار ونهب ودائع عملائها؟
وختم الباز المقال بقوله يا ترى من يحاسب بنك السودان؟ ورهن ذلك الإصلاح على السيد محافظ بنك السودان محمد خير الزبير لخبرته بدهاليز بنك السودان وصرامته المعلومة.
كان مقال الباز في أصيل الإنقاذ دعوة حرى لزلزلة البنوك. فلم يقبل بالعلاج السطحي لفساد بنك السودان مثل طرد مديره، وهزئ بالبيانات الفالصو لتغطية حرجه. وطعن في أداء البنك والبنوك الأخرى بأسئلة من شأنها أن تزلزلها زلزلة. وسيكون من الصعب أن أصدق أن الباز، وقد حكم على ما كان يجري في بنوك الإنقاذ بشرعنة الفساد ورغب في زلزلة حنانه ذاته، أن يتهم لجنة تفكيك التمكين التي تنهض الأن بما دعا إليه في مقاله القديم.
يكاد الباز دعا في مغرب الإنقاذ، لو لم يسبق بحسن الظن في مدير البنك العاقب، للجنة في عزائم لجنة تفكيك تمكين الإنقاذ لتغطس حجر أفيال نظام البشير، لا قططه، السمان. ويقولون في الإنجليزية watch what you wish for إي تدبر قبل أن تدعو ربك لشيء لأنه لربما استجاب ولم يسرك حصول ما دعوت له.
وليس نقد الباز للشركات الحكومية بأقل زلزلة لها من نقده للبنوك كما سنرى.