هذا ما نريده يا البرهان !
كتب: زهير السراج
.
* ظل الفريق الفتاح البرهان يشن هجوما عنيفاً خلال الايام الماضية على الحكومة ويصفها بالفشل ويحرض عليها الجيش والشعب وكأنه معارض سياسي، وليس الرجل الأول في الدولة الذى احتكر منذ اليوم الاول لتربعه على الكرسي كرئيس لمجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة كل شيء، بما اعطته الوثيقة الدستورية من سلطة مطلقة للمكون العسكري على القوات النظامية بكل ما لديها من سلطات وامتيازات واستثمارات وشركات واموال ضخمة، بالإضافة الى تعيين وزيري الدفاع والداخلية والسيطرة بواسطتهما على كل كبيرة وصغيرة فيهما بدون ان يكون لرئيس مجلس الوزراء سلطة فعلية عليهما!
* فضلا عن ذلك، تغول المكون العسكري على الكثير من سلطات الحكومة والجهاز التنفيذي بدون أي نص أو سند دستوري، مثل رئاسة وفد مفاوضات السلام في جوبا ورئاسة اللجنة الاقتصادية من خلال الجنرال حميدتى، ورفيقه وخصمه اللدود الجنرال الكباشى الرئيس المناوب لوفد مفاوضات السلام، الأمر الذى ادى الى التحكم في الشأن الاقتصادي، وانحراف مفاوضات السلام وفرض الجبهة الثورية عليها لتكون عونا وسندا للعسكر عند مشاركتها في السلطة ولف الحبل حول عنق الحكومة والدولة المدنية الديمقراطية التي ستكون ألعوبة في يد العسكر وحلفائهم في الفصائل المسلحة، ولقد لاحت بوادر ذلك بالعبارة التي اطلقها (البرهان) قبل يومين أمام حشد من العسكريين وكأنه يخاطب الشعب: (نحن تحت إشارتكم، زي ما استجبنا ليكم في أبريل الماضي الآن تحت إشارتكم، أي إشارة نستجيب ليكم )، ولا أدرى ماذا يقصد بهذا القول الغريب، هل هو تهديد بالانقلاب على الاوضاع القائمة في البلاد، أم ماذا .. ولا ننتظر منه او من مكتبه الصحفي الذى تديره مجموعة من صحفيي النظام البائد، أن يوضحوا لنا ما هو المقصود بهذه العبارة أو التهديد !!
* واقول للسيد رئيس مجلس السيادة الذى اطلق بهجومه المتكرر على الحكومة، عامدا أو غير عامد، العنان لباشكتبة النظام البائد للهجوم على الحكومة والقوى السياسية الحليفة لها ولجان المقاومة، بل والثورة نفسها وكأنها إشارة متفق عليها لدلق ما تنضح به آنيتهم من عداء للشعب والثورة على صحائفهم الصفراء الممولة من مال ودم الشعب، وكان من المفترض ان تُنزع منهم وتُعاد الى الشعب ولكنها ظلت مملوكة لمن لا يستحق، كما أنها ظلت تجد الحماية والرعاية من الحكام الجدد منذ اليوم الاول لسقوط النظام البائد، ولا تزال حتى هذه اللحظة تحظى بإعلانات واشتراكات الحكومة التي تهاجمها وتحرض أعداء الثورة للانقضاض عليها!
* أقول للفريق البرهان إن ما يريده الشعب هو أن تعود إليه سلطته واستثماراته وشركاته وامواله، وأن تتحقق أهداف ثورته التي قدم من أجلها أغلى التضحيات، وهو على استعداد لتقديم المزيد، لا تغرنك سيدى انخفاض وتيرة التأييد الشعبي للحكومة أو الانتقادات التي توجه إليها وهو أمر طبيعي مع الأوضاع السيئة الموروثة من النظام البائد في كافة مجالات الحياة وليس فقط الاقتصاد، واحتكاركم للسلطة وغل يد الحكومة عنها، وسيطرتكم على الاقتصاد والمال العام وكل شيء آخر وعجزكم عن فرض الامن في البلاد حتى في عاصمة البلاد التي صارت مرتعا للعصابات رغم سيطرتكم المطلقة على الاجهزة الامنية، فضاعت الارواح والدماء والاموال في العديد من مناطق البلاد !
* حتى مفاوضات السلام وضعتم يدكم الثقيلة عليها وانحرفتم بها عن المسار الصحيح وحولتموها الى مسارات وهمية، وحرمتم اصحاب الحق الأصيل من المشاركة فيها حتى تستمر وتقوى قبضتكم على السلطة بمشاركة حلفائكم في الجبهة الثورية فيها، وهو مخطط مفهوم ومعروف بدا منذ اجتماعات العاصمة الشادية (انجمينا) منذ العام الماضي، فكيف تتهمون الحكومة بالفشل مع كل هذه العوائق والمعيقات التي تضعونها في طريقها .. إن كان هنالك مَن يتهم بالفشل والعجز فهو أنتم، ولقد كان خطأ فادحاً السماح لكم بالمشاركة في السلطة، فالعسكر مكانهم الثكنات وليس القصور والمكاتب المكيفة، ولا أظن انكم أفضل من عساكر الأمريكان والفرنسيس والإنجليز الذين يقيمون في الثكنات، وليس القصور والمكاتب المكيفة!
* نريد القصاص من النظام البائد عن كل جريمة ارتكبها، واستعادة كل مليم سرقه، نريد تسليم المخلوع وزبانيته الى المحكمة الجنائية الدولية، نريد القصاص من مرتكبي مجزرة فض اعتصام القيادة وكل الجرائم التي ارتكبت خلال فترة حكم المجلس العسكرى المحلول، نريد مفاوضات سلام مع اصحاب الحق الاصيل، وليس مفاوضات هزلية عبثية، نريد سيطرة الحكومة على كل المال العام، نريد مجلسا تشريعيا مدنيا يتولى مهمة الرقابة والتشريع وليس أنتم الذين تصدرون القرارات والقوانين وتناقشونها وتجيزونها وتراقبون أنفسكم .. !
* نريدكم مجلس سيادة حقيقي يكون رمزا للدولة، وليس حاكما ومتحكما في مصير الشعب، ونريدك أنت رأسا للدولة له كل الاحترام والتقدير والتوقير من الكافة، وليس معارضا سياسيا يدبج الخطب السياسية التي تحرض على الحكومة وتهدد بالانقلاب على الاوضاع !
* هذا هو ما نريده سيدى، ولقد اختصره الشعب في ثلاث كلمات عندما خرج عن بكرة أبيه لإسقاط النظام البائد .. (حرية، سلام وعدالة) وهو قادر على الخروج مرة اخرى وانتزاع وتحقيق ما يريد، وارجو أن يصلك مكتوبي هذا ويكون بردا وسلاما عليك والسلام!