أمين حسن عمر: الدنيا زاهيالو

0 67
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
لأمين حسن عمر “أندلة” سفيهة وقديمة حول فقه المال العام. لا أحسب “أندلة” من لغة عطبرة التي نشأنا وأمين معاً فيها. وهي العزة بالإثم. قال أمين لعفراء فتح الرحمن على التلفزيون قبل أيام أن 25 مليوناً من الدولارات لا تفقر دولة ولا تغنيها حين سألته عن القبض على الرئيس المخلوع وهو ينام على مثل هذا المال تحت مخدته. فهي، في قوله، لا تساوي شئياً في حساب الدول. ومن واظب على السؤال عنها إلا أن يكون مفلساً.
وله فقه أخر في المال يطلق يد الرئيس في الرشى من دول أخرى طالما أحسن صرفها على جامعة أفريقيا العالمية وغيرها. وله في هذا الفقه وقاحة حين يبرر، عن جهل، ما يقع عندنا من خج في المال العام بما يقع في العالم. فقال إن العهد بالدول أن تضع تحت تصرف الرئيس فيها مالاً لبدا لأغراض أدارة الدولة. والوضع في دول نعرفها مثل سودان الإنقاذ أفحش في الرخاوة ربما. ولكن لا تبهل الدول التي تحترم نفسها المال بهلاً للرئيس فيها. وكنت أسمع للغو أمين وأنا أرى الرئيس بايدن ينتظر متحرفاً أن يجيز له الكونغرس اعتمادات مالية لسند أوكراينا ومحاربة الكوفيد. ولا أعرف حرجاً في إدارة الدولة الأمريكية أشقى من الأمرين.
بل يحرم الدستور الأمريكي على الرئيس ما يعرف ب”الجُعل” (emoluments) وهي الأجر عن خدمة. وينص دستور أمريكا على تحريمها من الدول الأخرى خاصة ويسميها “الجعل من دولة أجنبية” (أنظر نص المادة أدناه).وكان ذلك مصدر الخمسة وعشرين مليون دولار، التي لا يبكي عليها غير مفلس، مقدم أيجار جيشنا والدعم السريع لعاصفة الحزم مدفوعة الثمن.
وقبل كده قابض أمين مرتين يستهين بالمال العام وهو في الحكم بشفاه مشمئزة تكاد تزفر سعوطاً وبحركة أياد غير أصيل فيها. فإلى المقال الأول:
لو كنا نملك من أمرنا شيئاً لما تولى في نظر الكثيرين أمين حسن عمر أمرنا لنحو ربع قرن من الزمان. بل لما تولاه أصلاً. ولكن حكم السِيد. ولست أحتج على طول ولايته، أي على الحال، بل بؤس نطقه. ولا أجد غضاضة أن يحكمنا حتى يسلمها لعيسى لو صمت عن الكلام المباح. فله طريقة في القول تفترض في السامع البله. فلا يحسن الاستدلال بمقارنته بين البرتقال والتفاح كما يقول أهل الإنجليزية. ثم هو “يلحد” بالدولة الحديثة الحضارية التي يجرعنا إياها منذ حين طويل.
ومن استدلالاته العرجاء قوله لمن سأله عن احتجاجات الناس على رفع الدعم عن البترول. قال أمين إن مثل هذه الاحتجاجات شائعة في العالم كما في أسبانيا. ثم يأتي أمين ليحدثنا عن تظاهرات أسبانيا أم غوف ونحن نستجدي الأمن هنا ليسمح بندوة فكرية داخل دار لمنظمة شرعية (كنت في يوم صدور ذلك الكلام عن أمين أقضي سحابة نهاري بمكاتب الأمن بالخرطوم أنتظر التصديق بندوة عن دخول العرب السودان بدار اتحاد الكتاب). ألهذا سارت فينا عبارة “يا راجل!”
ولأمين إجابات عن أسئلة يقصد أن تكون صادمة تٌخلي السائل من حجته. أخذت عليه مرة أنه قال إن تقشف الحكومة، الذي اعتقد الناس فيه لتضحي الدولة مثل تضحية سائرنا، حديث مزيدات لا قيمة له ولا طائل منه. وقال بجفاء شديد إن رفع الدعم عن المحروقات بالعلن أو السر هو الحل. وهذه صراحة الإنقاذ. فقد كان بوسعها أن تخادع وتقول إن كل شيء على ما يرام ثم تأمر بنك السودان بطبع النقود ثم تقع الكارثة. وزاد: هل هذا الخداع صعب علينا؟. واضاف إن على الشعب أن يقبل أو يرفض فتوفر له الحكومة انتخابات يأتي بمن يرتضيه. وليس الخداع صعباً عليك بالطبع (بما في ذلك ترتيب إنتخابات تأتي بمن نرتضيه) ولكن الفيك اتعرفت.
أما ما أثارني من أقوال أمين المستجدة فحديثه ل “الانتباهة” (29 نوفمبر). وفيه إلحاد بالدولة ونظمها. فسئل عن تجنيب الأموال في وزارات الحكومة الذي تمسك به دخل خدماتها المختلفة عن وزارة المالية لتنفقها على شأنها خاصة بغير ولاية. وزندَّق أمين بقوله إن التجنيب حق طالما لم تلتزم المالية بمستحق الوزارة المعنية من مصروفها في الميزانية.
وربما لم يقف أمين حسن عمر عند خطر الفوضى التي يدعو إليها بحل الولاية للمال العام المعقودة على وزارة المالية. أقلها أن تتحول المصالح والوزارت إلى جباة أتراك يثقلون على كاهل المواطن كلما نقص مصروفها من المالية. ثم من يضمن أن الأموال المجنبة سيجري إنفاقها في وجوه شرعية ولن تذهب إلى الجيوب السخيفة في شكل حوافز والذي منه. علاوة على أنني لم أسمع أن وزارة التربية مثلاً جنبت مالاً لتدفع مرتبات المعلمين بعد حرمان مصروفها من المالية. كما أن أكثر الوزارت الجُنب مطلوبة بمليارت الجنيهات لعماله لم تسدد دينها لتنام عينها.
يا أمين الدنيا زاهيا ليك فأحكم ما شئت ولكن لتكف، سيدي، عن الكلام المباح. ونعود في كلمة أخيرة عن زهو أمين بالإثم حاكماً.
نص تحريم استلام المال من أي بلد أجنبي لرجل العمل العام في الدولة الفدرالية الأمريكية:
The emoluments clause
The emoluments clause, also called the foreign emoluments clause, is a provision of the U.S. Constitution (Article I, Section 9, Paragraph 😎 that generally prohibits federal officeholders from receiving any gift, payment, or other thing of value from a foreign state or its rulers, officers, or representatives. The clause provides that:No Title of Nobility shall be granted by the United States: And no Person holding any Office of Profit or Trust under them, shall, without the Consent of the Congress, accept of any present, Emolument, Office, or Title, of any kind whatever, from any King, Prince, or foreign State.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.