تنابلة السلطان !
كتب: زهير السراج
.
* لم اتفاجأ بتصريح السفير الأمريكي بالخرطوم عن خطل ما قاله المستشار الهائج (أبو هاجة) بأن “مشاركة البرهان في إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تعني أن صفحة جديدة مع امريكا والغرب قد قُلبت”، فالهائج ليس سوى أحد (التنابلة) الذين انقلبوا على السلطة الشرعية بقوة السلاح، فما الذي يجعله يفهم بأن قوانين الأمم المتحدة تتيح لقادة الدول الأعضاء المشاركة في إجتماعاتها ممثلين لدولهم حتى لو كانوا ألد أعداء أمريكا والغرب !
* لا شك انكم سمعتم بقصة (تنابلة السلطان)، ولكن لا بأس من روايتها مرة أخرى، فلقد كان لأحد السلاطين ثلاثة أقارب يقيمون في القصر ينامون ويصبحون ويأكلون ويشربون بدون عمل أو وظيفة، وظلوا على هذا الحال سنوات طويلة، وفى أحد الايام رآهم الوزير الجديد للسلطان الذى تم تعيينه حديثا، فسألهم ماذا يفعلون في القصر، فأجابوا بأنهم يأكلون ويشربون من خيرات ابن عمهم السلطان، فقال لهم الوزير: “ألا تخشون أن يغضب السلطان عليكم يوما ويطردكم من القصر فتصبحون بلا مأوى ولا طعام؟”، فنظروا الى انفسهم وقالوا له إنهم لم يفكروا في ذلك من قبل، فقال لهم الوزير: “إذن اعملوا عملا ينفعكم ويحميكم من مكر الدنيا وشر السلطان”، فضحكوا بسخرية وقالوا: ” ما خلقنا الله لنعمل!”
* فهم الوزير انه لا فائدة من الكلام معهم، فتركهم وذهب الى السلطان وحكى له ما دار بينه وبين أبناء عمه، فأمر السلطان بمثولهم أمامه وجاؤوا ومعهم ثلاثة حراس، فقال لهم:” نسيت سيفي في غرفة السلاح “، وطلب من أولهم أن يذهب ويأتيه به، فأشار إلى الحارس الذى يقف وراءه لإحضار السيف وظل واقفا في مكانه، وطلب السلطان من الاثنين الآخرين أن يقطعا شجرة توجد أمام بوابة القصر وتعترض طريق الرعية، فأشارا الى الحارسين لقطع الشجرة!
* قال لهم السلطان “هناك ثلاثة نوافذ غرفة نومى، أذهبوا وأغلقوها”، فطلبوا منه أن ينتظر حتى يأتي الحراس ويؤدوا المهمة، فأمرهم السلطان بالانصراف فقالوا له:” سننتظر حتى يأتي الحراس ويفتحوا لنا الباب”!
* غضب السلطان ولكنه تمالك نفسه وقال لهم:” إذا كنتم يوما في الغابة وهاجمتكم السباع، فماذا تفعلون؟”، فقالوا : ” هذا قدرنا”، قال لهم:” ألا تهربون أو تختبؤون؟”، فأجابوا:” كيف نهرب ونختبئ مما هو مقدر لنا؟”
* عندها التفت السلطان الى وزيره وقال له: “خذ هؤلاء التنابلة وأحفر لهم حفرة في الغابة وأدفنهم فيها”، فأخذهم الوزير الى الغابة وحفر الحفرة وعندما أراد أن يدفنهم، مر رجل طيب القلب يبدو عليه الفقر وقال للوزير لماذا تفعل بهم ذلك، فقص عليه الحكاية، فقال له الرجل: اتركهم وأنا سآخذهم وعندي خبز يابس ينقعونه ويأكلوه”، فعرض عليهم الوزير ما قاله الرجل، فقالوا:” ومن سينقعه لنا؟”… وهكذا فضلوا الدفن أحياء على بذل أي جهد !
* ويُروى أن أحد الولاة أمر ببناء دار للعجزة، وخصص لهم مبلغا من المال، فتسلل إليها العاطلون وجاء الوالي ذات يوم لتفقد الاحوال فرأى رجالا أصحاء كسالى يأكلون ويشربون وينامون ولا يفعلون شيئا، فأمر برميهم في النهر، فأخذهم الحرس وبينما هم في الطريق الى النهر مر رجل ثرى وسأل الحرس مَن هؤلاء، فحكوا له القصة، فقال الرجل انه سيأويهم طلبا للثواب، وان لديه بستانا كبيرا يربى فيه بعض الأبقار، ويعلفهم بالخبز اليابس، فليأت هؤلاء التنابلة إلى البستان ويسكنوا فيه، ويأكلوا من الخبز اليابس بعد نقعه في الماء، فوافق الحراس، إلا ان الرجال رفضوا وفضلوا الموت، وقالوا إن الغرق أحب إليهم من التعب وبل الخبز، فلقبوا بتنابلة السلطان !
* من أين لتنبل مثل الهائج (ابوهاجة) ليس هنالك ما يفعله سوى الأكل والشرب والنوم و(الجعير)، أن يعرف شيئا عن المعاهدات الدولية وقوانين الأمم المتحدة، ام انه يعتقد انها (صفا انتباه، للخلف دور) فيبرطع كما يشاء؟ !