ليس للحب يوم او موسم
كتب: جعفر عباس
.
تعرضت اليوم للتحرش الافتراضي ووصلتني ورود حمراء بمناسبة ما يسمى بعيد الحب، وبصراحة فقد أحسست ببعض الغرور لأنه وفيما أعلم يتبادل العاشقان وردة واحدة من كل طرف في حين انني تلقيت باقات كاملة!! بس لماذا لا يكون هذا “العيد” في 9 مارس أو 23 أغسطس؟ لماذا فبراير بالذات وهو شهر باهت وضعيف الشخصية وليس لعدد أيامه حساب ثابت.
لا مانع عندي في أن يكون هناك احتفاء بالحب، بل إنني من أنصار ان يكون الناس جميعا في حالة حب على مدار أيام السنة: ليس فقط حب تسبيل العيون ورفرفة الجفون و”بالهمس واللمس والآهات والنظرات واللفتات”، بل الحب الشامل الذي يجعل القلب يتسع للمحبوب ولكل بني البشر. ثم السؤال الأهم من كل هذا: أين كان سي فالنتاين هذا حتى قبل ثلاثين سنة؟ (لما كان عمري 9 سنوات)، فنحن نتكلم عن قديس، والكل يقول لك ان فالنتاين هذا كان قسا مسيحيا وارتفع الى مرتبة القديسين لأنه قتل وهو يدافع عن الحب!! ومتى حصل هذا كله؟ قبل أكثر من 1500 سنة!! ألووو مرة ثانية.. قديس يشع بركاته منذ 15 قرنا ولا نأخذ علما بها إلا في تسعينات القرن الماضي؟ لو كان قديسا لكانت بركاته عابرة للقارات ولربما أخذنا نصيبنا من الورود الحمراء عندما كنا “شبابا”؛ وبحثت عن فالنتاين ووجدت من يقول إنه قس أعدمه الامبراطور الروماني كلوديوس الثاني لأنه كان يقوم بتزويج المسيحيين، بينما كان كلوديوس يضطهد المسيحيين، ولكن لا توجد أي كنسية مسيحية تعتبر فالنتاين هذا قديسا ولا يوجد كتاب واحد يحدد متى عاش او مات.
وباختصار: اعط من تحب وردة ولتكن حمراء او بيج أو أوف وايت، وليكن ذلك الشهر المقبل او الذي يليه، بس بلاش شغل الأوانطة: عيد الحب المزعوم مناسبة تجارية للترويج للزهور والحلويات المغلفة بأوراق حمراء، وفي أكثر من مدينة ستجد فندقا يقدم جناحا أحمر لليلة 13 – 14 مارس ب15 ألف دولار وهو مبلغ يكفي لثلاث عمليات قلب لمرضى مشرفين على الموت!!
كان لي صديق عزيز يحب فتاة قبطية ويرغب في الزواج بها، في وقت راجت فيه أخبار عن ظهور السيدة مريم في كنائس في مصر وإسبانيا، وكان يخشى ان يرفض أهلها زواجه بها، واقترح علي ان ننتج فيلما هنديا يجعله محبوبا لدى عموم المسيحيين وبالتالي أهل الحبيبة، وحسب سيناريو الفيلم وقفنا قبالة كنيسة “كل القديسين” الملاصقة للقصر الجمهوري، وصرنا نشير إلى برجها ونصيح: يا سلام شوفوا العذراء .. لا إله إلا الله، محمد رسول الله (شوف البلاهة في ترديد شهادة الاسلام لإثبات معجزة مسيحية) وكان الناس يمرون بنا ويحسبون اننا سكارى او مساطيل، وفجأة جاء ثلاثة رجال اشداء وكمشونا؛ كانوا من جهاز أمن نميري، واتهمونا بأننا نخطط لعمل عدائي في محيط القصر، و”ضربنا الجرسة”، وحكينا لهم أمر المعجزة فانفجروا ضاحكين فقلت لأحدهم: بالذمة ما شايف السيدة مريم هناك؟ فقال: لا، شايف فايزة عمسيب.
أتمنى لكم جميعا مواسم حب متصلة، ولو لم تصل أحدكم ورود حمراء عليكم ب”قوقل” ففيه كوكتيل ورود ببلاش، وشيل منها ما يكفيك لعشر سنوات.