الحلو: المجلس العسكري والحرية والتغيير يسعيان لتسوية سياسية يقتسمان فيها السلطة
الخرطوم ــ السودان نت
أكد رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال القائد عبد العزيز ادم الحلو إن المجلس العسكري الإنقلابي وقوَى الحرية والتغيير (المجلس المركزى) لا يرغبان في تحقيق تغيير حقيقي يُعالج جذور المشكلة في السُّودان، بل يسعيان لتسوية سياسية يقتسمان فيها السلطة. ولكن المكون العسكري إشترط الحصول على ضمان حماية من الملاحقة والمُحاسبة القانونية في مقابل ذلك. وهذا الشرط هو سبب تأخر إعلان التسوية.
وقال الحلو” لدي مخاطبته عبر الوسائط اللقاء الذي نظَّمته جبهة طلاب السُّودان الجديد، أمس الاثنين حول قضايا الراهن السِّياسي، قال: إن ما حدث في لقاوة مُحاولة لإزاحة السُّكان الأصليين وإستبدالهم بسُكَّان آخرين، وإن لقاوة الآن مُحتلَّة بواسطة قوات الدَّعم السَّريع التي تحاول أن تجعل من لقاوة أرضاً للمسيرية، أما ما حدث في النيل الأزرق منطقة ود الماحي من أحداث بين الفونج السكان الأصليين وقبيلة الهوسا، فهو أمر مُختلف ويتعلَّق بملكية الأرض، ولكن في النهاية القبيلتين تسلحتا سابقاً بواسطة الحكومة كجزء من إستراتيجية الحرب ضد الحركة الشعبية.
وأضاف الحلو” الأرض تاريخيا ملك لقومية الفونج، والهوسا يقيمون هناك، وكمقيمين لهم حق إستخدام الأرض وليس حق الملكية. وحسب فلسفة الحركة الشعبية الأرض ملك للقبائل والمجتمعات، ولجميع السُكَّان المُقيمين في الأرض حق الإستخدام. ولكن في النهاية ما حدث في لقاوة و ود الماحي يُعبِّر عن إستراتيجية الحكومة الخاصه بإزاحة السُّكان الأصليين من أراضيهم وأستبدالهم بمستوطنين جُدد مثلما حدث في دارفور والآن يحاولون في لقاوة بجبال النوبة، أما في النيل الأزرق تقوم الحكومة بزرع الفتنة بين القبائل الأفريقية لتتقاتل فيما بينها وتخلي الأرض لتستولى عليها وتبيعها لمستثمرين من الشمال أو من الأجانب.
وقال أن الحكومة إتَّهمت الحركة الشعبية بالضلوع في تلك الأحداث ولكن الحركة الشعبية ليست موجودة في المناطق التي دارت فيها تلك النزاعات مثل : لقاوة بجبال النوبة – أو ود الماحي بالليل الأزرق . هي مناطق تقع في مناطق سيطرة الحكومة. بل إن المليشيات التي أسَّستها الحكومة مثل الدفاع الشعبي، المجاهدين، الجنحويد والدعم السريع هي التي تقوم بذلك مثلما فعلت في بورتسودان – كسلا – القضارف – حلفا – القطينة.
وأوضح الحلو بأن في دارفور وحدها منذ العام 2019 تم تنفيذ أكثر من (100) هجوم مُسلَّح على نازحين ومواطنين عزل. وقُتل في بعض تلك الهجمات أكثر من (200) مواطن أو نازح أعزل . ونذكر على سبيل المثال : فتابرنو – جبل مون – الجنينة – كرينك – قريضة – نيرتتي .. الخ ..الخ . يقتلونهم لأن الحكومة غير مُحايدة وهي التي سلَّحت بعض القبائل بحُجَّة مُقاومة التمرُّد في دارفور ولكن في الواقع فإن القبائل العربية تقوم بإبادة المواطنين من القبائل الزنجية المجاورة لها دونما جريرة.
وفي ردِّه على سؤال ” لماذا توجد إشكالات عديدة مثل الحروب وعدم الإستقرار السِّياسي وتدهوُّر الأوضاع الإقتصادية بالسودان ؟ قال الحلو”هذا يعود بنا إلى جذور المُشكلة السُّودانية التي نعتبر إن “أزمة الهوية” تمثل المشكلة الرئيسية فيها – وقد تم فرض الهوية “العربية – الإسلامية” فور خروج الإستعمار. رفض الجنوبيون الإعتراف بهذه الهوية الزائفة منذ 1955، فلجأ المركز للعنف ضدهم، لتستمر الحرب الأهلية لخمسين سنة حتى إستقلال الجنوب في العام 2011. فظهر الجنوب الجديد فورا والذي يمتد من : إقليم الفونج على الحدود مع أثيوبيا، مروراً بجبال النوبة، منطقة أبيي، ودارفور على الحدود مع أفريقيا الوسطى، تشاد، وليبيا.
وتسأل الحلو” لماذا ظهر الجنوب الجديد بعد استقلال الجنوب وأجاب ” أن النُخب لم تتعظ من تجربتها مع الجنوب، وهي لإ تزال تحاول فرض الوحدة القسرية القائمة على الأحادية الثقافية الإقصائية بالقوة، رغم إنفصال الجنوب مهددة بالمزيد من الحروب والإنقسامات فيما تبقى من أجزاء السودان – ولم تترك للمُهمَّشين إلا خيارين فقط: إما قبول علاقة السيد / العبد والدونية في الوطن أو التَّطهير العِرقي والإبادة وكل ذلك من أجل حماية إمتيازاتها التاريخية ووضعيتها في السودان.
وأبان الحلو بأن النُخب السُّودانية ترفض التغيير في السُّودان للحفاظ على الإمتيازات التي تحصَّلوا عليها تاريخياً – ولذلك يفرضون الحروب على الهامش، وهم يؤمنون فقط بالحلول الأمنية والعسكرية ولا يريدون السَّلام والإستقرار.
وفي إجابته على سؤال ” ما المخرج قال رئيس الحركة الشعبية” إن المخرج الوحيد المطروح في السُّودان هو “رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال” – لأن الحركة الشعبية تسعَى لبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، وهذا يحتاج لمُعالجة المشكلات من جذورها)، وأكَّد إنه لتحقيق ذلك لا بد من الآتي: (أولاً: إن يقوم الدستور الدائم بفصل الدِّين عن الدَّولة وثانياً: مُعالجة أزمة الهوية بتبني نظام حكم لا مركزي لفصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة للمحافظة على وحدة السودان وثالثاً: إصلاح القطاع الأمني.
وبخصوص إصلاح القطاع الأمني قال الحلو” القوات المُسلَّحة وغيرها من القوات النظامية الموجودة في السُّودان ليست مُحايدة فى الصراع الدائر منذ 1956. لأن هذه القوات تقوم بحماية مجموعة مُحدَّدة في السُّودان وتستهدف المجموعات المهمشة. فالحروب تشن في مناطق الهامش فقط ولم نسمع بقصف جوى أو مدفعي على مدن في المركز، مثل شندي، مدني أو دنقلا. وحتى القوميات الأخرى المُسلمة بالكامل مثل الفور تعرَّضوا لهجومات الجيش السوداني ومليشياته التي وصلت حد التطهير العرقي والإبادة بسبب إنتمائهم إلأفريقي. وأضاف بدأت تلك الإنتهاكات ضد المهمشين منذ 1955 مع تصعيد كبير في ظل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية بدءا بنظام عبود فالنميري وعمر البشير ويحدث الآن في عهد البرهان). وقال الحلو ” الجيش يقحم نفسه الآن في النشاط الإقتصادي ويمتلك شركات مكنته من السيطرة على 82 % من الدخل القومي للبلاد. ولذلك لا يمكن أن يتحقق الإستقرار في السُّودان دون إصلاح وإعادة هيكلة الجيش.