من عجائب مناهج الإنقاذ
كتب: د. النور حمد
.
كلفني مركز الخاتم عدلان قبل حوالي ست سنوات تقريبًا، بعمل دراسة نقدية لمنهجي اللغة العربية والتربية الإسلامية، لمرحلة الأساس. فقمت بهذا العمل بالاشتراك مع المربي، الأستاذ خلف الله عبود الشريف. وقد قام مركز الخاتم عدلان بنشر تلك الدراسة في كتابٍ حمل عنوان “حكم الإنقاذ وأدلجة التعليم”. لم يستطع المركز توزيع الكتاب لأن السلطات أغلقت المركز مع صدور الكتاب. وجرت مصادرة الكتاب ضمن ما جرت مصادرته من ممتلكات المركز قبل أن يوزع. وأود أن أورد، في هذا العمود، نموذجًا واحدًا من العوار الكثير الذي شاب ذلك المنهج المتخلف. والنموذج الذي سوف أعرضه مأخوذ من كتاب “الفقه والعقيدة للصف الثامن الأساس”، صفحتي 42 و 43.
في هذه الصفحات تحدث الكتاب عن الأفعال التي توجب القضاء والكفارة في الصيام. وذكر منها ثلاثة هي: “تناول الطعام عمدًا في نهار رمضان. و”الاتصال الجنسي مع الزوجة أو غيرها”. و”إذا رجع شيءٌ عمدًا من القيء المتعمد إخراجه”. ولن أعلق على “تناول الطعام عمدًا، لأنه لا مشكلة هنا. غير أنني أرى أنه كان من الأفضل لواضعي المنهج أن يكتفوا بـ “تناول الطعام عمدًا”، بوصفه موجبًا للقضاء والكفارة، ولا يتعدوه ليحدثوا صبيةً وصبياتٍ، هم دون سن الرشد، عن المعاشرة الجنسية، كموجب للقضاء والكفارة. والأغرب أنهم أضافوا إلى معاشرة الزوجة، معاشرة غير الزوجة. هذا في حين آن الاتصال الجنسي بغير الزوجة، يدخل في باب الزنا، قبل أن يدخل في مبطلات الصوم. وهو جريمة، إذا ثبتت، تجري عقوبة مرتكبها بالرجم، إن كان محصنًا، وبالجلد إن كان غير محصن. لذلك، لا موجب البتة لإيراد الاتصال الجنسي بغير الزوجة في هذا السياق. بل، إن إيراده بهذه الصورة ربما أوحى للتلاميذ أن الاتصال بغير الزوجة، إذا جرى في غير رمضان، فلا غبار عليه.
أيضًا، جاء في توصيف الحالة الثالثة مما يوجب القضاء والكفارة، قولهم: “إذا رجع شيءٌ عمدًا من القيء المعتمد”. هذه الجملة الغريبة نقلتها حرفيًا من الكتاب، كسابقاتها. وأول صور غرابتها صياغتها الركيكة جدا. تأمل عبارة: “إذا رجع شيءٌ عمدًا من القيء المتعمد إخراجه”. وإذا تركنا الرِّكة جانبًا، فهل يُعقل أن يتعمد الصائم التقيؤ من أجل أن يبتلع جزءًا مما تقيَّأه، مرةً أخرى؟ فإذا تقيأ المرء، فالراجح أنه مريض. والمستحب في هذه الحالة، أن يأخذ برخصة المرض، فيفطر ثم يقوم بالقضاء لاحقا. أما الأكثر غرابة مما ورد في هذا الباب، وما لا يصدقه المرء، فهو قول من أعدوا المنهج، أن على من ارتكب واحدة من مبطلات الصيام التي توجب القضاء والكفارة، فعل واحدة من أمور ثلاثة، وضعوا على رأس قائمتها، “عتق رقبة”. نعم، “عتق رقبة”، وأرجو ألا تفرك عينيك عزيزي القارئ، فقد قرأتها صحيحا. هل أنا بحاجة لكي أقول، إن هذه العقول التي وضعت هذا المنهج، لا تختلف في شيء عن عقول الدواعش، الذين سبوا الكرديات، والإيزيديات، في العراق، واسترقوهن واغتصبوهن.