من الحرب إلى السلام

0 77
كتب: محمد الفكي سليمان
.

درس غولدمان ثلاث تجارب في التحول الحرج من الحرب إلى السياسة والسيطرة المدنية، وخلص إلى أن النظام السياسي الراسخ للأحزاب هو البديل المؤسسي الأكثر فعالية للحرب.
وبدلاً من أن يتنافس الخصوم في النخب السياسية من خلال الجيوش – كما كان الأمر قبل مرحلة التحول الحرج- فقد أصبحوا يتنافسون من خلال الأحزاب السياسية، حيث لم تعد المؤسسة العسكرية هي الأداة الرئيسية للصراع في المجتمع.
ويتطلب تولي الأحزاب السياسة للحكم إجراء إصلاحات هيكلية على نفسها، لتصبح أكثر تمثيلاً وقنوات حقيقية للمشاركة السياسية، ومؤسسات للتنافس والترقي لتولي الوظائف القيادية على المستوى الحكومي، وهذا يتطلب من الأحزاب السياسية أن تتحول إلى مؤسسات ديمقراطية حقيقية وأن تنعتق من الهيمنة الطائفية، والإثنية، والأسرية.
إن تحقيق السيطرة المدنية على المؤسسات العسكرية والأمنية، يتطلب أن تكون الأحزاب مؤسسات سياسية وإدارية فاعلة ومنضبطة إلى أقصى درجة، ولا يخفى بطبية الحال أن السيطرة المدنية على هذه المؤسسات جزء أصيل من عملية تبادل السلطة التي تمثل شرطا من شروط الاستقرار، في وطن كثيف التنوع على المستوى الديني، والإثني، والثقافي.
ويمثل إيجاد مؤسسة ثابتة مستقرة والحفاظ عليها في أي نظام سياسي، سواء كان ديمقراطياً أم استبدادياً مهمة صعبة بالنسبة لأي طاقم قيادي، خصوصاً إذا كانت هذه القيادة تتشكل من نخب يصرفها عداؤها لبعضها البعض عن بناء هذه المؤسسات.
في التاريخ السياسي السوداني صفحات كبيرة من العداء بين المؤسسات الحزبية والمؤسسة العسكرية، وهو عداء غير مبرر إذا وضعت الأمور في سياقها الطبيعي؛ فلكل منهم دور مختلف عن الآخر.
• من كراسة “تحديات بناء الدولة السودانية”، التي نشرتها في 2016.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.