ماكرون وسياسته الإفريقية المحتمَلة

0 55

بقلم: مارلين بانارا

ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو*

.

يُسلّط هذا المقال الضوء على برنامج إيمانويل ماكرون الفائز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لا سيما أن إفريقيا كانت بعيدة كلّ البُعْد عن الحضور والتأثير في نتائج هذه الانتخابات، مما يبرّر ضآلة الاهتمام بإفريقيا بشكل خاص في الحملة الانتخابية الفرنسية.

وعلى الرغم من أن القارة الإفريقية شغلتْ -على نطاق واسع- فترةَ ولاية الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون؛ إلا أن العلاقات بين فرنسا وإفريقيا سوف تصبح في صميم فترة الخمس سنوات القادمة.

إيمانويل ماكرون: تقييم الإنجازات وقطع العهود

تعزيز العلاقات مع إفريقيا تُعتبر واحدة من أهم نقاط السياسة التي أقرّها إيمانويل ماكرون في إطار برنامجه “أجندة طموحة بين إفريقيا وفرنسا”، ومنذ حملته الانتخابية في عام 2017م كان “العمل النصي” بمثابة المسار الذي يتبنّاه الرئيس الفرنسي.

وفي هذا السياق صرّح إيمانويل ماكرون أثناء زيارته إلى الجزائر عقب ترشحه بأن الاستعمار كان “جريمة ضد الإنسانية”، بل وحتى “همجية”، والواقع أن رئيس الدولة أصدر أثناء ولايته مذكرة إلى المؤرخ بنيامين ستورا تتضمن توصيات تهدف إلى كسر النصب التذكاري الذي سمَّم العلاقة الفرنسية الجزائرية، ولا بد من تنفيذ بعض هذه الإصلاحات إذا أُعِيد انتخابه.

كما تطرق الأخير إلى الخطاب ذاته في رواندا تزامنًا مع صدور التقرير الذي تم إعداده من لجنة بحوث المحفوظات (أرشيف) الفرنسية الذي تم تسليمه في مارس 2021م، بعد إصدار الأمر بإعداده منذ أبريل 2019م، بشأن رواندا والإبادة الجماعية في التوتسي، والذي يترأسه الأستاذ فنسنت دوكليرت، وخلص التقرير إلى “مسؤوليات فرنسا الثقيلة والمذهلة”، غير أنها تستبعد جرائم الإبادة الجماعية.

ومن بين النقاط الأخرى على الأجندة الرئاسية في إفريقيا استمرار الأحداث المخصصة للمجتمع المدني الإفريقي، ومخاطبة شبابه؛ مثل مؤتمر القمة الجديد الذي عُقِدَ في مونبلييه في أكتوبر 2021م؛ بهدف “تجديد العلاقات” بين فرنسا وإفريقيا.

وهناك مبادرات أخرى تهتم بروح المبادرة التجارية والتكنولوجيا في القارة مثل “جوس إفريقيا”، وشركة التكنولوجيا الرقمية في إفريقيا. كما يرغب إيمانويل ماكرون في غضون الأعوام الخمسة المقبلة في تعزيز اللغة الفرنسية في العالم من خلال “التوسّع الفرانكفوني”، و”الاستراتيجية التي أطلقت في الأكاديمية الفرنسية في عام 2018م” دون المزيد من التفاصيل عن الأهداف الإفريقية لهذا المشروع.

وتدعم النقطة الأخيرة والرابعة من هذه “الأجندة الطموحة: “استجابة عادلة شاملة لأزمة الكوفيد-19 في إفريقيا”، عطفًا على “مبادرة قانون دعم الاتحاد الإفريقي، وقمة تمويل الاقتصادات الإفريقية في باريس في 18 مايو 2021م، أو تصنيع اللقاحات في جنوب إفريقيا.

برنامج الاستمرارية:  

في الجزئية المتعلقة بمجال السياسة الدولية في برنامجه سلّط إيمانويل ماكرون الضوء على انسحاب القوات الفرنسية من مالي في فبراير الماضي، وبدلاً من الحديث عن إفريقيا فضَّل الرئيس الفرنسي الإشارة إلى أن “الفرنسيين أصبحوا في حماية أفضل، وتعمل فرنسا بحزمٍ ضدّ الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والبحر الأبيض المتوسط وبلاد الشام”، ولكن في الأعوام القليلة المقبلة سوف يكون لزامًا على إيمانويل ماكرون أن يضمن رحيل القوات بأمان مع تصاعد أعمال العنف في المنطقة.

وقد ذُكر في 23 مارس أن ما يقرب من 300 مدني قُتلوا في مورا على أيدي مسلحين في زي الجنود الماليين والرجال البيض وفقًا لشهادات الناجين “هؤلاء الأشخاص يصفون الجنود الأجانب وكذلك الجيش المالي، على أنهم يمارسون عمليات الإعدام خارج إطار القانون”، بحسب تعبير كورين دوفكا عضو منظمة رصد حقوق الإنسان في غرب إفريقيا في مجلة فرنس انفو، ومن المحتمل أن يكون المعنيين من عناصر مجموعة فاجنر الأمنية الخاصة الروسية التي من المقرر أن تنتشر في مالي لعدة أشهر.

كما ستتيح ولاية جديدة إيمانويل ماكرون للرئيس الفرصة لمناقشة مسألة التأشيرات لمواطني المغرب العربي بعد أن أثارت القيود التي فرضتها الحكومة ردود فعل قوية عبر البحر الأبيض المتوسط. ورغم هذا فإن برنامج إيمانويل ماكرون يؤكد بقدر من الارتياح أن “عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر انخفض إلى النصف، وقد انخفض هذا المعدل بمقدار الثلث بالنسبة لمواطني تونس.”

وعلى الصعيد الاقتصادي لا توجد إشارة إلى التجارة الفرنسية الإفريقية ما عدا الإصلاحات المحتملة على عملة “الفرنك سِيفا”، لكن دون توضيح الكيفية والشكل الذي سيتم التعامل مع العملة على أساسه.

والحقيقة أن الأدلة ضئيلة فيما يتصل بشكل العلاقات الفرنسية الإفريقية على مدى السنوات الخمس القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.