وقفات مهمة المرأة.. في الأغنية السودانية (4)
في تناولنا العابر لموضوع المرأة في الأغنية السودانية نقف اليوم عند قصة أوشك أن يغلب عليها الطابع الاسطوري قصة تاجوج ومحلق.. وبالرغم من أن طبيعة حديثنا تنقصها مقومات البحث المكتملة الا ان ظاهرة الطابع الاسطوري الذي نجده في كثير من قصص الحب عند المجتمعات المتخلفة التي تعيش واقعاً انفصالياً بين الرجل والمرأة حتى في الأماكن الريفية البعيدة عن المدن التي تبدو الحياة فيها مظهرياً حياة اختلاط.. وعليه فان العلاقةبين الرجل والمرأة في المجتمع البدوي والريفي تكتنفها رؤى ضبابية كثيفة بالرغم من حرية الحركة والاختلاط نجد ان شبح الموت وفقدان السمعة الطيبة تحوم حول الفتاة التي يتداول اسمها من خلال اي شائعات تربطها بفتى معين وفي نفس الوقت مسموح للفتى ان يتغزل في “الجواري” تعبيراً عن تحكم العلاقات الاقتصادية ولذلك ان الكثير جداً من الذي نسمعه من اغاني واهازيج.. قد لا يمثل واقع بعينه وقد تكون خيال او احلام يقظة.. وتأتي دائماً القصص تعبيراً عن علاقة بين طرف يملك القدرة والحرية وطرف مسلوب منها ولا تحقق له كما في قصة ود الفراش مع الدون وان كانت نهايتها أليمة.. وموقف الشاعر لم يتغير وانما انطلق يعبر عن روح الواقع بشكل اكثر وضوحاً.
قلنا هذا لأن قصة تاجوج ومحلقرغم الطابع الاسطوري الذي يغلب عليها ورغم تعدد الروايات الا انها خرجت قليلاً من المفهوم السائد في البادية والريف تجاه قضية علاقة الرجل بالمرأة.. والتي تتلخص في ان الانتباه للمرأة لا يخرج من كونه انجذاب جسدي جملة وتفصيلاً وكلما كان الجسد جميلاً كانت قوة الانجذاب كبيرة.. والجوانب التي تجذب بها قصة تاجوج ومحلق كثيرة اهمها طبيعة تصويره لتاجوج الذي اتى الى جانب الشيء الطبيعي وهو الغزل والتشببهو وصف حاله.. وصف عواطفه وعدم تركيزه الواضح على الجوانب الحسية والشيء الثاني انها ابنةعمه واستطاع ان يعلن حبه لها ويقنع به الآخرون والجانب الثالث وفاؤه وثباته على عواطفه رغم ظروفه المأساوية.
وقصة تاجوج ومحلق التي صارت مضرب المثل في ان لا معنى لحياته بعيداً عن تاجوج بأي حال من الاحوال. يقول:
تدنيلي ما بنقطع قراي
وتبعدني ما بتحمل بلاي
طول يا ليل ابقالي ناي
حفر ايدي وغرق لي براي
لعله اراد ان يشير الى ان تاجوج نفسها تبادله حباً بحب ويقول بالرغم من انها طلبت البعاد لكنها لا تريد اذائه او اي مكروه يقع له.. ويأمل في جمع شملهما بالرغم من اعترافه بالخطأ “حفر يدي”.
وانكفأ على وجهه يقول غناءاً باكياً متواصلاً حتى بدا يرق له قلب عمه واشترط عليه الا يقول الشعر ثانية ان اراد ان ترجع اليه تاجوج.. وكان شرطاً قاسياً على محلق كشاعر وفنان مرهف.. تنازل عمه وطلب منه ألا يقول الشعر لمدة يوم كامل وعين له الذين يراقبونه في ذلك والتزم في معاناة شديدة حتى اوشك سنور الصبح سمع صياح الديكة وانطلق قائلاً في حالة غيبوبة كاملة:
كر بادبك مالك تصيح زعلان
جوفي محروق وجوفك ملان
وقت اطر عنز القنان
رقد ما لاي الكيروان
وقد اخل بالاتفاق مع عمه وبعدت فرصة اعادة تاجوج له مما زاد هيامه ورفع صوته بالغناء الباكي الحزين.. مرة يصف حاله ومرة يصف محبوبته معبراً على نه لن يتحول منها ولن يقتنع بسواها يقول لاغياً كل الحسان:
الناس تلد الناس ساكت حمير
وامك تلد الصيد سمح الضمير
شعراً بلا وابوك هدل السرير
وسنا بلا مسواك برقا يشيل
الناس تلد الناس ماكت حسادة
وامك تلد الصيد سمح القدادة
شعراء بلا دابوك هدل الوسادة
وسنا بلا مسواك برق المكادة
يصف محلق جمال تاجوج ويقول ان وجود جميع الحسناوات لا معنى له فهي اجمل ما ولدت النساء على الاطلاق.. قوة الحب.. وشدة الوفاء..
وصار جمال تاجوج مقياساً للجمال حسبما وصفها محلق في قصة علاقتهما التي بدأت طبيعية وانتهت بمأساة كبيرة يقال ان محلق ابن عم تاجوج لم يرها وهي طفلة ولكنه رآها وهي شابة في حفل عرس ووقع في حبها وتعلق بها تعلقاً شديداً وتزوجها من أبيها وعاشت معه في سعادة كاملة وانقطعت علاقة محلق بأي شابة غيرها.. وقد كانت له علاقت قبلها.. الى ان كان يوم الكارثة في حياته العاطفية يوم اراد ان يثبت لصاحبه ان تاجوج اهل لكل الذي يقال فيها.. واهل لعشقه وولهه بها.. في ذلك اليوم طلب من صاحبه ان يرى تاجوج بنفسه.. وبالفعل ذهبا معاً وطلب المحلق من تاجوج ان تتجرد والتجرد من الثياب حسبما جاء في التراث الشعبي لقبيلة الحمران الذي جمعه واعده الطيب محمد الطيب ان التجرد حسب عادات قبيلة الحمران هو خلع الثوب فقط لا كما تصوره لنا الحكايات المسموعة من انه طلب منها ان تتعرى تماماً.. المهم لما قبلت تاجوج تنفيذ رغبة محلق اشترطت عليه تنفيذ رغبة لها كان مبعثها احساسها بخدش كرامتها.. وكانت رغبتها الطامة فقد طلبت منه الطلاق.. وبالفعل تم وتزوجت من غيره وبعدها هام محلق على وجهه فاقداً صوابه معبراً عن حاله في غنائيات باكية وحزينة قال:
الليلة الصعيد سحباتو رابن
على البلد الغفر قعلانا لابن
من كلمة “فراح” عقباتنا سابن
حليل يا قرفية ام ضحكاً مغابن
في المربع الغنائي يشير المحلق الى ذلك اليوم الذي طلب فيه من تاجوج ان تخلع ثوبها ويقول ان حياته اصبحت سوداء وانه فقد اسباب السعادة والهناء في هذه الدنيا ويقول:
واقف مسنبل
ساسا في كيف درب النمل
راقد رقاد الديك في الحبل
يوماً بلا تاجوج ما بتحمل
ويعيش محلق حالة الندم واللوم الشديد لنفسه ويؤكد ويستمر محلق في بكاء فراق تاجوج بألم وحسرة ويستنكر على الليالى والزمن ويقول:
ولن ايام الطرب والفاقة
شوق الشوق للمدبورة عن ساقه
مريودة امها الفي الدبس فداها غراقه
ما قايل الليالى بعوضني فراقه
بعد ان يعلن ان ايامه السعيدة والهادية ذهبت مع تاجوج الجميلة يقول ان الشوق نفسه اشتاق اليها ويعاتب الليالى على الذي فعلته به.. ويصف حاله في انه اخذ يتحين فرص رؤيته اليها يقول:
فتحت البيت لامن مليت شوفي
وجبدت مقنعة الحشمة وحرقت جوفي
البنوت بلاك يا منضرة شوفي
بقن طمام وكترن عوفي
ولما تصاعدت حالة محلق في الهيام والعشق اشفق عليه اهله واصحابه واخذوا يحاولون التأثير عليه تارة بالتقليل من شأن تاجوج عله يرجع عنها.. واخرى باقناعه بأن يتزوج غيرها ولكنه يقول غاضباً من ذلك داعياً على اصحابه بالموت والمصائب:
الليلة علي اجدد الونانه
متل السولبو وشمتو فيه الاخوان
البهديني من تمكه جناين اسوان
بضوق حرقة حشاو ويختر يموت عطشان
كان لمحلق صديق قريب جداً منه يدعى “ود جوبل” لم يوقف محاولة تأثيره على محلق وكان يخاطبه في كثير من غنائياته الباكية يقول:
كضب ياود جوبل ماها ام عوارض
بدور ليه البكارالكوعا شارد
على الرقية ام حزوز حرتبها وارد
قصبة همبروك ساقيها بارد
ولكن ود جوبل استمر في الضغط على محلق حتى استطاع ان يقنعه بالزواج من حسناء جميلة جداً.. وارتاح الاهل والاصدقاء ظناً منهم انها بداية لنهاية مصيبة محلق ولكنه لم يستطع العيش مع العروس الجديدة رغم جمالها بل يقول:
دخلت لقيت شيشة ودرية
وعاين في السرير شف خلق شنية
مرق بره وندهت اهل البنية
بلا عجب ام قبيل مالي نية
خريف داك السنة المرق السعية
واضح انه لا يرى الا تاجوج ولم يقتنع بغيرها وطلق العروس الجديدة وواصل هيامه الى ان تحول الى علة تمكلت بدنه ونفسه معاً وسقط طريحاً.. وظل الاهلي يبحثون له عن العلاج لدى “الفقرا” ولدى تاجوج ايضاً منهم من ذهب ليقنعها بزيارته وهو على فراش المرض. ويقال رق قلب تاجوج وذهبت لتعود محلق وعندما دخلت وجدت عنده “فكي” يقوم بمعالجته فأخذ جمالها “الفكي” واخطأ “دواية” العماد ليغمس قلمه في التراب خاطبه محلق قائلاً:
يافكي لا تعزم تقول مريضك طاب
فكرك انشغل وقلمك مليتو تراب
ضامر الحشا ال بالنظرة ليها خطاب
المحزور وسط والعالي في القرباب
ويقول:
يافكي لا تعزم تقول جنيت
ما شفت القبيل رفعت ستار البيت
بالخميس رحلت وبالجمعة انا جنيت
طبقولي البلام ومن القرب رحيت
وبعدها دخلت عليه ويقال عندما رأته على تلك الحالة ندمت ندماً شديداً واغروقرت عيناها بالدموع.. والتفت اليها قائلاً:
اتاري يا ام قبيل الفي عباده
مسوحك بالمسك والناس مراضه
حسيسك في الضمير هرد الكباده
تكتلي الزول سريع قبل الشهادة
وقربت منه ووضعت رأسه على رجليها وهي تبكي بكاءاً حاراً الى ان قال:
يا هبيب من وين جيتي
امس معاي وبكرة بيتي
المعزة الكلياتن حرير دوتي
وبعد ان فرغ من هذه الأبيات اسلم الروح وانتهت ملحمة شاعر مغن احب واوفى فمات شهيداً ليترك لنا ذاك التراث من الغنائيات التي افادتنا كثيراً في وقفتنا على حالة المرأة في كثير من مجالات الحياة.
نواصل الاسبوع القادم
حول قداسة الميثاق وحماية الثورة (3)
على مر حقب التاريخ ظلت جذوة النضال التقدمي متقدة في قلب حركة نضال جماهير الشعب السوداني.. عملاً لتحقيق حياة كريمة واملاً وتطلعاً للغد الأفضل والأسعد.. قاومت كل ألوان القهر والتسلط الاستعماري والذي مارسته الحكومات الوطنية بعد الاستقلال السياسي بعداً عن التطلعات الحقيقية للجماهير الثائرة التي كانت تبحث عن الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي الى جانب الاستقلال السياسي.. كانت تبحث عن التغيير.
ولذا وبلا اختزال للأحداث كانت ثورة مايو التي تفجرت عام 1969م ملتقى صادقاً لكل الرغبات الخير في اعماق حركة نضال الجماهير.. منذ بيانها الأول وفهمها لمعنى ان يقود الشعب نفسه.
وأنا عندما أناقش تجربة عمل الاتحاد الاشتراكي السوداني لا افعل سوى واجب ثوري أرى ان يكون متصلاً والا يكون الوقوف عند الممارسات بالسنين أو الشهور بل بالأيام.. وجماهير الشعب السوداني تعلمنا كل يوم المزيد من الدروس النضالية والمفيدة والصادقة.. وآخر درس شهدنا وسمعنا به كان ذاك الذي بدار الاتحاد الاشتراكي امسية الاحد 31 مارس عندما صنعت الجماهير مع قائدها في صفاء ووضوح ثوري لا حد لهما.. قراراً كبيرً وهاماً واشتراكياً ذاك الذي يضع حركة التعاون في مكانها الطبيعي والفعال..
ومن اعتباري لميثاق العمل الوطني بانه خلاصة تجربة الشعب السوداني النضالي في درب البحث عن الأفضل كنت أرى ضرورة اخضاع ممارساتنا اولاً للتقويم لنرى ان كنا قد مارسنا عملنا اليومي وفق ما جاء في الميثاق أم كانت هنالك بعض او كل المعوقات والمشاكل.
وعمر الممارسات السياسية داخل تنظيم تحالف قوى الشعب العاملة في الاتحاد الاشتراكي لا تتعدى الثلاث سنوات ان وقفنا عندها بالتفصيل تكون كالآتي:
في عام 1971م ناقشت لجنة ميثاق العمل الوطني مشروع الميثاق وفي العيد الثاني للثورة اعلنت الثورة التنظيمية واعلن عن تكوين اللجنة التمهيدية التي اعدت لقيام المؤتمر التأسيسي,.. والى ان انعقد المؤتمر التأسيسي كان العمل تبشيري بقيام التنظيم السياسي الذي يجمع شتات الأمة بعد ان حسمت ثورة مايو اهم قضيتين اساسيتين هما مسألة بيد من تكون السلطة.. ومسألة الديمقراطية وبعد انتهاء المؤتمر التأسيسي واجازته للوثائق الأساسية بدأ العمل التأسيسي للاتحاد الاشتراكي من مستوى الوحدة في مجال السكن.. ولعل تأخير بدء تكوين فروع العمل في مجالات العمل أدى الى كثير من أوجه القصور في تجربتنا في مجال التنظيم.. وعموماً كان تحركاً شاملاً على مستوى القطر استنفد جهداً تنظيمياً اكثر مما استنفد جهداً في مجال تعميق فكر الثورة الوارد في ميثاق العمل الوطني وهذا شيء وارد وحتى في مثل هذه الحالة اي حالة بناء هيكل لتنظيم شمولي وواسع العضوية يحتاج الى تعدد وتنوع في وسائل المخاطبة والعمل.
ولكن مع ذلك ظلت قضية تقوية الجبهة الفكرية داخل التنظيم الشغل الشاغل لدى الكثير من اعضائه سواء اكان على مستوى رئيسه الذي ظل يردد على الدوام اهمية بث فكر الثورة وتعميقه في اذهان الجماهير.. أو على مستوى قيادته في كثير من المواقع.
ونقول مع ذلك بوجود قصور في هذا المجال والمسؤولية تقع على عاتقنا.. وتتلخص في اننا لم نول عملية تبسيط فكر الثورة وتعميقه في اذهان الجماهير بالوسيلة الناجحة,.. كبير اهتمامنا وبذا اضع مسألة معينة.. المكتب السياسي بعد انعقاد الدورة الاولى للجنة المركزية اصدر ورقة عمل ضافية وشاملة اذا وجدت المتابعة والمناقشة والتنفيذ لكانت النتائج كبيرة وعظيمة.. برنامج العمل الشعبي المقدم من المكتب السياسي اعتمد على اربع وثائق اساسية وهامة من وثائق الثورة التي توصلت اليها من خلال النقاش والدراسات والمؤتمرات المتواصلة على مدى عمر العمل الثوري والوثائق هي كالآتي:
اولاً: مقررات وتوصيات المؤتمر القومي الاول ويشتمل على:
1/ الفكر والعمل السياسي والثقافي.
2/ الشؤون الدستورية والتنظيمية.
أ-بناء الدولة الحديثة.
ب-المسائل التنظيمية للاتحاد الاشتراكي السوداني. والمنظمات الجماهيرية والفئوية.
ج-الحكم الشعبي المحلي.
د-مجلس الشعب القومي ومجلس الشعب الاقليمي.
3/ التنمية والخدمات:
أ-التنمية الاقتصادية الشاملة حسب الاهداف والاولويات.
ب-السياسة الخارجية وما ورد من مقررات المؤتمر تنفيذ لاهداف الخطة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيقاً لعلاقات خارجية مع كافة التنظيمات السياسية والدول على اساس الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.
ثانياً: تقريرالأمين العام تصحيحاً للأخطاء السابقة وتقويماً لسلبيات العمل وارتقاء ودفعاً من اجل الحفاظ على المكتسبات السابقة.
ثالثاً: منهاج العمل السياسي الذي حدده رئيس الاتحاد الاشتراكي امام الدورة الاولى للجنة المركزية ويشتمل على:
- تسليح المؤسسات والمنظمات السياسية والجماهيرية والشعبية والادارية بفكر الثورة وتوعيتها توحيداً للارادة والعمل والفكر والهدف.
- توجيه العمل والخطة والمنهج والبرنامج المحدد.
- تحقيق طفرة الانماء والانتاج والكفاية.
- قطع اي طريق للنكوص والانتكاس.
- وضع الحدود ومعرفة الاختصاصات وتجنب الارتباك.
رابعاً: برامج العمل المرحلية اطاراً لتحقيق مقررات المؤتمرالقومي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والورقة بعد ان حددت الاطر حددت ايضاً الجهات التي يقع عليها واجب التنفيذ وهي:
1/ الحكومة التنفيذية.
2/ المجالس الشعبية التنفيذية.
3/ مجالس الحكم الشعبي المحلي.
4/ المنظمات الجماهيرية.
5/ لاتحادات والنقابات.
هذه الأسس العامة لورقة العمل الشعبي التي قدمها المكتب السياسي وكانت برنامجاً متكاملاً ولكن على صعيد الاهتمام كان نصيبها قليلاً من جميع الجهات التي حدد لها دور في انجازها.. وانا لا اريد ان اغوص في هذا الموضوع بقدر ما اريد ان يغوص الآخرون ولناخذ مثلاً الحكومة المركزية.. حيث تواجهنا مسألة هامة وهي مسألة الثورة وتثوير الأداء الحكومي.
ولا أريد من وراء حديثي التبرير لوجود ظاهرات سلبية في كثير من الاداء ولا اريد ان افرق وان كانت شكوى الجماهير من الاداء الروتيني والبيروقراطي قد بلغت حداً كبيراً اما ان هناك حقيقة واضحة وهي ان الاداء الرويتيني اوشك ان يأخذ شكل العاهة في التجربة الثورية التي يقودها الاتحاد الاشتراكي على الرغم من حداثة سنه ومع ايماني بأن البيروقراطية لا يمكن استبدالها بين يوم وليلة ولا بالقرارات والقوانين وحدها وانما يتم ذلك بفعالية اعضاء التنظيم الثوري الذين يمارسون سلوك ديمقراطي اشتراكي داخل مكاتب الحكومة.
فالعمل الثوري ليس قانوناً يصدر لينفذ بتحرك واحد ثم ينتهي الأمر.. وليس هو تحرك الاجهزة القائدة للتنظيم وحسب.. وانما هو العمل الايجابي.. هو العمل اليومي البسيط الدؤوب الذي يبدأ من الممارسة الذاتية تجاه العمل.. المواظبة الاهتمام بالمواعيد الاهتمام بقضايا الناس بهمومهم الصغيرة والكبيرة.. عمل فيه صبر وفيه نكران ذات.. هو عمل يجب ان يبعد عن الصخب السياسي والثرثرة الثورية.
فالوزير الذي لا يؤمن بدور الجماهير ودور الاتحاد الاشتراكي كيف يتسنى له ان يبث روح التضحية ونكران الذات بالفعل لا بالقول وسط العاملين معه ومع وجود حقيقة ان عملية الانتقال من مرحلة القرارات الادارية الثورية الى مرحلة العمل السياسي والاجتماعي الشامل تمثل ظاهرة فريدة وجديدة في حياتنا السياسية وتطرح أمامنا مهام كبيرة وعظيمة وشاقة.
ومن هنا اريد اناقول ان الواجبات الثورية متجددة وتطرح نفسها كل يوم وبالحاح شديد ولذا اقترح ان نجعل مدى استجابتنا لورقة العمل الشعبي التي قدمت من قبل المكتب السياسي محل محاسبة لانفسنا لنقف من خلالها على مدى فعالية اجهزتنا التي اقمناها كلها من اجل ان تحول ميثاق العمل الوطني لواقع معاش.. نحن في ميثاق العمل الوطني قلنا يجب ان نغير حياتنا.. ان نحدث ثورة في الأداء الاداري وان نحدث ثورة اجتماعية وثقافية وصحية وتعليمية ولذا يجب ان نسأل انفسنا في:
1/ الحكومة.
2/ المجالس التنفيذية.
3/ المنظمات الجماهيرية.
4/ المنظمات الفئوية
وأخيراً ارجو ان ادعو كل اعضاء التنظيم لمناقشة هذه المسالة في هذا الاطار مع تقديري وشكري للجميع.