لن نسمح بسرقة (خمائِس) لجنة التمكين المبهجة!
لا شكّ أنّ لجنة إزالة التمكين وتفكيك دولة الفساد البائدة واسترداد الأموال المنهوبة تعتبر أهم فعل مُتبقي يتنسّم الناس عبقة الثوري الفوّاح، ولا جدّال أن التصدّي للدفاع عنها؛ وهي تتعرض هذه الأيام لهجوم كاسح منظم وممول من دولة الكيزان البائدة يعتبر واجباً وطنياً وثورياً، وقد دخل على خط الهجوم شريكاً من شركاء السلام الجُدد، ولا ريب، فالمنبع واحد!
ولا شكّ أيضاً أن لجنة إزالة التمكين غير مُنزهةٍ عن ارتكابِ الأخطاءْ والهفوات والهنات؛ هنا وهناك، والخطأ يلازم العمل، ومن لا يخطئون، لا يعملون. ولأن اللجنة تعمل عملاً دؤوباً؛ تُقيم عليه الليل بالنهار مُلاحقة أوكار الفساد وبؤره، فلابُدَّ أنْ تُخطئ وتصوّب، وهكذا، وهنا أتحدث كشاهد عيان (لا سامع أضان). وإن كان لدّى ثمة عتاب عليها فهو كسلها في الفترة الأخيرة، مقارنة ببداياتها القويِّة عندما كانت تضرب أوكار الفساد وتصطاد حيتانه، حينها كان الناس ينتظرون قراراتها؛ ليلة كل خميس، وكان كل بيت سوداني على امتداد الوطن يعدّ لها طقوس فرحه الخاص، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف ووسائل الإعلام المحلية والدولية تنقل وقائعها مباشرة عناويناً رئيسية، وكان تلفزيون السودان يسجل أعلى نسب مشاهدة في ليالي الخميس تلك، نسب لم يجدها “السر قدور” ببرنامجه الغنائي وضحكاته المُصطنعة، عندما كان أهل السودان من فرط بؤس حالهم يصنفونه كوميديان المرحلة وصانع فرحتها، تُعساً لذيّاك الزمان!
إنّ من يُعادي لجنة إزالة التمكين عليه أن يراجع ضميره، فوحدهم الكيزان الفاسدون والشبكة الطفيلية المرتبطة بهم من يفعلون ذلك، خشيّة من مصادرة المال الحرام الذي نهبوه من قوت هذا الشعب الغنِّي الفقير، وقطعاً هذا لا يعني أن كل من له تحفظات على عمل اللجنة هو في المعسكر الفاسد، فهناك ديمقراطيون وثوار ووطنيون خُلّص؛ لديهم تحفظات منطقيِّة على طريقة عمل اللجنة، وهؤلاء يجب التواصل معهم والاستماع إلى وجهات نظرهم، كما يجب التواصل مع (القانونيين) من التكنوقراط الذين ينظرون للجانب القانوني لا السياسي في عمل اللجنة. وشرح الأبعاد السياسية لهم، خصوصاً بعد أن أصبحت الأجهزة العدليّة (كعب أخيل) لثورتنا، والتي دون إصلاحها من أعلاها إلى أسفلها واستبدال ضباط أمن النظام البائد الذين يسيطرون عليها؛ بقضاةٍ ووكلاء نيابة حقيقيين؛ دون ذلك فإن حل اللجنة يعتبر جريمة نكراء ومؤامرة مكراء تستوجب خروج الجماهير إلى الشوارع.
إنّ طبيعة عمل اللجنة السياسية القانونية هي التي جعلتها تتعرض لانتقادات من بعض القانونيين، وهذا مفهوم من زاويته، فجميعنا نسعى لتحقيق دولة القانون بل أن الثورة انطلقت من أجل تحقيق هذا الهدف، ولكن؛ وهذا السؤال موجه لأهل القانون، وأضع مثالاً على ذلك الانقاذي السروق الذي وجدت اللجنة بحوزته أكثر من ألف قطعة سكنية في مدينة بحري، وهو الذي لا يملك في هذه الحياة ما يبرر هذا الثراء المفاجئ سوى إبهام يُرفع ولساناً يُكبِّر لله ليسرق عباد الله، فكيف يدين القضاء مثل هذا الرجل؟، وهو يملك كل المستندات الدّالة على ملكيته هذه القطع السكنية، بل واستخرجها بطريقة رسميِّة من دولته غير الرسميّة، ولكنه قطعاً لا يملك بل يعجز عن الإجابة على سؤال كيف تحصل عليها؟ وهو بالطبع سؤال لن يسأله له القاضي، وهو سؤال يقفز بنا إلى أهمية لجنة إزالة التمكين، إلاّ لو أردنا أن نُضيّع الحقوق ونوفر لصديقنا المحامي ساطع الحاج، القيادي بـتحالف(قحت) مورد رزق وفير، وقد سمعت إنّه قد فتح مكتبه لهذا الشأن، وما جعل الله لعبد من قلبين في جوفه، إلاّ ساطعاً!
على السادة أعضاء لجنة إزالة التمكين أخذ العِظة والعبرة من المرحلة السابقة، ومراجعة الأخطاء، والتزام الدِّقة والحذر في تطبيق القانون؛ وضمان عدم أخذ الناس بالشُبهات وعدم تسييس العدالة والزج بأبرياء في السجون، ومن ثم الضرب بكل قوة القانون على أوكار الفساد والمفسدين، وإرجاع الفرحة لهذا الشعب باسترداد أمواله المنهوبة فيسترد فرحته، ومن لم تفرحه قرارات اللجنة في تلك الليالي الخميسية المبهجة فليراجع ضميره!