قال خبراء في منظمة العمل الدولية التابعة الأمم المتحدة، مطلع هذا الأسبوع، إن سكان المجتمعات الأصلية والقبلية معرضون للفقر المدقع أكثر بثلاث مرات من غيرهم، وإن نساء تلك المجموعات في “قاع كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية”. وبتسليطها الضوء على البيانات الجديدة التي توضح أن أعدادا غير متناسبة من مجموعات السكان الأصليين يعيشون على أقل من 1.90 $ في اليوم – حذرت منظمة العمل الدولية من أن حياة الملايين من هؤلاء تواجه وطأة “شبح الفقر” المخيِّم على حاضرهم.
وتصر المنظمة الدولية على أن هذه المشكلة تستدعي اهتماما عالميا لأن عدد هؤلاء السكان المعرضين للخطر “أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا.” وفقا للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، هناك أكثر من 476 مليون من السكان الأصليين على مستوى العالم، يعيش غالبيتهم في بلدان مزدهرة نسبيا.
نقص الدعم
وتؤكد المنظمة أن الدعم من كافة الأطراف للمعاهدة الدولية الوحيدة التي تحمي حقوق السكان الأصليين حول العالم – أي الاتفاقية رقم 169 – ضعيف للغاية. وقد وقعت على اتفاقية حقوق الشعوب الأصلية، خلال ثلاثين عاما منذ اعتمادها، 23 دولة فقط من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية البالغ عددها 187 دولة.
هذا يعني أن حوالي 15 في المائة فقط من السكان الأصليين حول العالم سيستفيدون من تركيز المعاهدة على تنفيذ السياسات والتشريعات المصممة “لمكافحة الفقر والمعاملة غير العادلة وتعزيز المساواة” من خلال الحوار الشامل وأفضل الممارسات. مع التركيز على عالم العمل والتوظيف، كمؤشر رئيسي لحياة السكان الأصليين، وجدت منظمة العمل الدولية أن الكثير من هؤلاء السكان ينشطون في القطاع غير الرسمي – بنسبة 20 في المائة – مقارنة بالعمال الآخرين.
واستنادا إلى بيانات من 23 دولة تضم أكثر من 80 في المائة من السكان الأصليين، وجد تقرير منظمة العمل الدولية أن نساء الشعوب الأصلية تحديدا يواجهن أكبر التحديات. فبالإضافة إلى حصولهن على فرص أقل لاستكمال التعليم الابتدائي الأساسي، هناك حوالي واحدة من بين كل أربع نساء من هذه المجتمعات، تعمل في وظيفة بأجر، مقارنة بامرأة واحدة من بين اثنتين من العاملات من غير السكان الأصليين.
كسب السكان الأصليين أقل من غيرهم
كما لاحظ الباحثون المشتركون في إعداد التقرير الجديد أنه حتى عندما يتوظف السكان الأصليون في عمل بأجر، فإن السكان الأصليين يكسبون أقل بنسبة تبلغ حوالي 18 في المائة من القوى العاملة الأوسع. ووفقا لمنظمة العمل الدولية، هناك أكثر من 5000 مجتمع للسكان الأصليين في جميع أنحاء العالم، ينتشر في حوالي 90 دولة.
وعلى الصعيد الإقليمي، تعد أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي موطنا لأعلى نسبة من السكان الأصليين ومجموعاتهم القبلية، حيث تبلغ نسبتهم 8.5٪ من مجموع السكان. كما أظهرت بيانات من تسعة بلدان في هذه المنطقة نفسها أن مجتمعات السكان الأصليين هذه تشكل حوالي 30٪ من الفقراء المدقعين – وهي أعلى نسبة في جميع المناطق العالمية.
أما في أفريقيا، فتقول منظمة العمل الدولية إن أكثر من 77 مليونا من السكان الأصليين هناك – ستة في المائة من السكان على نطاق أوسع – يمثلون 24 في المائة من فقراء القارة. في آسيا والمحيط الهادئ، يمثل السكان الأصليون في المنطقة أكثر من 7٪ من إجمالي السكان البالغ 335 مليون نسمة، كما يمثلون حوالي 16٪ ممن يعانون الفقر المدقع، بناءً على بيانات من خمسة بلدان. وفي أمريكا الشمالية، هناك أكثر من سبعة ملايين من السكان الأصليين يشكلون أكثر من 2٪ من مجمل السكان، 3.5٪ منهم يمثلون الأفقر من بين أفراد المجتمع.
وتعتقد منظمة العمل الدولية أن على العالم سماع آراء الشعوب الأصلية حتى يتمكن من وضع سياسات مستدامة للعدالة الاجتماعية، كما فصلتها الاتفاقية التي تحميهم. وسيساعد ذلك، حسب المنظمة، في معالجة المشكلات التي يواجهها السكان الأصليون، بما في ذلك الفقر وعدم المساواة والصراع وتغير المناخ.
الجدير بالذكر أن “العديد من البلدان” قد خصصت وكالات معنية بشؤون السكان الأصليين، وحققت “تقدما أكبر.” ومع ذلك فقد “كانت هناك فرصا قليلة للغاية للتواصل” مع هذه المجتمعات حتى الآن، حسبما تؤكد منظمة العمل الدولية.