قنّاصة الانقلاب..!!
كتب: د. مرتضى الغالي
.
يجب أن يعلم الشعب وكل من يهمه الأمر أن رصاص الانقلاب يستهدف أشخاصاً بعينهم من شباب الثورة وأن الإصابات القاتلة بين صفوف الشباب المسالم ليست عشوائية..!!
وينبغي أن يعلم أعضاء (مجلس سيادة الانقلاب) أنهم مسؤولون بكامل عضويتهم عن هذه الاغتيالات وهذه الأرواح… كل أعضاء هذا المجلس وبكل ما فيه من (براطم) مسؤولون عن هذه الدماء وكذلك السيدة نيكولا وابنة عبد الجبار المبارك ورموز الاخونجية وفلول الإنقاذ وممثلي (رأسمالية النهب).. هذه الدماء في أعناقهم وستتم مساءلتهم عنها جنائياً طال الزمان أم تقاصر بعد أن تم الحكم الأخلاقي عليهم.. وسيساءلون عن هذا الصمت على القتل الصريح الممنهج وهم يجلسون في مقاعد المجلس وأياديهم مخضبة بدماء الشباب.. فهذا المجلس يمثل قيادة الانقلاب ويعمل تحت إمرة البرهان وصاحبه حميدتي..ولن تذهب هذه الدماء هدراً عبر مؤامرة القتل والنهب ومؤامرة الصمت.. ومعهم إعلام العار الذي يقوم بتمويله (خوازيق الإنقاذ) أصحاب المال المسروق من الخزينة العامة ومن قروض الدولة ومن بيع أصولها ونهب مواردها عن طريق نكرات من كل صنف لون هربوا بمال الدواء والغذاء والتعليم والاغاثات وبنوا ثرواتهم الحرام على أشلاء الضحايا.. كلهم مسؤولون عن دماء الشباب.. وحتى الحركات المسلحة العائدة لا تقف في مكان بعيد عن جريمة الصمت والتواطؤ…!
يجب أن تكشف القوى السياسية والصحافة الحرة والإعلام الوطني هذا الإجرام وتفضح هذا الانقلاب الذي قطع مسيرة الثورة وأزهق أرواح شباب مسالمين لا يملكون غير هتافات بحياة الوطن ودعوات للحرية والعدالة..يجب أن تنهض القوى السياسية بواجب فضح ما يدور في السودان ولا تتراخى عما يجري..فقد فضح الشباب الانقلاب بدمائهم..وظهورهم عارية بغير سند ورئيس الحكومة المدنية الذي كان يجب أن يبقى ليعالج ما انتهت إليه التعقيدات الناشئة عن اتفاقه مع البرهان من واقع شرعية منصبه المحلية والعالمية.. كان عليه أن يبقى على الأقل ولو بصورة رمزية لحماية ظهر شباب الثورة..وغل أيادي شركاء اتفاقه من الانقلابيين الذين تحوّلوا إلى قناصة أسطح..!
السودان الذي كان يتحدث العالم عن مضاء ثورته ومستقبله الزاهر بين دول العالم الحيّة والواعدة عادت أخباره مخضبة بالدماء التي سفحها الانقلابيون..واصبح يوصف بـ(بلد القلاقل) في تقويمات الصحافة العالمية ودوائر الرصد..وحتى الكتاب المحايدون في شأن السودان من عرب وفرنجة وأفارقة كشفوا عن سوءات الانقلاب بأكثر مما صنعت أحزابنا السياسية.. ومن بين كثر على صعيد الصحافة العربية كشف “سمير عطا الله” و”حسام عيتاني” فظائع الانقلاب..والأخير صحافي وباحث وكاتب لبناني يعمل في ملحق “صحافة العالم” الأسبوعي أوضح أن الأزمة السودانية تتمثل في اختطاف مكوّن البرهان العسكري والمليشيات المساندة له للدولة والانفراد بالسلطة.. ومساعيهم لتعميق انقسامات المكون المدني من خلال شخصيات وتشكيلات مصطنعة بعد أن تحوّل مجلس السيادة الذي كوّنه البرهان إلى (مجلس قيادة الانقلاب) وهو الذي يشرف على الصدامات التي يسقط فيها متظاهرون مدنيون برصاص القنص من قوات البرهان والقوى الأمنية الرديفة..وأشار إلى أن الحركات المسلحة زادت من الأزمة..
وخلص إلى أن البرهان أعلن انقلابه عندما حان أوان انتقال رئاسة مجلس السيادة إلى شخصية مدنية.. وكان واضحاً عدم استعداده التخلي عن هذا المنصب..وعزا الصحفي اللبناني ذلك لعدة أسباب رئيسية: منها تمسك البرهان برئاسة المجلس السيادي خلافاً للوثيقة الدستورية .بينما كانت مشاركة رقيقه حميدتي في الانقلاب من أجل حماية الموارد العامة التي وضع يده عليها..والسبب الثاني للانقلاب منع التقدم في تحديد المسؤولية الجنائية عن محرقة ميدان الاعتصام وإيقاف محاكمات رموز الإنقاذ على الجرائم والسرقات، وثالثاً لمنع تسليم المخلوع البشير إلى الجنائية الدولية خشية مما يحدث بعد توسع التحقيقات..!! وأعرب الصحفي اللبناني عن دهشته من إعلان البرهان أنه (وصي على السودان) مؤكداً ما هو معلوم من أن الجيوش في الدول الحديثة تستمد شرعية وجودها من التفويض الشعبي المنصوص عليه في الدستور وتخضع لرقابة المؤسسة التشريعية والولاية المدنية.. وتساءل في الحالة السودانية عن الفئات الاجتماعية التي يريد البرهان وصاحبه حماية مصالحها باسم الجيش..في مقابل استعدائهما لمكونات المجتمع المدني وقوى التغيير والهيئات النقابية والمهنية والأحزاب السودانية بما يضع مصير البلاد في كف عفريت..!!
..هل يمكن أن يغيب عن الناس معرفة الفئات والمصالح التي يريد البرهان حمايتها عبر انقلابه..؟! هذا الرجل المشغول بتوجيه الكتائب نحو المسيرات السلمية ونقل الحاويات لإغلاق الجسور.. هل سمعتموه يوماً واحداً يتحدث عن معدلات النمو أو عن التعليم والصحة إزالة الفقر وخفض التضخم أو عقد البرتوكولات الثقافية مع دول العالم..؟! أم أن كل موروثاته الوطنية لا تتعدى ثقافة (المديدة حرقتني)..؟!
من الفكاهات الحامضة أن البرهان وحميدتي يتحدثان كل مرة عن (حكومة كفاءات) والمحير في الأمر: كيف يمكن لهما معرفة أن الشخص المرشّح للوزارة صاحب كفاءة..؟!! الله لا كسب الإنقاذ..!