أنا جادي.. رخصة سياسي..

0 65

كتب: عثمان ميرغني

.

لماذا لا نؤسس جهة مركزية رسمية مهمتها الترخيص لممارسة السياسة؟ لماذا نجبر سائق “الركشة” على استخراج رخصة من شرطة المرور بينما لا نطلب من السياسي رخصة ليقود البلاد كلها وليس مجرد “ركشة”؟

هذا الأمر ليس سخرية أو مزاحاً، فليكن لـ”السياسي” مواصفات ومعايير ومؤهلات وشروط يجب أن ينالها ليحق له ممارسة السياسة..وحتى لا يساور البعض إحساس بأني أتحدث عن مؤهلات أكاديمية لا.. فهناك أكاديميون في تخصصات نادرة ولا يعلمون عن السياسة شيئاً ،ربما طالب جامعي ناشط سياسياً ملم بمعارف أكثر منهم في السياسة.. المطلوب مؤهلات استنارة سياسية.. عقل اكتسب المعارف الأساسية للعمل السياسي، و فهم استوعب مطلوبات وأهداف النشاط السياسي عموماً..
مثلما هناك “مجلس طبي” ليمنح الأطباء تراخيص مزاولة المهنة، ونقابة المحامين لمنح المحامي رخصة عمل ، ومجلس هندسي للمهندسين، ومجلس للمهن الفنية والموسيقا فلا يستطيع – قانوناً- كل من يملك حنجرة أن يغني إلا بالحصول على الترخيص فلماذا لا يكون هناك “مجلس العمل السياسي” مهمته أن يمنح الترخيص لم يلتزم بالحد المطلوب من الاستنارة والقدرة على ممارسة العمل السياسي بصورة لا تضر بالوطن ومصالح المواطن.

ولمزيد من التمحيص والجدية يمكن أن تكون الرخصة على مستويين، المستوى الأول مجرد ممارسة للسياسة بلا حق الوصول للمناصب الدستورية (رئيس وزراء – وزير – وال – نائب برلماني –رئيس حزب سياسي) والرخصة الثانية التي يحصل عليها بشروط إضافية تسمح له بأن يكون مرشحاً لشغل المناصب الدستورية أو الترشح للبرلمان.
” مجلس العمل السياسي” له سلطتان، المنح والمنع، يمنح ترخيص العمل السياسي بالمستويات التي شرحتها ، وله سلطة المنع في حال المخالفات التي تضر بالعمل السياسي وتؤدي لإفساد الحياة السياسية في البلاد، وطبعاً هو مجرد قرار إداري قابل للاستئناف للسلطة القضائية بالطرق النظامية المعروفة ..
إذا ارتكب السياسي فعلاً أو قولاً يثير الكراهية، مثل استخدام العبارات العنصرية أو الإساءة أو إشانة السمعة وغيرها فيمكن لمجلس العمل السياسي سحب ترخيص العمل وتجميد نشاطه لحين فصل القضاء الإداري في القرار.
وسيكون من شروط ترخيص العمل السياسي عدم التفرغ، لا يسمح للسياسي أن يمارس النشاط إلا إذا أثبت أنه لا يتكسب رزقه من السياسة، وله مصدر دخل معلوم ومثبت في السجلات رسمياً.. ويمكن استثناء رئيس الحزب والمناصب القيادية الأخرى التي تتطلب التفرغ، ومنحهم إعفاءً مؤقتاً من الارتباط بمورد رزق خاص.

ولأن السودان طوال 66 عاماً منذ الاستقلال تضرر كثيراً من (السواقة والسائقين) مهما كانت مؤهلاتهم الشخصية أو العلمية أو العملية فمن المهم التشدد في شروط هذه الرخصة و سن قانون خاص لتجريم كل من لا يلتزم بهذه المعايير شخصاً كان أو حزباً.. فالمطلوب ليس مجرد ضبط النشاط السياسي بل رفع وعي الساسة بأن العمل السياسي مثله والعمل التنفيذي أو حتى العسكري فيه محاسبة وعقاب..
يكفي ما ضاع من عمر السودان.. فالدول لا تبنى بمثل هذا التهاون وغياب المسؤولية والمحاسبة سياسياً..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.