المصدر: لوبونيي أفريك
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
.
تم إعلان يوم الجمعة الأول من أكتوبر عطلة رسمية بمناسبة تنصيب قائد القوات الخاصة العقيد مامادي دومبويا رئيسًا لمرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، عقب إطاحته بالرئيس ألفا كوندي في 5 سبتمبر الماضي، في وقتٍ كان يستعدّ فيه الشعب الغيني للاحتفال في اليوم التالي بالذكرى السنوية الثالثة والستين لإعلان الاستقلال عن فرنسا.
وعود قطعها:
وفي زيٍّ عسكريٍّ رسمي وقبعة حمراء مع نظارة داكنة، أدَّى قائد القوات الخاصة الذي أطاح بالرئيس ألفا كوندي، اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا، في حضور شخصيات غينية ودبلوماسيين أجانب، بالإضافة إلى والدته وعقيلته، والذي أكّد في كلمته على عزمه “الحفاظ على السيادة الوطنية في ولاء مخلص”، و”تعزيز المكاسب الديمقراطية؛ لضمان استقلال الوطن الأم وسلامة ترابه، ووحده أراضيه”؛ على حد قوله.
كما تعهَّد العقيد دومبويا باحترام غينيا، الدولة الفقيرة، لكن ذات أراضٍ مكتظة بثروات معدنية هائلة، لجميع “التزاماتها الوطنية والدولية”، مؤكدًا عدم السماح لأيّ عضو من أعضاء المجلس العسكري أو الهيئات الانتقالية بترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة وفقًا لما نصَّ عليه “ميثاق” المرحلة الانتقالية، الذي نُشر يوم الاثنين، ويعتبر بمثابة قانون أساسي.
ومن جانبه، قارن رئيس المحكمة العليا، مامادو سيلا، مهمة العقيد دومبويا قبل أدائه اليمين الدستورية، بقيادة سفينة “محملة بالعديد من الأحداث المؤلمة والعديد من المطالب والتوقعات الهائلة والملحة”، مُطالِبًا إيَّاه بعدم الانحراف نتيجة “قوة موجات الغوغائية وعاصفة الإفراط في التمحور حول الشخصية”؛ على حد تعبيره.
وجدير بالذكر أن الانقلاب الذي تم تنفيذه في غضون ساعات قليلة على حساب عدد غير معروف من الأرواح البشرية (قدّرته بعض المصادر الإعلامية بعشرين شخصًا) بقيادة العقيد دومبويا، هو الثالث من نوعه خلال عام في غرب إفريقيا على خلفية انقلابين في مالي المجاورة.
نحو استعادة السلطة المدنية المنتخبة:
يُعتبر الانقلاب الحالي جزءًا من التاريخ المضطرب لهذا البلد الذي خضع لحكم أنظمة استبدادية أو دكتاتورية لعقود منذ الاستقلال. لكنَّ خبر الانقلاب أحدَث مشاهد من الابتهاج لدى السكان نتيجة استيائهم من الفقر والفساد وقمع النظام المخلوع على الرغم من إدانته على نطاق واسع من المجتمع الدولي، مطالبًا بالإفراج عن ألفا كوندي، البالغ من العمر 83 عامًا.
الحضور الصيني والروسي:
وتجدر الإشارة إلى أن حفل التنصيب شهد حضور سفراء من الصين وروسيا والدول الإفريقية عطفًا على العقيد مالك دياو، رئيس الهيئة التشريعية للمرحلة الانتقالية في مالي. فيما اقتصرت العديد من الدول الغربية على وجود دبلوماسيين غير رفيعي المستوى.
ومن جانبه، قطع العقيد دومبويا على نفسه عهودًا بأن تكون مهمة المرحلة الانتقالية “إعادة تأسيس الدولة”، وصياغة دستور جديد، ومكافحة الفساد، وإصلاح النظام الانتخابي، وتنظيم انتخابات “حرة وشفافة وذات مصداقية”، عطفًا على “المصالحة الوطنية”؛ على حد تعبيره.
كما وعد المجلس العسكري بإعادة السلطة للمدنيين بعد الانتخابات في نهاية فترة انتقالية غير محددة؛ حيث يتوقع تحديد المدة والملامح ذات العلاقة عقب “اتفاق مشترك” بين الجيش والقوى المدنية في البلاد.
تأكيد المجلس العسكري التزامه بمطالب المجتمع الدولي:
وفقًا للمحللين يبدو العقيد دومبويا الرجل الدمث الذي يظهر دائمًا في زيّه الرسمي وقبعته العسكرية في الأماكن العامة محاطًا بعناصره، عازمًا على منح نفسه الوقت الكافي على الرغم من الضغوط الدولية.
لكنَّ مخاوف مجموعة دول غرب إفريقيا (إيكواس)، والقلق الذي ينتابها نتيجة عدم الاستقرار، فضلاً عن احتمال تأثير عدوى الانقلابات في منطقةٍ يتعرّض فيها العديد من دولها لتداعيات الأزمات، دعت إلى انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون ستة أشهر، وقررت تجميد الأصول المالية لأعضاء المجلس العسكري وأُسَرِهم، ومنعهم من السفر.
لكنَّ الرجل، الذي كانت الصحف الرسمية قد شرعت في إطلاق اسم “رئيس الجمهورية” عليه حتى قبل تنصيبه، تبنَّى خطوات مطمئنة إثر توليه مقاليد الحكم تجاه المستثمرين والشركاء الأجانب؛ على غرار احترام عقود التعدين، وإعادة فتح جميع الحدود الجوية والبرية.
وبموجب “ميثاق” المرحلة الانتقالية يصبح العقيد دومبويا هو الرجل القويّ الجديد لغينيا “رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة”، مع صلاحية “تحديد سياسة الدولة”، فضلاً عن “إمكانية إصدار مراسيم رئاسية”، وسيُعيِّن الرئيس دومبويا رئيس وزراء للمرحلة الانتقالية بمرسوم رئاسي مع احتفاظه بصلاحية وإمكانية إقالته.