ليس أشقى لفؤادي من عليم يتغابى!
كتبت: رشا عوض
.
اي متوسط ذكاء قرأ مقالي “اليسار الهارب غربا وعقدة الذنب الايدولوجية”، لن يفهم انني اعتبر الإقامة في أمريكا والدول الغربية معناها التماهي مع النظم السياسية هناك والكف عن اي نقد للرأسمالية وسياسات الحكومات الغربية ، ولن يستنتج انني بحاجة إلى محاضرات في ان الغرب تعددي ويقدس الحرية وليس من شروط العيش فيه التنازل عن الحق في التفكير ومساءلة اي سلطة او معرفة او نظام،فهذه الميزة هي التي أنقذت الغرب من مصير الشرق! وهذه الميزة هي التي جعلت اكثر الانتقادات جذرية للغرب تخرج من جامعات ومراكز بحث غربية ومن مفكرين غريبين، بدليل ان ماركس نفسه غربي وللأسف لم تتحقق نبوءته في اندلاع الثورة على النظام الرأسمالي في دولة أوروبية غربية ناضجة رأسماليا! ربما لو حدث ذلك كان العالم قد عبر إلى مكان أفضل، ولكن للأسف قامت الثورة في دولة متخلفة مقارنة بدول أوروبا الغربية فانتجت نموذج ” مزرعة الحيوان” الذي دق الدلجة، وعلى فكرة مزرعة الحيوان دي رواية لجورج اورويل وهو روائي بريطاني اشتراكي ديمقراطي ناقد لسياسات ستالين، وطبعا هذا التوضيح مهم جدا عشان ما يجي زميل ناطي يتهم رشا عوض بقلة الأدب وحيونة اليسار!!
عموما لا مشكلة في انتقاد ما اكتب فهذا يسعدني جدا، ولكن المطلوب الامانة في النقد، وعدم الهروب من مناقشة فكرتي الأساسية وهي محاولة تفسير مواقف متشنجة وغير عقلانية في قضية علاقات السودان وتحالفاته الخارجية واقحام حكايات الامبريالية والراسمالية والنيولبرالية بتزيد ومغالاة وبلا بصيرة ترى الواقع كما هو، الأمر الذي لم أجد له تفسيرا سوى عقدة ذنب ايدولوجية هي من وجهة نظري غير صحيحة وسببها الفهم القاصر حتى للماركسية بالمناسبة التي لا يمكن أن تنتج عقولا جامدة، فأنا لم أقل ليس من حق اليساري صاحب الاطروحات النقدية الصارمة للراسمالية ان يعيش في الغرب وان في ذلك مشكلة بل بالعكس فقد قلت بالحرف الواحد في المقال المنشور:
” المفروض ليست هناك مشكلة على الاطلاق من وجهة نظر الشخص العاقل المتحرر من المانويات والثنائيات الحدية القاطعة التي تقسم العالم إلى فسطاطين أحدهما للخير المطلق والآخر للشر المطلق، الشخص العقلاني يدرك ان رايات العدالة الاجتماعية لن تسقط ابدا ولكن الطريق إلى حيث العدل والحرية والسلام متعدد الاتجاهات كثير المنعطفات والتعرجات وتبعا لذلك متعدد النظريات وخرائط الطريق ، ويستطيع الإنسان الانحياز لهذه القيم من اي موقع طبقي ومن أي مكان في العالم، إذ لا توجد نظرية واحدة مكتملة ومعصومة لتعبيد طريق البشر إلى عالم اعدل وأكثر حرية”
معقول الرد علي كلامي الفوق دا يكون السؤال الساخر: هل مطلوب من الشخص الذي يعيش في السودان أن يؤيد البرهان او يرحل وان الشخص الذي يعيش في أمريكا يجب أن يؤيد جو بايدن او يقطع وشو من هناك !!!
اجي يا بنات امي