ماذا حدث لثورتنا..
كتب المنهج الجديد: الناس أكلو لحمنا
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
مر عام منذ أزعجني تغيير المنهج غير السعيد لأكتب الرسالة أدناه للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير حول الهزيمة التي تجرعتها الثورة في حقل التعليم على يد الثورة المضادة. والتمست في الرسالة مساءلة من انتدبهم المجلس لإدارة إصلاح التعليم ووضع منهاجه بعد الثورة على خروقهم التي عضتنا بأول خسائرنا الواضحة وفي جبهة جئناها هجوماً مستحقاً فتقهقرنا منها نجرر أذيال الخيبة. وأعيد نشرها رسالتي هنا في سياق محاولتي منذ أيام الإحاطة بما حدث لثورتنا فانطوت صفحة حكومتها الانتقالية ولا بواك عليها.
٢٤ يناير ٢٠٢١
السيد إبراهيم الشيخ
رئيس المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير
طَرقت قضية المناهج المثارة مسائل تربوية وسياسية من الدرجة الأولى صدف أن كانت في بؤرة اهتمامي لعقود عددا. ولا أعرف حرجاً أحدق بالثورة في بأس الحرج الذي جاءنا من جهة كتاب (كتب) المقرر الجديد. وخطره في أنه من صنع يدنا بينما قد نجد العذر لنا في مثل الضائقة المعيشية التي هي بعض ثمرة سامة موروثة من نظام أكل رعاته أموال الناس بالباطل: الإنقاذ. ستجدني مَعنياً في رسالتي هذه اليك بالجانب السياسي من الأمر، أي سبل الثورة في إقالة عثرة كأداء مثل المقرر الدراسي بشفقة على الثورة التي يحدق بها أشرار الثورة المضادة من كل حدب وصوب. وأسفت أن لم أر هذه الشفقة في أعقاب فتنة الكتاب المدرسي. فحل التلاوم محل المواجهة، وزمالة السلاح محل المكاشفة، والتنمر بدلاً عن اللطف.
وقبل أن أعرض لهذا الجانب السياسي من المسألة لا أجد بداً من التطرق لمأزقنا التربوي معها الذي تناولته في كتابات كثيرة. والذي جد أن وضع نجيٌ ثقافة هو عبد الدائم نوري عبد الكريم حقائق عن كتب المنهج أقول عنها محرجة تلطفاً. وذكرتني بيوم أخذت على الزبير محمد الحسن ضعة في القول لا تتوقعها من أمين الحركة الإسلامية حتى لو شط بك سوء الظن شططاً بعيدا. فقلت له “الناس أكلوا لحمكم”، وهذا ما طن في رأسي وأنا أقف على سرقات بعض كتبنا المقررة من كتب مدرسية عربية ومن الإنترنت. فسرق واضعو المنهج من كتب سورية وأردنية ومن الانترنت بغير عرفان وبغير حاجة. فاستولى الواضعون على النص كله أو أنقص منه قليلا علاوة على أخذهم بالتمرينات المتصلة به شيئا قليلاً أو كثيراً. ولست أملك إلا التعبير عن خذلاني الشديد لاختيارهم قصيدة سقيمة بكتاب العربية لفصلنا السادس نقلاً عن كتاب الصف القرين بسوريا. ولشاعر ما عليك به. ولم يحسنوا كتابة اسمه حتى. وحزنت. ولو كانت بهم حاجة لشاعر عربي لما عدموا المجيد. ولو أرادوا قصيدة عصماء فجنينة الشعر السوداني دانية القطوف.
كتبت من قبل استنكر “البردبة” الثورية التي جاءت في أعقاب ضجة الكتاب المعلومة. وبدا لي منا انفراط جأش ثوري. فأوقف السيد رئيس الوزراء العمل بالكتب في الساعة الثالثة والعشرين بعد أن عضتنا الثورة المضادة بنابها الأزرق لأكثر عام منذ تعين عمر القراي مديراً للمناهج. واشتكى القراي لاحقاً أن أبواب الوزير غُلقت بوجهه. فاستقال خطاباً. وناصره وزير التربية والتعليم في زمالة للسلاح كيفما اتفق. ولم يرد في خطابه لمؤازرة القراي أنه انشغل بالضجيج الحالق منذ تولى مسؤوليته والذي أزكم الآذان، أو ناجي به رئيس الوزراء. وكان نصيبنا في صف الثورة العوة بين من انتخبناهم لشق الطرق الوعرة. والعوة من أعراض التقهقر لمواقع الدفاع على عجل من مواقع الهجوم. ولا تستحق الثورة هذا. وهي عوات كثرت أزهدت الكثيرين في خير الثورة.
اكتب لكم راجياً أن تجلس مركزية قحت حول هذا الموضوع الذي أكل لحمنا. ومرتكز رجائي أنكم حاضنة للثورة في أكثر من مجرد توزيع كراسي الحكم وما اتصل بها. فهي لا تختار الوزراء، أو رئيسهم، لتترك لهم الحبل على الغارب. فعهدها معنا أن تحفظ الثورة من مثل الارتجال الذي ضرب أطراف مأزق الكتاب المدرسي فشمّت فينا قوم متربصون. فآمل أن تلتقوا مع أطراف المأزق الماثل في ميدان التعليم للتحري لا حول ما انتهى بنا إلى هذه المسكنة الثورية فحسب، بل حول وخامة علاج مترتبات المأزق. فبدا لي في الأزمة المجمدة حول محنة الكتاب المدرسي غلو الإيغو، النِفيسة) المانع للرشد من فرط الكِبر. وستعنى اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء بالجانب التربوي المهني ولن يستغرقها وقت طويل قبل أن تنتهي في تقييمها، حسب ما شاهدته أنا من كتب المقرر، إلى أنه كان بوسعنا أن نفعل أفضل ما فعلنا أضعافاً أضعافاً. والعترة بتصلح المشي لو نهضت قحت بواجب الحاضنة في ضبط أداء طاقمها في الدولة على أيقاع الشفافية والتواضع والزمالة.
مع فائق تقديري لشخصكم الكريم ولزملائك في المكتب المركزي.