مبادرة لعودة حمدوك!
كتبت: رشا عوض
.
الدكتور عبد الله حمدوك وجد فرصة تاريخية لم تتح لاحد قبله في تاريخ السودان المستقل: تأييد شعبي كاسح من جماهير الثورة، دعم دولي من العيار الثقيل فماذا فعل بكل ذلك؟
الاجابة من وجهة نظري انه بدد هذه الفرصة ولم يستثمرها ابدا في تحقيق اختراق سياسي لصالح أهداف الثورة بل انتهى به المقام الى الاستسلام للانقلاب في 21 نوفمبر 2021! وبعد ان تقدم باستقالته تفادى تماما ان يسجل ادانة صريحة للعسكر ويحملهم مسؤولية الانقلاب بل فرق دم الازمة بين الجميع!
هذه التجربة اثبتت باختصار ان حمدوك ليس قائدا سياسيا لديه القدرة الحقيقية على خوض المعركة التاريخية التي تفرض نفسها فرضا على السودان، اي معركة تأسيس الدولة السودانية من جديد على اساس ديمقراطي وتنموي لكفالة حقوق المواطنة فعلا لا قولا، الامر الذي يستحيل دون انتزاع مصير الشعب وموارده من الطغمة العسكرية المختطفة للدولة وحلفائها من المدنيين، هذه معركة سياسية بامتياز تحتاج لصلابة الإرادة وجرأة اتخاذ القرارات الصعبة والاستعداد الدائم للمواجهات الحاسمة والاستقواء بالشعب في كل ذلك!
حمدوك أثبت انه ليس ذلك القائد! لأنه ببساطة قيادة فرضها على السودانيين الفراغ السياسي العريض الذي كان سيد الموقف!
عندما تفشل ثورة في انتاج قائدها السياسي من بين صفوفها وترفعه بسواعدها الى قمة القيادة ستتكون النتتيجة ان يتولى قيادتها مغتربون عنها رفعتتهم الى قمة القيادة ارادة المجتمع الدولي والإقليمي بسواعد تحالفات سياسية هشة ومأزومة مثل “الحرية والتغيير”!
والمضحك المبكي ان هناك من يتطلع لخلافة حمدوك من بعض عناصر شلة المزرعة!
بئس الخالف والمخلوف!
المهم رئيس الوزراء الانتقالي القادم يجب ان ترشحه مؤسسة مرجعية وطنية (مجلس تشريعي انتقالي) نتفق على كيفية التوافق على عضويته التي يجب ان تعبر بموضوعية عن قوى الثورة بأقصى درجة ممكنة من التعبير عن التنوع السوداني.
سؤال المرحلة الان هو كيفية هندسة توافق شعبي حقيقي حول هزيمة الانقلاب وتأسيس مرحلة انتقالية جديدة قادرة على الوصول الامن بالسودان الى المحطة الذهبية وهي الانتخابات الحرة النزيهة.
كيف نملأ الفراغ السياسي العريض؟ لو استمر هذا الفراغ ستكون النتيجة عودة حمدوك او بروز حمدوك اخر من شلة المزرعة!
او ان يفرض الانقلابيون اي شخصية هزلية في اطار استخفافهم بالشعب السودان واحتقارهم لثورته!
الفراغ ليس مطلقا، فهناك مجهودات مقدرة لملئه من قوى مختلفة وبطرق متعددة ولكن ما زالت المجهودات مشتتة والحاجة تشتد يوما بعد آخر للتنسيق والعمل المشترك في بناء كتلة تاريخية مؤهلة لمهام الانتقال ثم مهام التأسيس.