خطاب البرهان وتسبيح القيطون

0 109
  .

1. جاء حديث الفريق البرهان في قاعدة “حطاب العسكرية”، علي طريقة “القيطون” بمعنى الماكر المخادع  ، كما في المثل: “اذا سبح القيطون همّ بسرقة .. فلا تأمن القيطون حين يسبح”، فقد حذر البرهان المؤتمر الوطني والحركة الإسلاموية من التخفي وراء الجيش ، وأن المؤسسة العسكرية لا توالي أي فئة أو حزب ، وهو كما عبر الكثيرون كذب صراح ، وذر للرماد في العيون ، وتعبير عن انحناء للعاصفة لتمرير التسوية تحت الضغط الأمريكي وحلفائها.

 كما عبر الكثيرون “اسمع حديثك اصدقك ، انظر لافعالك استغرب”، وهو الذي جاء علي رأس انقلاب اللجنة الأمنية  لنظام الانقاذ الذي خلفه الحركة الإسلاموية وبدأ بكذبة الترابي في قوله للبشير “إذهب للقصر رئيسا ، وأذهب أنا للسجن حبيسا” ، بعد ازاحة الفريق ابنعوف في أبريل 2019م ، وقطع الطريق أمام الثورة ، وحافظ علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية والعسكرية ، وكذب بأنه لن يفض اعنصام القيادة العامة، ولكنه نفذ المجزرة الوحشية لاعتصام القيادة العامة ، التي ما زالت المطالبة بمحاكمة المجرمين مستمرة ، ولن تسقط بالتقادم ، كما نقض العهود والمواثيق بعد توقيع اللجنة الأمنية علي الوثيقة الدستورية.

 لكن شعبنا بعد ثلاثين عاما من حكم “الفلول” خبرهم ، ولن تتطلي عليه خدعهم ومكرهم ، حتى أصبح لا مستقبل لهم في حكم البلاد ، ويواصل نضاله لاسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، والتصفية الكاملة للتمكين،واستعادة أموال الشعب المنهوبة.  

2 . بعد انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم أعاد ما تم تفكيكه من تمكين ، وأموال الشعب المنهوبة للفلول ، وجري التمكين في كل مفاصل الدولة وتم اطلاق سراح رموز “الفلول” ، وإعادة منظمة الدعوة الإسلامية وشركاتها ، وحل لجان التسيير واللجان النقابية المنتخبة والنقل التعسفي لأعضاء لجانها ، وإعادة نقابات واتحادات الفلول ، والسماح لمواكب المؤتمر الوطني وحماية الشرطة لها من قبل اللجنة الأمنية بدون إغلاق الكبارى وقطع الانترنت ، بينما تم القمع الوحشي لمواكب لجان المقاومة وغيرها السلمية بالدوشكا والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ، والخرطوش ، والدهس بالمدرعات . الخ ، وتم استشهاد (120) شهيدا واصابة أكثر من ( 7 الف) شخص ، واعتقال وتعذيب المئات ، ومواصلة أساليب المؤتمر الوطني مع مليشيات الجنجويد وقوات الحركات في القمع الوحشي للمواكب السلمية والإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق ، بهدف نهب الأراضي والموارد ، اضافة لاستمرار شركات الجيش والجنجويد والأمن والشرطة  في يد الجيش بعيدا عن ولاية وزارة المالية.

 فكيف يصدق الناس حديث البرهان بأن الجيش لا يتبع للمؤتمر الوطني بعد كل ذلك؟!! علما بأن أمين حسن عمر أشار الي أن الفريق البرهان نفسه كان رئيسا للمؤتمر الوطني في “نيرتتي” بدارفور.

3 . تنظيم الإسلامويين قام علي المكر والخداع كما قال الشاعر المتنبئ: “فلم ار ودهم الا خداعا ، ولم أر دينهم الا نفاقا”  فقد قام علي  استغلال الدين في السياسة لخدمة مصالح طبقية رأسمالية ودنيوية ، عرفته الحركة السياسية السودانية كتنظيم وفكر عبرعنه تنظيم الإخوان المسلمين الذي تأسس في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في جامعة الخرطوم وبقية المعاهد والمدارس الثانوية ، وهو كالحية اغير جلدها وفي جوفها السم الزعاف ، فقد تغيرت اسماؤه: من جبهة الميثاق بعد ثورة اكتوبر1964م ، والجبهة القومية الاسلامية بعد المصالحة مع نظام نميري عام 1977م ، والمؤتمر الوطني بعد انقلاب الانقاذ وبعد ذوبان التنظيم في السلطة ، والذي انشق الي وطني وشعبي بعد المفاصلة التي تمت في عام 1999م ، وبعد ثورة ديسمبر تخفي تحت اللجنة الأمنية للنظام البائد التي اطلقت له العنان كما في مواكب الزحف الأخضر ، وإغلاق محمد الأمين ترك للشرق ، وشاركت مليشياتهم في مجزرة فض الاعتصام من كتائب الظل والأمن الشعبي الوحدات الجهادية الطلابية التي تم رصدها ، حتي نفذوا مع اللجنة الأمنية وقادة اتفاق جوبا نقلاب 25 أكتوبر الدموي..

4 . نشأ هذا التنظيم بدون اهداف سياسية واقتصادية وثقافية واضحة ، وولكنه قام كرد فعل للشيوعية ، وكان من اهدافه الأساسية محاربة الحزب الشيوعي ، حتي نجح في تخطيط مهزلة معهد المعلمين العالي عام 1965م ، وصدر قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ، وكان ذلك نذير شؤم أدي الي تقويض الديمقراطية وانتهاك استقلال القضاء الذي حكم ببطلان حل الحزب الشيوعي مما ادي الي استقالة رئيس القضاء ، وفتح الباب لانقلاب 25 /مايو/1969م.

  كما ادخل هذا التنظيم العنف في الحياة السياسية والاستعلاء الديني والعرقي ، حتي تم تتويج ذلك بانقلاب 30 يونيو1989م ، الذي صادر كل الحقوق والحريات الديمقراطية ، واعتقل وشرد وعذب الآلاف من المعارضين السياسيين ، وحول حرب الجنوب ، التي توصلت الحركة السياسية لحل لها قبل يونيو 1989م (اتفاق الميرغني – قرنق) ، حول الحرب الي دينية ومارس ابشع عمليات تطهير عرقي في جبال النوبا ، وجنوب النيل الازرق ، وفي دارفور ، أصبح البشير متهما مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب تطهير عرقي في دارفور..

  كما شرد هذا النظام اكثر من (122) الف من اعمالهم ، وتلك جريمة كبيرة لاتقل عن التطهير العرقي وتشريد الناس عن وسيلة إنتاجهم (الارض) ، وكما يقول المثل السوداني (قطع الأعناق ولا قطع الارزاق) ، ومازال التشريد وتصفية وبيع مؤسسات القطاع العام مستمرا.

  افقر هذا النظام الشعب السوداني ، حتي اصبح 95 أكثر من 65%من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر ، كما رفع هذا النظام الدعم عن التعليم والصحة ، وارهق كاهل المواطنين بالضرائب والجبايات ، كما تم  خلق فئة رأسمالية طفيلية من الاسلامويين الذين نهبوا مؤسسات القطاع العام ، عن طريق الخصخصة ، اضافة الي الفساد كما في المال العام ، كما وضحت التقارير السنوية للمراجع العام.

 وحتي عندما تم استخراج البترول ، لم تذهب عائداته لدعم الزراعة والصناعة والتعليم والصحة وبقية الخدمات ، بل ذهبت الي الامن والدفاع والي القطاع السيادي، وتم تهريب عائداته التي نقدر بأكثر من 75 مليار دولار للخارج في بنوك ماليزيا وغيرها..

 اضافة الي فقدان السودان لسيادته الوطنية والارتباط بمحور حرب اليمن والافريكوم والتفريط في موانئ وأراضي البلاد ، بالايجارات لمدة تصل الي 99 عاما ، والتعدين بالعقود المجحفة بالبلاد والضار بالبيئة ، مع تهريب عائدات الذهب للخارج، وبسبب تلك السياسات المدمرة ، واسلوب المراوغة ونقض العهود والمواثيق ، منذ بداية الانقلاب بهدف كسب الوقت كما في عقد مؤتمرات الحوار الوطني والنقابي التي كانت توصياتها جاهزة ، وتوقيع الاتفاقات مع عدم تنفيذها كما تم في اتفاقيات : نيفاشا ، القاهرة ، ابوجا، الشرق، وحوار الوثبة ، واتفاق جوبا الحالي ..الخ ، مما أدي لفصل الجنوب وتهديد وحدة ما تبقي من البلاد .

5 . كما تواصلت المقاومة لانقلاب الانقاذ رغم القمع الوحشي للمعارضة السياسية والنقابية ، حتى قيام ثورة ديسمبر 2018م ، وما تم من انتكاسة للفترة الانتقالية ، وحتى انقلاب 25 أكتوبر ، مما يتطلب اليقظة ضد أساليب اللجنة الأمنية الكاذبة والمراوغة ، ومواصلة التراكم النضالي الجاري حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد بعد تصفية التمكين ، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني والأمن الشعبي وجيوش الحركات المسلحة ، وضم شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية ، وعودة الجيش للثكنات ، بدون ذلك يصبح حديث الفريق البرهان عن الجيش ذرا للرماد في العيون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.