19 ديسمبر لاستعادة الديمقراطية والثورة والوطن

0 111
كتب: تاج السر عثمان بابو 
.

1

أشرنا سابقا الي تفاقم أزمة الحكومة والشراكة التي انفجر الصراع المكتوم داخل مكوناتها، الناتج عن الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرّست حكم العسكر، وقننت دستوريا الدعم السريع ، وابقت علي المراسيم الدستورية التي اصدرها المجلس العسكري منذ انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 والقوانين المقيدة للحريات والاتفاقات العسكرية الخارجية ووجود السودان في حلف اليمن واستمرار ارسال الجنود لها. وحتى الوثيقة الدستورية “المعيبة” لم يتم التقيد بها كما في :

– البطء في تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وارجاع شركات الذهب والبترول والاتصالات والجيش والأمن والدعم السريع والمحاصيل النقدية لولاية المالية، والتهاون مع فلول النظام البائد الذين اشعلوا الفتن والصراعات القبلية في الشرق والغرب وتخريب الاقتصاد وتهريب الذهب والعملة الصعبة والمواد التموينية ( الوقود ، الدقيق، الصمغ العربي ، . الخ)، ورفع سعر الدولار وخلق الأزمات في السلع التموينية، من خلال الدفاع عن مصالح الرأسمالية الطفيلية التي ابقي عليها انقلاب اللجنة الأمنية ، اضافة لعدم تحسن الأوضاع المعيشية ، بل تدهورت نتيجة لرفع الدعم والتنفيذ الأعمي لسياسات صندوق النقد الدولي واستمرار انخفاض الجنية ، وتدهور الأجور والخدمات والمطالبة بتحسينها كما في الاضرابات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات الجارية، وتدهور خدمات الصحة والتعليم ونقص الدواء ، وضعف الاستعداد لوباء كورونا الذي يحصد الناس حصدا هذه الأيام ، وتدهور صحة البيئة ، وارتفاع الأسعار حتى أصبحت الحياة لا تطاق.

– البطء في المحاسبة لمرتكبي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وعدم انجاز لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام لمهمتها حتى الآن .

– عدم تمكين الشباب والمرأة ، وعدم اصدار قرار سياسي بارجاع المفصولين العسكريين والمدنيين ، وعدم حل المليشيات وفق الترتيبات الأمنية بما يضمن جيش قومي مهني موحد وجمع السلاح ، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات واصلاح النظام القانوني والعدلي واكمال تكوين المحكمة الدستورية، وعدم تكوين المجلس التشريعي والمفوضيات.

– لم يتم تحقيق السلام الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة كما هو الحال في اتفاق جوبا الجزئي الذي استبعد حركات الحلو وعبد الواحد وتحول لمحاصصات ومسارات تهدد وحدة البلاد واستقراراها كما هو الحال في الرفض الواسع لهذا المنهج، وخلق أزمة كما في جعل الاتفاق يعلو علي الوثيقة الدستورية، وعدم إجازة الاتفاق عن طريق التشريعي ، وتكوين مجلس الشركاء الذي خلق أزمة عامة كما في تجاوز المجلس التشريعي في الرقابة والتوجية للفترة الانتقالية ، وغياب التحضير الجيد للمؤتمر الدستوري.

– انتهاك الوثيقة الدستورية كما في مصادرة حق الحياة باطلاق النار علي التجمعات والمواكب السلمية، وعدم انجاز لجان التحقيق التي تم تكوينها لمهامها في العدالة والقصاص للشهداء.

– عدم تحقيق سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة وتعمل علي تحسين علاقات السودان الخارجية وبنائها علي أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة مما يحفظ سيادة البلاد وأمنها، بل تجاوز البرهان صلاحياته في الاتفاق علي التطبيع مع الكيان الصهيوني بتخطي حق مجلس الوزراء في متابعة العلاقات الخارجية ، وتم الخضوع للابتزاز الأمريكي بالتطبيع مع اسرائيل مقابل الرفع من قائمة الإرهاب ، ودفع تعوضات (355 مليون دولار) عن جرائم ليس مسؤولا عنها شعب السودان، وحتى ذلك في كف عفريت في ظل اعتراض نائبين في الكونغرس علي الحصانة لأي مشروع لا يضمن حماية تعويضات محتملين لضحايا 11 سبتمبر 2001.

2

الواضح أنه منذ انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام الثورة بهدف إعادة النظام السابق في شكل جديد يبقي علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية، وسياسته الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية الخارجية التي تفرط في سيادة وأمن البلاد واستمرار احتلال أراضيه ( حلايب ، شلاتين ، الفشقة)، ونهب ثرواته الزراعية والمعدنية والحيوانية، وهو ما حدث كما رصدنا سابقا كما في خرق الوثيقة الدستورية التي وقعها المجلس العسكري مع ” قوي الهبوط الناعم” من قوي الحرية والتغيير، بعد تدخل خارجي وخيانة للثورة اصبحت مكشوفة لكل الثوار ، وجاء ذلك بعد هزيمة المحاولات الانقلابية السابقة كما في انقلاب الفريق ابنعوف وازاحته ، وهزيمة الانقلاب الآخر بعد مجزرة فض الاعتصام الذي اعلن بعدها البرهان خطابه الذي أشار لانتخابات مبكرة بعد 9 شهور ، وإلغاء الاتفاق مع قوي الحرية والتغيير، بعدها لجأ المجلس العسكري لسياسة “فرق تسد” ، وانفرد بمجموعة “الهبوط الناعم” في قوى الحرية والتغيير، بعد انسحاب الجبهة الثورية عنها .

بعد ذلك بدأت مفاوضات جوبا الجزئية التي استمرت حتى التوقيع الثنائي بين ق.ح.ت والمجلس العسكري والذي لم يكن شاملا للحركات المسلحة ، وكان ذلك من عناصر ضعفه ، فضلا عن خرق المكون العسكري له، وضعف مجلس الوزراء في التصدي لمهامه مثل : السلام والعلاقات الخارجية التي تغول عليها المكون العسكري والسيادي الذي مهامه تشريفية، وتم اتفاق جوبا الجزئي ، الذي كان انقلابا كاملا تمّ فيه تهميش ق.ح.ت ، كما في قرار البرهان في تكوين مجلس الشركاء الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير، فالمجلس مرفوض شكلا وموضوعا فهو انقلاب علي الثورة .

3

أخيرا ، لن ينصلح الحال بتعديل مهام مجلس الشركاء ،بل بمواصلة الثورة حتي تحقيق أهدافها ، وليس تصفيتها بالانقلاب أو الانتخابات المبكرة ، أو إلغاء مجلس الشركاء الذي أدي لانفجار الوضع الراهن الذي كشف مخطط العسكر للهيمنة الكاملة علي السلطة ، وربط البلاد بمحور حرب اليمن ، وتدمير وحدة البلاد وأمنها ، والتفريط في ثرواتها وأراضيها وميناء بورتسودان، وقيام قاعدة روسية علي البحر الأحمر، والمناورات العسكرية مع الجيش المصري في ظل احتلالها لحلايب وشلاتين !!، والسماح للوفد العسكري الاسرائيلي بزيارة منشآت عسكرية سودانية !!، وتقنين المليشيات بدلا من حلها وتكوين جيش قومي مهني موحد وعودة المفصولين من العسكريين.

كل ذلك يوضح خطورة الوضع الذي يتطلب أوسع وجود فعال وحراك في الشارع بمختلف الأشكال و تحالف ومشاركة جماهيرية في مليونية الذكري الثانية لثورة 19 ديسمبر لاستعادة الديمقراطية والثورة والوطن ورفض الحكم العسكري وترسيخ والحكم المدني الديمقراطي وتحسين الأوضاع المعيشية والسلام الشامل والعادل ، والسيادة الوطنية ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.