مليونية 6 ديسمبر ترفض التدخل الدولي
كتب: تاج السر عثمان بابو
.
1/ انطلقت مليونية 6 ديسمبر حاشدة في العاصمة والمدن ، ورافضة للتدخل الدولي من الأمين العام للامم المتحدة لتأييد اتفاق البرهان – حمدوك الذي كرّس الانقلاب العسكري ، وطرحت اللاءات الثلاثة (لا تفاوض ، لا شراكة، لا تسوية) مع الانقلاب العسكري ، بل اسقاطه ، ومحاسبة قادة الانقلاب.
جاءت المليونية متنوعة ومتعددة في تنظيمها مثل : الوقفات الاحتجاجية ، توزيع قصاصات ، مواكب توجهت لاسر الشهداء والمصابين ، اعتصام اليوم الواحد في عدد من المدن، والتحام واشتباك المواكب كما في المؤسسة بحري التي انضم لها موكب ام درمان ، كما تمت مخاطبات في الاعتصامات والمواكب رفضت الانقلاب وأكدت استمرار الثورة حتى النصر.
تمّ قمع وحشي للمواكب بالغاز المسيل للدموع والهراوات والرصاص الحي مما ادي لاصابات جاري حصرها ، وتم ضرب المنازل بالبمبان أدي لاختناقات للسكان ، اضافة لحملة اعتقالات واسعة في العاصمة وبقية المدن ، وتم حتى قمع المارة والدكاكين في سوق بحري ، ومنع اسعاف المرضي ، اضافة لعصابات هاجمت موكب شارع الستين بأسلحة بيضاء تم دحرها ، وحرق قسم الصافية الذي ادانته لجنة أحياء بحري وحملت العسكر المسؤولية.
قبل مليونية 6 ديسمبر رفضت لجان المقاومة والقوي السياسية الوطنية التدخل الدولي في الشؤون الداخلية للسودان بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش بأن يقبل السودانيون باتفاق البرهان – حمدوك الذي كرّس الانقلاب العسكري الدموي ونفذت لجان المقاومة الأحد 5 ديسمبر في أحياء “جبرة” جنوب الخرطوم وقفات احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة لدعم التحول الديمقراطي ” يونتامس” وسفارتي السعودية الإمارات في الخرطوم تنديدا بالتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للسودان ، وطرحت خطها في اسقاط الانقلاب ورفض تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش للقبول باتفاق حمدوك – البرهان ، كما دعت الي مليونية 6 ديسمبر حسب الجدول المقرر حتى نهاية ديسمبر.
وعلي طريقة الرئيس المخلوع البشير للاستمرار في السلطة والترشح للانتخابات ، نفي البرهان أن يكون للعسكريين وشبه العسكريين المشاركين في الفترة الانتقالية حق الترشح للانتخابات المقبلة في يوليو 2023م . ، علما بأنه نفذ انقلاب 25 أكتوبر للاستمرار في السلطة ، ولقطع الطريق أمام رئاسة المدنيين للسيادي في الفترة الثانية للانتقالية ، اضافة للمصالح الطبقية لقيادة المكون العسكري في الحفاظ علي شركات الجيش والأمن والدعم السريع خارج ولاية الدولة والتي تدر عليهم ارباحا بمليارات الدولارات.
2 / أدان المتحدثون في مواكب مليونية 6 ديسمبر الارتباط بمحور (السعودية – الإمارات – مصر) بتصدير القوات السودانية لحرب اليمن التي تتعارض مع احترام استقلال وسيادة الدول الأخري ، وتصدير تلك الشركات المحاصيل النقدية لمصر والماشية ، والذهب القذر الملوث بدماء ضحايا الابادة الجماعية في مناطق التعدين واستخدام المواد الضار بالبيئة في استخراجه (السيانيد ، الزئبق.الخ) الي الإمارات (علي سبيل المثال بلغ صادر الذهب للامارات العام 2020 حوالي 16 مليار دولار) ، كما تدعم الإمارات مليشيات الدعم السريع بالاسلحة لنهب ثروات البلاد وأراضيها لمصلحة استثمارتها مع الدول الخليجية الأخري ، والتي تصل عقودها الي 99 عاما ، فضلا عن استنزاف المياه الجوفية ، وعدم تعمير مناطق الاستثمارات ، ونسب عائدها الضئيل للدولة ، بالتالي عاد السودان لعهد الاحتلال التركي المصري عام 1821م بهدف الرجال ( العبيد ) والمال (الذهب) واستنزاف موارد البلاد الزراعية واراضيها وتصدير الأرباح لتلك الدول مع افقار شعب السودان وحكمه بالحديد والقمع والنار والمزيد من الضرائب والجبايات ، وابادة السكان الاصليين كما يجري في دارفور حاليا (أحداث جبل مون ، منواشي ، معسكر كرنديق جنوب كردفان . الخ) بهدف نهب اراضيهم أو حواكيرهم وثرواتهم الحيوانية والاستيلاء علي مناطق التعدين كما حدث في جبل عامر، ويحدث حاليا في جبل مون الغني بالذهب والمعادن الأخرى.
3/ في ظروف تنهش فيها أمراض الكورونا والملاريا والحمي النزفية والتهاب الكبد الفبروسي المواطنين وارتفاع الأسعار وشح الجازولين وارتفاع اسعاره وتدهور خدمات المياه والكهرباء لنقص الفيرنس ، والدقيق الفاسد مع ندرته ، يتم تهريب ذهب السودان كما الأمثلة التالية :
– في تهريب الذهب كشف وزير المعادن السابق موسي كرامة بأن المنتج من الذهب 250 طنا سنويا تُهرب منها 200 طنا سنويا (الشرق الأوسط: 11 يناير 2020م)، أي أكثر من 70% من إنتاج الذهب في السودان يتم تهريبه.
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي تسيطر على مناجم عدة للذهب في دارفور ومناطق سودانية أخرى، مشيرة إلى دور إماراتي في استيراد هذا الذهب مما يزيد من نفوذ حميدتي ومليشياته ( رويترز : 11/ 2/ 2020).
وبحسب التحقيق الصحفي ، فإن الإمارات هي أكبر مستورد للذهب السوداني في العالم، إذ استوردت 99.2% من الصادرات ، وفقا لبيانات التجارة العالمية لعام 2018.
ولفتت الغارديان في هذا السياق إلى تعاقد الإمارات أيضا مع قوات الدعم السريع للقتال في اليمن وليبيا ، حيث قدمت الأموال إلى تلك القوات.
ويجدر بالذكر أن رويترز نشرت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني تقريرا يكشف عن دور حميدتي وعائلته في السيطرة على الذهب، وقالت إن شركة الجنيد تتجاوز قواعد البنك المركزي لتصدير الذهب وتبيعه للبنك المركزي نفسه بسعر تفضيلي (المصدر غارديان).
– اضافة لاستمرار انتهاك السيادة الوطنية كما في توقيع الخرطوم والقاهرة بروتوكولا للتعاون في الصناعات الدفاعية والأمنية (الراكوبة : 2 /12/ 2021 ) مما يعني كشف اسرار البلاد العسكرية واستباحة البلاد في ظل احتلال مصر لحلايب وشلاتين وابورماد!.
كما جاء في الأنباء أن البرهان منح الدعم السريع نسبة 30% من منظومة الصناعات الحربية ، علما بأن الدعم السريع مرتبط كما اشرنا سابقا بالامارات والسعودية، مما يعني التفريط في السيادة الوطنية واسرار الجيش السوداني.
تلك هي المصالح الطبقية لتلك الدول للحفاظ علي الحكم العسكري في السودان لتأمينها ، كما في التدخل لفرض “الوثيقة الدستورية المعيبة” التي كرّست هيمنة العسكر ، وقننت الدعم السريع دستوريا ، وتجاهل مجزرة فض الاعتصام ، وتسليم البشير لجنائية ، وكانت ايضا وراء انقلاب 25 أكتوبر ، اضافة لدور روسيا في نهب ثروات الذهب وتمسكها بالقاعدة العسكرية علي البحر الأحمر ، وتواطؤ أمريكا ودول الاتحاد الأوربي رغم رفعها لشعارحقوق الانسان الحكم المدني الا أنها في النهاية مع مصالحها ، وغض الطرف عن الامارات في تصدير الذهب القذر لها الممنوع دوليا ، ونالت أمريكا قاعدتها العسكرية علي البحر الأحمر ، وضغطت للتطبيع مع اسرائيل التي دعمت الانقلاب العسكري ، وتمت زيارة عسكرية قبل الانقلاب ، وزيارة لوفد عسكري اسرائيلي بعد الانقلاب ، اضافة لعدم ادانتها للانقلاب العسكري الذي اتاح لها وجود عسكري علي البحر الأحمر ، واستثمارات زراعية في السودان ، رغم تهديد الكونغرس بفرض عقوبات علي المكون العسكري للمزيد من الصغوط للحفاظ علي تلك المصالح مع تغييرات شكلية تضمن رفع الضغوط عنها في الوقوف مع أنظمة دموية معادية لحقوق الانسان ، لكن العامل الحاسم في التغيير هو النهوض الجماهيري الواسع ضده الجاري الآن..
4/ كما تتفاقم أزمة السلطة مع نهوض واتساع الحركة الجماهيرية ضد الانقلاب العسكري ، والضغط العالمي ضده ، والهجوم الممجوج علي الحزب الشيوعي باعتباره سبب الحراك الجماهيري ، كما في حديث رموز النظام البائد قبل سقوطه مثل : البشير ، رئيس جهاز الأمن محمد عطا ، نافع علي نافع صلاح قوش . الخ ، وقبلهم نظام النميري وعبود الذين هاجموا وقمعوا الحزب الشيوعي ولكن ذهب ريحهم في ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة أبريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018م ، وسيذهب انقلاب البرهان وحميدتي لمزبلة التاريخ.
كما ظهرت الاسطوانة القديمة مثل : حديث حميدتي إما القبول بالانقلاب أو يتحول السودان الي سوريا أو الصومال أو اليمن ، علما بأن وجود مليشيات وجيوش الحركات والمرتزقة المرتهنة للخارج ، هم الذين يهددون وحدة البلاد وتمزيقها كما يحدث الآن في دارفورمن إبادة جماعية وقتل وحرق للقري واغتصاب للنساء ، ونزوح الآلاف الي تشاد كما في أحداث : جبل مون ، ومنواشي ، وكرنديق. الخ، واطلاق النار علي المظاهرات السلمية التي وصل عدد شهدائها (44) شهيدا ، وأكثر من 400 مصاب ، والهجوم علي المستشفيات، وكلها جرائم حرب وضد الانسانية تستوجب المحكمة الجنائية الدولية ، اضافة لمجزرة فض الاعتصام ، وجرائم الابادة الجماعية في دارفور التي أدت لطلب مثول البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
هذا اضافة لتفجر الصراع داخل مكونات انقلاب 25 اكتوبر الذين ظهروا بعد الانقلاب (جبريل ، اردول ، برظم ، هجو ، برمة ناصر .الخ)، نتيجة لتصاعد الحركة الجماهيرية والادانة الدولية الواسعة له ، كما في تنصل مناوي من الانقلاب ، وحديث حميدتي أن حمدوك كان مشاركا في الانقلاب ، وتفجر الصراع داخل حزب الأمة بسبب الوساطة في توقيع البرهان – حميدتي علي الاتفاق الذي كرّس الانقلاب العسكري ، وتهديد المصالح الطبقية لقيادة الدعم السريع والقيادة الجيش بالعقوبات علي شركاتهم الاقتصادية أموالهم المنهوبة من شعب السودان وثرواته ، وتهديد نظارات البجا باغلاق الشرق بعد رفضهم مسار الشرق في اتفاق جوبا ، اضافة لما اثاره مناوي الي أنه كان هناك اتفاق تحت الطاولة في مفاوضات جوبا بين العسكر والحركات : لعدم اثارة مجزرة فض الاعتصام ، وتسليم البشير للجنائية ، واستمرار البرهان في رئاسة المجلس السيادي حتى نهاية الفترة الانتقالية، مما يشير الي اقتراب نهاية سقوط الانقلاب.
5/ من الجانب الآخر تتصاعد الحركة الجماهيرية ، كما في جداول المليونيات خلال شهر ديسمبر الحالي والذي يصادف مرور ثلاث سنوات علي اندلاع ثورة ديسمبر ، والدعوة لاوسع مشاركة فيها ، واعلان لجان مقاومة نهر النيل لمسيرة الزحف للخرطوم لحضور مليونية 19 ديسمبر ذكري اندلاع الثورة واستقلال السودان من داخل البرلمان ، ومواصلة المقاومة والمزيد من التنظيم حتى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي وتحرير السودان الاحتلال الجنجويدي المرتهن للامارات والسعودية ومصر وتصدير المرتزقة لحرب اليمن ونهب ال ذهب والاراضي ، وبقية ثروات البلاد .