هل كان انقلاب الهواة بروفة
كتب: جعفر عباس
.
شهد صباح الثلاثاء الماضي 21/9/21 محاولة انقلابية (كما لاحظ البعض هناك 21 باليمين والشمال و9 طويلة في النص)، قادها اللواء عبد الباقي بكراوي، ومعه ستة برتبة عميد وعقيدان وعدد من الرتب الأخرى، وذهب عقيد الى مبنى الإذاعة والتلفزيون في صحبة ثلاثة من المدنيين لتلاوة بيان الانقلاب، ولكن الفني المناوب رفض السماح له بذلك ما لم يأته الأمر من رئيسه المباشر فانسحب العقيد ورفاقه، وخلال ساعات قليلة كان الانقلابيون ومعظمهم من سلاح المدرعات قد استسلموا وتم اعتقال قيادتهم.
وعلى ذمة العسكريين في قيادة الدولة حاليا فقد كانت تلك المحاولة الانقلابية الخامسة او السادسة التي اعلنوا عن اجهاضها، ولكننا لم نسمع شيئا عن محاكمة الضالعين فيها، ثم ذهب الفريق البرهان الى سلاح المدرعات وبدلا من ان يهاجم الانقلابيين ويحذر من مغبة الانقلاب على نظام يجلس هو على قمة هرمه، فتح النار على الحكومة المدنية والقوى السياسية، وتباكى على أوضاع وبؤس حال العسكريين، وقال كلاما خلاصته ان الجيش في خندق وقوى الشعب المدنية في خندق مقابل.
ثم جاء حديث رفيق دربه الفريق حميدتي على نفس المنوال شاكيا وباكيا من ان القوات النظامية تتعرض لهجوم ظالم وان السياسيين هم اس البلاء، ويفوت على البرهان وحميدتي أنهما في قلب العمل السياسي بل دخلاء على العمل السياسي وفرضا وجودهما في ساحة الحكم بالدم وقوة السلاح، وكان من المضحكات المبكيات ان البرهان ناشد شباب الاعتصام الذين “درشهم العسكريون دريش وكأنهم كفار قريش” أن يستنهضوا الهمم.
برر جنرالات الجيش وجودهم في هيكل الحكم بأنهم الأقدر على حفظ الأمن، وقد شهدت الفترة التي سبقت المحاولة الانقلابية الأخيرة انفلاتا أمنيا لم يعد معه المواطن آمنا في بيته، وما زالت دارفور تنزف ثم اختطف محمد الأمين ترك شرق السودان وأغلق ميناء بورتسودان وميناء بشائر النفطي ثم مطار بورتسودان ولم يفتح الله بكلمة على البرهان في هذا الشأن.
باختصار وجد البرهان وحميدتي في المحاولة الانقلابية الخائبة فرصة للانقلاب على الحكم المدني، بل وقال البرهان ان الجيش وحده هو الوصي على الفترة الانتقالية (يعني يستفرد بالحكم؟؟؟)، وان الجيش وحده “يسوق التغيير ويوديهو محل ما عايز”، ولهذا فقد استنكر تغريدة محمد الفكي التي دعا فيها الشعب ان يهب للدفاع عن ثورته، ونسي البرهان ان الشعب هو الذي صنع الثورة التي أوصلته الى رئاسة المجلس السيادي وجعلت من حميدتي نائبا له.
يحسب البرهان وحميدتي ان أي هجوم عليهما هو هجوم على المؤسسة العسكرية، بينما من الطبيعي ان يكون كل من يشغل منصبا دستوريا او تنفيذيا هدفا للنقد القاسي، ولا تكاد تمر ساعة دون ان يتعرض رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الى النقد الجارح وبعضه مستحق وبعضه ظالم، ولكننا لم نسمعه يشتكي لذلك، وما من شك عندي في ان شعبنا يحترم جيشه احتراما مستحقا، ولكن على كل عسكري يتصدى لأمور الحكم ان يتحمل النقد الناعم والقاسي، وعلى البرهان وحميدتي ان يكفا عن لعب دور المظلوم فلو وقع عليهما ظلم فهو من نتاج عملهما، وأهم من كل ذلك ان يكفا عن الحلم بالانفراد بالحكم فقد جربا ذلك ما بين ابريل واغسطس 2019 وباءت المحاولة بالخسران.
وأداء الحكومة الحالية بائس ومخيب للآمال ولكن العسكريين القابضين على عصب الاقتصاد السوداني مسؤولون عن معظم ذلك البؤس، وإذا كان لهذه الحكومة ان تذهب فستذهب بأمر الشعب وليس بأمر البرهان وحميدتي اللذين يريدان ان يصبحا الكل في الكل.