30 سبتمبـــــــر _ إقـــــــلاق الوحـــــش!.

0 59

كتب: آدَمْ أجْـــــــــــــرَىْ

.

الإستفزاز السخرية والتهديد تعد أفضل مهيجات الشوارع، هى الأشد وقعاً والأسرع فى نثر العدوى وإيصال الجائحة ذروتها. عكسها التمجيد وتعابير التطمين التى تفعل فعل التسكين. هنا تكمن خطورة الخطب الجماهيرية غير الواعية، ذلك أن متلقييها الأفراد وسط الجماهير المتظاهرة ليسوا هم أنفسهم عندما يكونون فى حالاتهم العادية، بل تتقمصهم روح كائن كبير جامح، وبالتضافر مع غيرها يتشكل الأعصار الذى لا يمكن مجابهته إلا بصوت نابع من داخله، بتظاهرة آخرى مكافئة لها أو قريبة منها – ثورة الشرق مثالاً- وأى سلوك خلاف ذلك يمكن أن يفهم منه إستفزازاً وتهديداً يستدعيان التلاحم والصمود. الشارع له منطقه غير الخاضع للتأويلات التقليدية، لا يمتثل لأى نصح، يحمل كل من الحقيقة والشائعة على نفس محمله الواحد، المنطق لا مكان له، لا يهمه البينات ولا الحقائق بقدر ما يهمه موقف ضميره تجاه الأحداث، ومشاعره تجاه الحقائق.

الرموز من طبيعة أية ثورة، من ضروراتها الحيوية فتنتخبها بتلقائية، قد ترفع شخصاً غير معروفاً على الأعناق فتتخذه أيقونة، والماكرون يأتون بأناس من بيوتهم لم يذرفوا عرقاً حقيقياً، فيمارسون بهم خدعاً يبيتون بها رموزاً. التجربة التى نتعلمها من مليونية اليوم، أن معاركة رموز الثوار -غض النظر عن أهليتهم- وسط جماهيرها طيش يأتى نتائجه عكسية، وأن الطريقة الأجدى لتحييد الرموز -إن كانت هناك ضرورة- تكمن فى تغيير نظرة الجماهير الثائرة إليهم. الإنفراد بأحدهم والتهجم عليه قولاً أو فعلاً تحت بصر وسمع الجماهير، فإنه الإستفزاز الذى يصنع الأبطال ويزيد الجماعة تلاحماً وتطرفاً. المسؤول الحكومى الذى طلب عدم تهديدهم بالشارع لأنهم بالمثل لديهم شارع، عرف طبيعة ذلك الكائن الذى لا يجابه إلا بمن يماثله. لكنها طبيعة الثورة السودانية -المدرسة- التى تقدم كل يوم درساً جديداً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.