الذكرى الثالثة للوثيقة الدستورية

0 75

كتب: تاج السر عثمان بابو

.

   مضت ثلاث سنوات علي الوثيقة الدستورية “المعيبة” التي تم التوقيع عليها في 17 أغسطس 2019 ، وكان الحصاد هشيما ، ومع ذلك تتسارع الخطوات حاليا لإعادة الشراكة الفاشلة كما يقول المثل “من جرب المجرب حلت به الندامة”، كما في  مقترح الإعلان الدستوري الذي قدمته قوي الحرية والتغيير- المجلس المركزي ، وتمت مناقشته في ورشة نقابة المحامين ، الذي يعيد إنتاج الشراكة تحت مسمي مجلس الأمن الدفاع ، وايجاد مخرج من المحاسبة في مجازر فض الاعتصام ، ومجازرما بعد انقلاب 25 اكتوبر ، والمماطلة في تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، والابقاء علي اتفاق جوبا الذي تحول لمناصب ومحاصصات ، ولم يحقق الأمن والسلام ، بل ازداد التدهور الأمني في مناطق دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق. الخ، اضافة للصمت عن مصير الجنجويد ، بل يوسع المشاركة لتشمل الاتحادي الأصل ، والمؤتمر الشعبي ، وانصار السنة وغيرهم من القوى التي كانت مشاركة في نظام الانقاذ حتى سقوط راس النظام.

   اضافة للتدخل الخارجي من نفس المحاور الاقليمية والدولية التي فرضت الوثيقة الدستورية السابقة ، مع ازدياد حدة الصراع العالمي علي الموارد في السودان وافريقيا بين أمريكا وحلفائها وروسيا والصين ، وعودة السفير الأمريكي للسودان بعد 25 عاما لإدارة هذه المهمة ، وتسارع الخطوات لتهب اراضي السودان من السعودية وغيرها، واتجاه ابوظبي لقيام ميناء اماراتي جديد في بورتسودان يدمر السيادة الوطنية ، ويقضي علي موانئ السودان، كما رشح في الأنباء عن سفر وزير المالية ومعه وفد لاتمام صفقة الميناء .

 فضلا عن الاتجاه لنهب اراضي مشروع الجزيرة ، كما في مخطط الغرق الجاري ، وتحويل مشروع الجزيرة الي هيئة تابعة لوزارة المالية، واشتداد حدة الفساد والنهب من عناصر النظام البائد ، والابادة الجماعية في دارفور وغيرها بهدف نهب الأراضي والمعادن وتهريب الذهب للخارج ، وعودة الأموال المنهوبة للفاسدين وفك حساباتهم في البنوك ، واعادة التمكين، والمخطط لعودة الفلول تحت مبادرة أهل السودان.

 اضافة لاعلان دستوري آخر من قوي الوفاق الوطني من حركات جوبا (مناوي جبريل، وبعض الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا، يهدف لعودة الشراكة ، وتعديل الوثيقة الدستورية ، لتسمج بمشاركة الذي شغلوا مناصب دستورية في الفترة الانتقالية ، في الترشح للانتخابات، واقترحوا للفترة الانتقالية 24 شهرا.

 اضافة لاعلان المجلس الأعلي للبجا عن التصعيد والمطالبة بتقرير المصير ، وهو تكرار لما حدث سابقا للتمهيد لانقلاب عسكري جديد ، يعيد إنتاج الأزمة ، كما حدث في انقلاب 25 أكتوبر ، الذي فشل في حل مشاكل البلاد الاقتصادية والمعيشية والأمنية.

  مما يتطلب اليقظة ومواصلة المقاومة الجماهيرية الواسعة بهدف تحقيق أهداف الثورة ووقف نهب اراضي وموانئ السودان، واستمرار التراكم النضالي الجماهيري حى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.

  وبمناسبة الذكرى الثالثة علي التوقيع علي الوثيقة الدستورية “المعيبة” ، نعيد نشر هذا المقال الذي نُشر بمناسبة مرور عامين علي التوقيع علي الوثيقة الدستورية ، والذي لخص تجربة فشلها كما في الاتي:

 1. مضي عامان علي توقيع الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوي “الهبوط الناعم” في (قحت) والتي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة ، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي اعطي العسكر :

– 21 شهرا الأولي.

– تعيين وزيري الداخلية والدفاع .

– الابقاء علي الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي.

– الابقاء علي الدعم السريع وغض الطرف عن مليشيات النظام البائد (كتائب الظل ، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ).

– تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل : الانتخابات – الدستور- المؤتمر الدستوري.

– الابقاء علي المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 الي بداية سريان الاتفاق.

2.  الاتفاق لم يأت نتاجا لتطور باطني سوداني ، بل تمّ بتدخل خارجي اقليمي وعالمي بات معلوما تفاصيله للجميع بهدف فرض “الهبوط الناعم” الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية التي تعمق الصراعات القبلية والاثنية وتهدد وحدة البلاد، ولضمان الحفاظ علي مصالح تلك القوي ( قواعد عسكرية ، موانئ، الخ).

كما ابقي الاتفاق علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي (العائد من حرب اليمن ، نهب وتهريب الذهب ،وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والمحاصيل النقدية ، والماشية والاتصالات . الخ للدولة) .

كان الهدف من الاتفاق اجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري ، بدلا من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، اضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.

3 . ومنذ التوقيع علي الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيما، كما أكدت تجربة العامين الماضيين صحة التوقعات باجهاض الثورة والسير في “الهبوط الناعم” تحت هيمنة المكون العسكري كما في حالة :

– عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية ، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل مضي أكثر من ثلاثة اشهر علي لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام ولم يحدث شئ.

– عدم تكوين المجلس التشريعي.

– تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية بدلا من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة ، وتمكين الشباب والمرأة. الخ ، كما جاء في الوثيقة .

البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.

– عدم الغاء القوانين المقيدة للحريات، واصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.

– لا عودة لجميع المفصولين العسكريين والمدنيين.

– لم يتم تكوين المحكمة الدستورية واصلاح النظام العدلي والقانوني .

– خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته علي ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء ، والالتفاف علي “الوثيقة الدستورية” ، وافراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابا “علي الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها ، والتطبيع مع اسرائيل بلقاء البرهان – نتياهو ، والسماح بالقواعد العسكرية لامريكا علي البحر الأحمر .الخ.

 – مصادرة حق الحياة الذي كفلته الوثيقة الدستورية ، بالقمع واطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية مما أدي الي استشهاد البعض وجرحي ، والاعتداء علي الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع ، والتهاون مع مواكب الفلول ، واستمرار الصراعات القبلية والاثنية في دارفور والشرق وجنوب وغرب كردفان. الخ.

– وصل الانحراف عن الوثيقة وأهداف الثورة بالدعوات للمصالحة مع الاسلامويين.

– الدعوات للاتتخابات المبكرة بدون تحقيق اهداف الفترة الانتقالية واستحقاقاتها التي تؤدي لانتخابات حرة نزيهة بعد المؤتمر الدستوري ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يتوافق عليه الجميع.

كل ذلك ، يؤكد ما طللنا نشير اليه منذ التوقيع علي الوثيقة الدستورية (المعيبة) أنها اصبحت حبرا علي ورق ، ومعبرا لاجهاض الثورة ، وامتدادا لسياسات النظام البائد في خرق العهود والمواثيق .

عليه يصبح ، لا بديل غير مواصلة التراكم النضالي الجماهيري الجاري حاليا في مختلف الجبهات ، وفي أوسع تحالف ثوري لاسقاط سلطة الشراكة الحالية ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.