ثلاثة مؤشرات لانهيار الإنقلاب
كتب: تاج السر عثمان بابو
.
مع تصاعد المقاومة الجماهيرية للانقلاب برزت ثلاثة مؤشرات لانهيار الانقلاب كما في الآتي:
* المؤشر الأول : فشل القمع في وقف الثورة :
رغم القمع الوحشي للمواكب السلمية والمقاومة الجماهيرية، الا أن الثورة مازالت مشتعلة ومتمددة في الحضر الريف وفي اقاصى حدود البلاد، وكل يوم تكتسب أرضية جديدة، كما حدث في مواكب 24 يناير التي جاءت ضخمة وهادرة في العاصمة والولايات بعد مجزرة 17 يناير، و تمكن الثوار في الخرطوم من الوصول للقصر ، رغم القمع ب”البمبان” والقنابل الصوتية والرصاص الحي مما أدي لارتقاء شهيدين ( محمد عامر- رصاصة في الصدر، وثابت معاوية بشير – رصاصة في الرأس)، حسب بيان رابطة الأطباء الاشتراكيين 24 يناير، ليصل عدد الشهداء (76) شهيدا منذ بداية الانقلاب، وعشرات الاصابات جاري حصرها، اضافة لاقتحام البيوت وضربها بالبمبان، ومستشفي رويال كير لاختطاف المصابين.
رغم إعلان البرهان وقف اطلاق النار على امتداد البلاد، الا أن القرار لم يشمل شوارع الخرطوم!!، وهي مواكب هادرة حسمت الخيار لصالح الحكم المدني الديمقراطي، فقد سبقت المواكب اعتقالات استباقية بعد مداهمة الملثمين لمنزل المهندسة أميرة عثمان، وهي معاقة، واقتيادها لمكان مجهول وحياتها في خطر حسب بيان اسرتها مما يتطلب اطلاق سراحها فورا، وكذلك اعتقال ثلاثة من أعضاء لجان مقاومة العشرة . الخ، كما سبقت المواكب وقفات احتجاجية في مدن العاصمة والأقاليم.
كما جاءت مواكب الولايات هادرة شملت أكثر من ( 22 ) مدينة مثل: عطبرة ، مدني، كسلا، الأبيض، المناقل، سنار، القضارف، الحصاحيصا، بورتسودان، كوستي، زالنجي، شندي، دنقلا، نيالا، الدويم ، والدامر. الخ، كما جاءت مواكب ودمدني هادرة رداً علي استشهاد محمد شعيرية وحاشدة امام منزله متزامنة مع إعلانها السياسي والمطروح للمناقشة، مع ميثاق لجان مقاومة مايرنو، وأكدت قول الشاعر : “الوحش يقتل ثائراً.. والأرض تنبت الف ثائر”. اضافة لإعلان مواكب دنقلا التتريس الكامل لشريان الشمال، ولحملة التضامن الواسع مع اعتصام الشمالية من أجل حماية ثروات البلاد من النهب، ومطالبهم العادلة، والاتجاه لتتريس الطرق الأخرى مثل: شلاتين، قبقا، وطريق حلايب. الخ، أما في الأبيض فقد أيدت محكمة الاستئناف أعدام منسوبي الدعم السريع المتهمين بارتكاب مجزرة الأبيض، مما يعني أن مرتكبي الجرائم لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن.
هذا اضافة للتصدع داخل الانقلاب كما في فشل اتفاق البرهان – حمدوك، وفشل حكومة تصريف الأعمال من وكلاء الوزارات، وقرار مجلس الأمن الأخير بوصف ماجري في السودان انقلاب ( بعد فشل روسيا والصين والامارات لعرقلة اتخاذ هذا القرار، مما كشف وجههم المعادي لشعب السودان، وهدفهم بوجود العسكر لنهب ثروات البلاد)، وانكشاف أكاذيب الحكومة ، وإعلامها بشيطنة الحزب الشيوعي ولجان المقاومة وتجمع المهنيين، كما حدث في الأيام الأخيرة للبشير، وخلق أجسام مصنوعة لمنسوبي المؤتمر الوطني باسم الادارات الأهلية والطرق الصوفية التي أعلن الكثير من مشايخ الطرق الصوفية ونظار القبائل أنها لا تمثلهم، وتلفيق التهم لأعضاء لجان المقاومة كما في حادث اغتيال العميد شرطة علي بريمة.
اضافة لانكشاف التدخل الدولي لدعم المكون العسكري باعادة الشراكة معه في السلطة كما في زيارات وفود الاتحاد الأوربي، والمبعوث الأمريكي ، واسرائيل، والسيسي، .الخ، والرفض الواسع من الحركة الجماهيرية تحت شعار ” لاشراكة ولا تفاوض ولا مساومة”، اضافة للمجزرة الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في 17 يناير والتي وجدت معارضة واسعة، كما كشف اعتصام شريان الشمال كما أعلن الثوار حجم نهب مصر لثروات البلاد من لحوم حية، فول سوداني، كركدى، صمغ ، الذرة، تبلدي، قطن سوداني، وإعادة تصنيع تلك المنتجات وتصديرها باسم ” صُنع في مصر”، وكذلك تم الكشف عن 200 شاحنة للدعم السريع من الجمال والأبقار بها إناث جمال وأبقار!!!، مما يكشف حجم نهب ثروات البلاد، اضافة لتهريب الذهب وغيره، مما يؤكد ضرورة حل مليشيات الدعم السريع وجيوش الحركات ومليشيات الكيزان وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وضم شركات الجيش واالدعم السريع والأمن والشرطة لوزرارة المالية، ووقف نهب ثروات البلاد، مما يؤكد ضرورة اسقاط هذا الانقلاب العسكري المرتهن للخارج.
٭ المؤشر الثاني: تدهور الأوضاع المعيشية:
تدهورت الأوضاع المعيشية حتى اصبحت الحياة لاتطاق، كما في تدهور الأجور، والارتفاع المستمر في أسعار الدقيق والوقود والكهرباء، وتجاوز الدولار حاجز ال (500) جنيه، واجازة الميزانية للعام 2022 في غياب مجلس الوزراء والمجلس التشريعي، والعجز الكبير في الميزانية، وتوقف المنح الخارجية، مما يعني المزيد من الضرائب وتغطية العجز من جيب المواطن، وحراك واسع للعاملين من أجل زيادة الأجور مع تركيز الأسعار، اضافة لتذمر المزارعين من ارتفاع مدخلات الإنتاج، ومشاكل الري وارتفاع الوقود مما يهدد الموسم الزراعي، وخطر شبح المجاعة، مع استمرار نهب ثروات البلاد حتى اصبح “خيرالبلاد لغيرها” كما يقول المثل، مما يعجل باانهيار الانقلاب.
٭المؤشر الثالث: الاتجاه لايجاد المركز الموحد:
الاتجاه لقيام المركز الموحد للمعارضة ،كما في مشاريع المواثيق والمبادرات التى تستهدف المخرج من الأزمة، مما يتطلب الوصول لمركز موحد، وميثاق يوفر العامل الذاتي لاسقاط الانقلاب، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة والتغيير الجذري، مع عدم إعادة إنتاج الأزمة بالشراكة مع العسكر، بعد فشلها علي أساس “الوثيقة الدستورية” التي مزقها العسكر، وبات ضرورياً عودته للثكنات بعد أكثر من 52 عاما من الحكم العسكري الذي دمر البلاد والعباد، واضر بالعسكرية السودانية نفسها، مما يؤكد ضرورة انتزاع الحكم المدني الديمقراطي.