يوم القيامة!
كتب: فايز السليك
.
لم يكن زلزالاً، أو بركاناً، بل كان يوم أمس يوم قيامة العسكر؛ حيث أخرجت الخرطوم أثقالها من شبابٍ وشابات، نساء ورجال؛ بأعمار مختلفة، خرجوا وفي قلوبهم/ن للوطن محبة، وللطغيان مسبة، وللحكم المدني اشتياق العشاق بعد فراق.
كان يوم ٣٠ يونيو، رسالةً جليةً كنقاء سماء السودان في يونيو، تقول #لا_لحكم_العسكر.
#نعم_للحكم_المدني.
أرسلت الجموع الهادرة رسالةً واحدة في بريد الانقلابيين والمغامرين.
استعير هنا بعضاً من أنفاس صديقي الشاعر الجميل محمد مدني،
تابعوا من شئتمُ
او طاوعوا من خفتمُ.
فالذاهبون الى الفجيعة أنتمُ
فقط افهموا ان لا وثيقة او وفاق..
ولا حقيقة او نفاق..
تخفي عن الأطفال
عورة من دفنتم من رجال..
لن تنقذكم أفعالكم القبيحة وأنتم تركلون شهيد شارع الستين بأبواتكم، ولن تسندكم حاويات الكباري، ولن تحمي كتائب الموت وقنابل الغاز البذئ عرشكم المهتز.
أنتم تواجهون شعباً محباً للحرية، يهز جذع ثورته فيتساقط منه رطباً جنيا. وجذع الثورة ثابتٌ وراسخ رسوخ جذع التبلدي في كردفان، يجود بمائه ساعة الحوبة، وطريق الثورة رحبٌ ووسيع كوساع بحر المالح، ودرب الثورة أخضر كاخضرار الجزيرة في مواسم المسور، والقضارف في اوقات عطاء، وروح الثورة حلوة وبشوشة كبشاشة جبل مرة في ابهى مواسم عرسه.
لا يحتاج الانقلابيون الى مهارة فريدة لفك شفرة الثورة، ثم استيعاب أنهم يواجهون ( جيلاً جايي حلو الشهد) على قول حبيب الشعب الشريف محجوب، مرهف الاحساس والشوَاف.
وطريق الشعب اوسع زحام؟
وقلب الشعب ارحب من رحاب الضو
ونبض الشعب كله حلم بداه بتم
تطلع من شقوق الارض الاف المدن قامات
ويطلع حتى من قلب الحجر والصى
شجر متشابك الهامات.
ولعلكم وعيتم الدرس، هذه ثورة عميقة متشربة من عزة تهارقا، ومكحلة بمراويد جمال الكنداكات.
لن تُهزم، بل هي النيل، في حال كمونه، يعزف أغنية الحياة الأبدية، سيمفونية الوجود، ثم يتفجر عنفواناً وشراسةً لا توقفه حواجز، ولا تمنعه منعطفات من سيرورته، ولا تقف الصخور حائلاً أمام صيرورته.
حضرتُ عدداً من مواكب ما بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر، بعد خروجي من المعتقل، وتراوحت المواكب ما بين مدٍ وجزر، لكن يوم أمس شاهدته من بعيد بعد أن حالت ظروف خاصة دون المشاركة فيه؛ الا أنه كان اليوم الفصل، وليس بالهزل؛ ما بين التطلع للحكم المدني واسدال الستار على حقب الطغيان والحكم العسكري.
إنَ #٣٠يونيو _٢٠٢٢، كان يوماً فارقاً في تاريخ ومسارات ثورة ديسمبر المجيدة، فله ما بعده من ارتدادات.
لكن ثمة ملاحظة مهمة تتمثل في ضعف الفعل السياسي في مقابل الفعل الثوري، حيث تتطلب المرحلة تطوير آليات المقاومة وطرح أسئلة للحوار.
متى يحين وقت تنظيم اعتصامات ( مؤقتة ومحدودة) قبل الوصول الى اعتصام نهائي؟
ومتى تشرع قوى التغيير في عملية تشكيل مجالس تشريعية محلية بالانتخاب من الأحياء ثم تشكيل مجلس تشريعي قومي انتقالي يرمز للسلطة المدنية، ويختار رئيس الوزراء؟
وقبل ذلك؛ كيف يتم التوافق على ( برنامج حد أدنى) ؟