الحاج وراق والكيزان الحمر!

0 69

كتبت: رشا عوض 

.

على خلفية بعض التعليقات الساخرة من كلام الاستاذ الحاج وراق عن حكاية مواجهة الامبريالية والنيولبرالية ، ظهرت مجددا آفة التربص وعدم النزاهة في تناول اطروحات الاخرين وتقويلهم مالم يقولوه اصلا!

كل ما قاله وراق عن هذا الموضوع هو ان التحدي أمام السودان هو كيفية تحقيق مصالحه الوطنية في سياق معادلة توازن القوى المتحكمة في عالم اليوم، فليس من الواقعية والعقلانية في شيء ربط نهضة السودان وحل معضلاته الراهنة بعملية إصلاح كوني لا نملك شيئا من ادواتها،وفي سياق المحاضرة المبذولة في الاسافير صوت وصورة انتقد وراق اختلال العدالة وكثرة المظالم في عالم اليوم وعبر عن معارضته للنيولبرالية، ولم يكن بحاجة لذلك فهو اليساري الديمقراطي الذي كرس فكره وكتاباته لنقد التوحش الرأسمالي والتحذير المغلظ من غياب العدالة الاجتماعية ورغم كل ذلك هناك من حاول تصوير وراق كمطبلاتي للامبريالية! حقا الغرض مرض!

عموما و باختصار شديد ، نستطيع كسودانيين ، بناء وطن يحقق الكرامة لمواطنيه في سياق مشروع ديمقراطي تنموي ينجح في توفير مياه الشرب النقية والغذاء الكافي والرعاية الصحية والتعليم والتدريب وكل أساسيات الحياة العصرية عبر بناء اقتصاد منتج يوفر فوائض للاستثمار والتنمية وسياسات سوق اجتماعي بموجبها تراعى عدالة توزيع الثروة وكفالة حق الشعب في الرعاية الاجتماعية،

مثل هذا المشروع ليس من شروطه تصدي السودان لمعركة كونية لهزيمة الامبريالية والنيو لبرالية واعادة صياغة كوكب الأرض وترتيب أوراق الأجندة العالمية! علينا أن نبدأ بترتيب اوراقنا الداخلية أولا وهو ما فشلنا فيه حتى الان.

الكيزان الخضر لما قالوا أمريكا روسيا دنا عذابها، وأم ضريوة تحذر أمريكا وتوجه لها الانذار الاخير، كانوا يعلمون تمام العلم ان هذه المعركة غير ممكنة واقعيا، ولكن الهدف من هذا التهريج كان إثارة غبار كثيف حاجب للرؤية ليمنع الشعب من رؤية معركته المباشرة والممكنة واقعيا وهي معركة الاطاحة بنظامهم المستبد الفاسد!

الكيزان الحمر عندما يقحمون اهدافا مثل محاربة الامبريالية والنيولبرالية والإطاحة بالكمبرادورات من المحيط إلى الخليج في دفتر أجندة السياسة اليومية للسودانيين وهم يواجهون هذا الانقلاب الكارثي الذي يهدد الوطن في وجوده، فإنهم يعلمون تمام العلم ان هذه المعركة غير ممكنة واقعيا،ولكن الهدف هو إثارة الغبار الكثيف والتشويش على المعركة الاستراتيجية والممكنة واقعيا(على الاقل مقارنة بتلك المعركة الكونية)ضد الانقلاب والتي من اهم شروط الانتصار فيها توحيد كتلة حرجة من الشعب السوداني ، لا يمكن توحيد كتلة حرجة خلف شعارات ايدولوجية تخص حزب اقلية.

معارك الكيزان الخضر والكيزان الحمر معارك وهمية ليست مقصودة لذاتها، الهدف منها إثارة الغبار لحجب الرؤية والتشويش الممنهج على المعارك المفصلية في اللحظات المفصلية.

محاضرة وراق مساء امس عن الراهن السياسي وكيفية إسقاط الانقلاب، كانت إضاءة نوعية في طريق المقاومة ،ومفاكرة محفزة على سبر اغوار ازمتنا المركبة، كما كانت كشفا لمؤامرات الانقلابيين وفضحا لمشروعهم بشجاعة وجسارة لا تتوفر الا لأولي العزم من المثقفين النبلاء ذوي البصائر النافذة والضمائر الحية، المحاضرة اكبر بكثير من محاولات اختزالها وتشويه مواقف صاحبها باقتباسات متعجلة، انها جديرة حقا بالاستماع وبالنقاش الموضوعي النزيه لفائدة الرأي العام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.