1. رغم ضجة الفلول حول زيارة البرهان لبريطانيا ونيويورك باعتبارها كسر لعزلة الانقلاب ، الا أنها جاءت وبالا علي السلطة الانقلابية ، كما في الحشود الكبيرة في بريطانيا وأمريكا ضد زيارة البرهان، ومغادرة اغلب الحضور من الرؤوساء والممثلين والاعلاميين لحظة خطاب البرهان في الجمعية العمومية للامم المتحدة ، فضلا عن ملاحقة البرهان علي جرائم الابادة الجماعية وضد الانسانية ، فحيثما كنتم ايها الانقلابيون تلاحقكم العدالة ولو كنتم في بروج مشيدة، كما عكستها مذكرة السودانيين في امريكا الي الأمين العام للامم المتحدة والمنظمات الدولية والحقوقية الأخري.
وهي بلا شك جرائم لن تسقط بالتقادم كما في جريمة فض الاعتصام التى ترقي للابادة الجماعية ،اضافة الي اطلاق النار علي المواكب السلمية بعد انقلاب 25 اكتوبر 2021 الذي أدي لاستشهاد (117) شهيدا ، و أكثر من (5 الف) اصابة ، اضافة لاعتقال المئات والتعذيب الوحشي للمعتقلين وحالات الاغتصاب المسجلة، هذا فضلا عن جرائم الابادة الجماعية في دارفور بمشاركة الجنجويد منذ العام 2003 ، التي جعلت البشير ومن معه مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية ، وشهداء هبة سبتمبر التي تمر ذكراها هذه الأيام ، والتي استشهد فيها أكثر من (250) شهيدا شارك فيها نظام الانقاذ مع الجنجويد.
2 . حاصرت تلك الجرائم قائد الانقلاب البرهان والذي كذب وراوغ حين ذكر في مقابلة اجرتها وكالة ” اسوشيتد برس” علي هامش اجتماعات الجمعية العمومية عندما قال “لم نقتل متظاهرين بالطريقة التى تم تصويرها، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة وتعاملت الشرطة معهم لحماية الممتلكات”، وهي أكاذيب أعادت مراوغة الاسلامويين الذي يشكل انقلاب 25 أكتوبر امتدادا لهم ، فضلا عن الحديث عن عدم الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة، علي طريقة البشير السابقة!! علما بأنه لا يمكن أن تكون هناك انتخابات حرة نزيهة دون تفكيك التمكين واستعادة الأموال المنهوبة.
هذا اضافة للانقلاب علي الوثيقة الدستورية رغم عيوبها وانقلاب 25 اكتوبر الذي كان نقضا صارخا للعهود والمواثيق والانقلاب علي ثورة ديسمبر الذي تحدث البرهان زورا باسمها في جلسة الأمم المتحدة التي غادرها أغلب الحضور، بل أعاد التمكين الفساد والمفسدين في كل مفاصل الدولة ، والأموال المنهوبة للفلول، تمهيدا للانتخابات المزور سلفا التى تحدث عنها البرهان.
3 . المقاومة الجماهيرية الواسعة للسودانيين في بريطانيا وامريكا، جاءت امتدادا لمقاومة شعب السودان في الداخل بمختلف الاشكال للاتقلاب الدموي ، تحت شعارات اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، و”لا تفاوض ولا شراكة ولا تسوية” مع الانقلابيين، بل عودة العسكر للثكنات وحل الجنجويد ،وكل مليشيات “الكيزان” والأمن وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية ، ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية ، وعودة شركات الجيش والجنجويد والأمن والشرطة لولاية وزارة المالية، والغاء اتفاق جوبا الذي لا مصلحة لشعب السودان ولا لدافور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان فيه، بل تحول لمحاصصات وجبايات فوق طاقة الشعب السوداني التي فاقت “التركية السابقة” في القمع والنهب والجبايات كما في المثل السوداني يومئذ “كان الترك حوض رملة ، حوض رملة ما بيروى”.
4 . من الجانب الآخر تتسع المقاومة من أجل تحسين الاوضاع المعيشية التي تدهورت وللجبايات التى اصبحت فوق طاقة الناس لدعم اتفاق جوبا الذي لا ناقة لشعب السودان فيه ولا جمل ، مثل : وقفة المعاشيين الاحتجاجية ، وتصاعد الاضرابات كما في عودة العاملين في الكهرباء حتى يتم تطبيق قرار الوزير ، واضراب العاملين بوزارة التجارة والتموين الأحد بسبب مطالب منحة المدارس والتأمين الصحي والترحيل ، واعلان اضرابات التجار بسبب زيادة الضرائب 1000% كما في الدمازين ، سنار، تمبول ، القضارف ، والابيض . الخ.
لا شك أن المقاومة الجماهيرية المتصاعدة سوف تتجاوز التسوية الجارية لاعادة الشراكة مع العسكر واتفاق جوبا والجنجويد ، والتي أكدت فشلها ، رغم الجهود الجارية الآن لتذليل الصعوبات أمام طريقها من الرباعية ، وهي شراكة تعيد إنتاج الأزمة وتهدد وحدة الوطن ، وتفنح الطريق للمزيد من نهب ثروات البلاد وأراضيها، والتي حتما سوف تنتهي بانقلاب عسكري، لتستمر الحلقة الجهنمية التي دمرت البلاد منذ الاستقلال.
أما الحديث عن وحدة قوى الثورة فيجب أن تقوم علي اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي، واحداث التغيير الجذري الذي يضع حدا للانقلابات العسكرية ، وترسيخ الديمقراطية والسلام والعدالة والتنمية المستقلة والمتوازنة.
فلا يمكن الحديث عن وحدة قوى الثورة علي اساس الإعلان الدستوري الذي قدمته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين ، الذي يعيد اتفاق جوبا الكارثي ، والشراكة تحت هيمنة العسكر علي مفاصل الاقتصاد والسلاح والإعلام وبنك السودان ، والعلاقات الخارجية، كما هو مقترح ، مما يجعل مشاركة المدنيين صورية حنى لو كان رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة منهم ، اتفاق جوبا ، ودمج الجنجويد في الجيش بدلا من حله.
5 . أخيرا، في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية ، وتزايد وتائر نهب ثروات البلاد ، وحملات الابادة الجماعية في اطراف البلاد من أجل نهب الاراضي وثروات المعادن والماشية، وتصاعد المقاومة الجماهيرية ، لا بديل غير مواصلة المقاومة الجارية بمختلف الاشكال (اضرابات، وقفات احتجاجية، مواكب، ، مذكرات والعرائض ، اعتصامات،. الخ) حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وتحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية، واحداث التغيير الجذري الذي يضع حدا للحلقة الشريرة من الانقلابات العسكرية، واستدامة الديمقراطية والسلام والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد وعودة شركات الجيش والجنجويد والأمن والشرطة لولاية وزارة المالية ، ووقف نهب ثروات البلاد والغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وسيادة السودان علي كل اراضيه المحتلة، وقيام علاقات خارجية متوازنة بعيدا عن المحاور العسكرية، وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية ..