أخطر ما يهدد السودان الآن هو عقلية القيادات العسكرية
النصر آتٍ لا محال
كتبت: ولاء البوشي
.
في أحد اجتماعات المجلسين وزراء وسيادة إبان حكومة الثورة الأولى إشتط أحد أعضاء المكون العسكري غضبا لحمل أحد الثوار للافتة كتب عليها (معليش ما عندنا جيش) في أحد الفعاليات التي شارك فيها رئيس الوزراء و الوزراء إحتفالا بأعياد ثورة ديسمبر المجيدة، فأحس أنه من المهم أن يتم مناقشة أمر هذه اللافتة في هكذا اجتماع والذي يعقد لحسم التشريعات المهمة!!!
أخذت الفرصة الثالثة في النقاش، أخبرته أنني أعتبر من هذا الجيل الذي تربى على ساحات الفداء وما كان يعرض فيها من مشاهد مؤذية ودموية ومحاولة صبغة عقولنا ببعض المعتقدات السامة كتشبيه القائد جون قرنق وكأنه وحش تسيل من أنيابه الدماء، وأن أغلب المعارك التي خاضتها القوات المسلحة تعتبر ضد الشعب السوداني ثم أضفت أنه لكثير من الأسباب أننا كجيل لا نشعر بالراحة من رؤية أي شخص في بدلة عسكرية ولا نشعر بالأمان حولهم، ثم ذكرت له أنه خلال اعتصام القيادة العامة بدأت الشقة في الإنصلاح وبدأت الثقة تعود مجددا، ثم انهار كل شيء بعد مجزرة القيادة وفض الاعتصام وأن هذا الغضب تجاه القوات المسلحة مبرر ويحتاج لمجهود وعمل فعلي على الأرض من قيادات الجيش لبناء الثقة وترميم ما فسد، بعد أن فرغت من حديثي لم يتم الرد وتم الانتقال إلى البند الآخر مباشرة….
أذكر هذه الحادثة لأن هناك من يعتقد حقيقة أن شتم المؤسسة العسكرية جريمة تتوجب العقاب، الذي وبالتجربة يمكن أن يرتقي لقتل أرواح طاهرة، ويبرر بها الانقلاب العسكري، العبث بأمان السودان، قطع الطريق لأحلام الشباب الذي ضحى بالنفيس من أجل وطن حر ديمقراطي يتقبل الجميع. لم يتم بذل أي مجهود لمحاولة فهم هذا الغضب العارم تجاه المؤسسة العسكرية وأسبابه بل نجح قادة الانقلاب العسكري والجيش وبعض الحركات المسلحة في إحداث فجوة عميقة في قمة الخطورة بين المواطن وكل منسوبي القوات النظامية دون فرز..
لا يوجد على الأرض من مبرر للقتل وما حدث منذ الـ ٢٥ من أكتوبر الذي أعادنا للوراء سنين ضوئية، دمر الاقتصاد بعد أن كانت هناك بارقة أمل، قنن للقبلية وسل سيفها، وعبث بأمن وأمان الجميع…
إن أخطر ما يهدد السودان الآن هو عقلية القيادات العسكرية التي تؤمن أن القوة والكلمة عند من يحمل السلاح، بل حتى في كثير من خطاباتهم يمنون على الناس بتوفير الحماية والتي في الأساس هي وصف وظيفي ومن صميم مهامهم.
هذه القيادات لم تستفد من الفرصة الذهبية التي أعطيت لها بعد مجزرة القيادة العامة، حيث تسامت الغالبية العظمى فوق الجراح وقبلت بالانتصار المنقوص نحو مدنية الدولة، وصبرت على تأخر تحقيق العدالة من أجل السودان الوطن، كانت فرصة للمؤسسة العسكرية لإعادة بناء الثقة وإصلاح ما فسد ولكن… حدث ما حدث…
نعلم جميعا ويقينا أنه لا توجد دولة ذات سيادة وطنية دون جيش قوي ونعلم كذلك ونقدر الشرفاء بالجيش السوداني والقوات النظامية الأخري وإن أصابنا الإحباط، ونحن نطمح أن يكون لنا جيش قومي واحد ذو عقيدة وطنية أساسها السودان والسودانيون، جيش يحمل السلاح للدفاع عن الإنسان السوداني ولا يشارك أو يتغاضي الطرف عن إزهاق الأرواح….
إن أكبر تحدياتنا لضمان وجود سودان، إعادة بناء المؤسسة العسكرية وإصلاحها من الجذور، وإلا أنه سوف لن تتحقق ديمقراطية واستقرار في هذه البلاد التي نحب. إصلاح هذه المؤسسة يحتاج لخارطة طريق تفصيلية، من خبراء عسكريين، سياسيين، أكاديميين، المجتمع المدني وحقوقيين، يجب أن نكتفي من الحديث عن ضرورة الإصلاحننتقل لكيفية الإصلاح…
أمس السادس من إبريل العظيم خرج السودانيون من أجل السودان والسودان وحده، خرجواولاء عزلا ليس في يدهم سلاح بل اليقين، الإيمان والهتاف… حفظ الله الجميع، والنصر قادم لا محال.
#المجد للشهداء في عليائهم