1 . بينما تستعد لجان المقاومة وقوى الثورة لأوسع مشاركة جماهيرية موكب 23 نوفمبر رفضا للتسوية واسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، تتسارع خطوات استكمال التسوية مع كثافة التدخل الاقليمي والدولي لفرضها ، علي أساس مشروع الدستور الانتقالي لسنة 2022 الذي يعيد إنتاج الأزمة والانقلاب العسكري ، الذي تم إعلانه زورا باسم المحامين وهم منه براء ، فقد اتضح جليا أن اللجنة التسييرية لنقابة المحامين لا علاقة لها بالإعلان الدستوري ، الذي تم وضعه لخدمة مصالح الدول الاقليمية والدولية لفرض التسوية التي تعيد هيمنة العسكر في الشراكة مع قوى الحرية والتغيير مع توسيعها لتضم القوى التي كانت مشاركة مع الانقاذ حنى سقوط البشير (الاتحادي الأصل ، المؤتمر الشعبي ، أنصار السنة .الخ) ، والتي اسقطتها ثورة ديسمبر مع البشير!!.
مشروع الدستور الانتقالي 2022م ملئ بالعيوب والثغرات التي فصلها بعض القانونيين ، لكن ما يهمنا أنه في جوهره يكرّس هيمنة العسكر علي السلطة وعلي الجيش ، الافلات من العقاب ، اصلاح القوات المسلحة بواسطة قيادة القوات المسلحة بعيدا عن الحكومة المدنية ، ويمنع لجنة التمكين من المساس بالقوات المسلحة (مادة 69- 7) ، كما يتم تعيين وإعفاء القائد العام للقوات المسلحة بتوصية من القوات المسلحة وتعيين وإعفاء قائد قوات الدعم السريع بتوصية من قوات الدعم السريع (مادة 44- 5) ، أي عدم خضوع القوات المسلحة للسلطة المدنية، كما تعطي المادة (74- 4) الحصانة من الاجراءات القانونية شاغلي المناصب العليا بحكم مناصبهم الدستورية أو العسكرية بشأن أي مخالفات قانونية تم ارتكابها قبل توقيع الدستور الانتقالي لسنة 2022م ، اضافة للصلاحيات الواسعة لمجلس الأمن والدفاع القابض الفعلي علي السلطة بعيدا عن الحكومة المدنية ، والذي يعيد شراكة الجنجويد وقوات حركات جوبا فيه ، وهو في النهاية يعيد إنتاج الأزمة والانقلاب العسكري من جديد.
2 . الهدف النهائي من التسوية تصفية الثورة ، وتعطيل تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة لولاية وزارة المالية ، وحل الدعم السريع وجيوش حركات جوبا ومليشيات المؤتمر الوطني ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، أي تكرار فشل الوثيقة الدستورية 2019م التي انقلب عليها العسكر في 25 أكتوبر.
بعبارة أخرى الهدف إعادة إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية ، والتفريط في السيادة الوطنية، ومواصلة نهب ثروات البلاد بواسطة شركات الجيش والجنجويد والشرطة والأمن والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية والليبرالية الجديدة ولاستمرار ارسال الجنجويد لحرب اليمن ، والابقاء علي اتفاق جوبا الذي فشل في تحقيق السلام في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وبقية المناطق ، فقد أشار مكتب الأمم المتحدة للشؤون الانسانية (اوتشا) الي أنه منذ بداية العام الحالي وحتى أكتوبر الماضي تم مقتل (829) شخصا ، واصابة (973) آخرين ونزوح أكثر من (265) الف جراء النزاع القبلي في السودان ، وهو في جوهرة إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية بهدف نهب الأراضي والموارد.
هذا فضلا عن فشل اتفاق جوبا في حل قضايا جماهير معسكرات النازحين في دارفور .. الخ التي تعاني من نقص الغذاء للأطفال والنساء الحوامل والتلاميذ في معسكرات النازحين ، وآثار كوارث السيول والفيضانات ، ونقص الخدمات الصحية وصحة البيئة ، ومشاكل التعليم مثل : الرسوم المدرسية ، توفير الكتب والأدوات المدرسية والمعلمين اضافة لانعدام الأمن جراء هجوم المليشيات المسلحة علي المزارعين والرعاة ونهب ممتلكاتهم ، مما يتطلب نزع سلاح المليشيات وعودة النازحين لقراهم ، وابعاد المستوطنين الجدد من أراضيهم وحواكيرهم ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية ، والحماية الدولية للمدنيين والنازحين الذين يعانون من الإبادة الجماعية ، وغيرذلك من القضايا التي لم يعالجها اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات وفساد ومنافع ، بل شارك قادته في الانقلاب العسكري الدموي ، مما يتطلب الغاء اتفاق جوبا والتوجه للحل الشامل والعادل في ظل الحكم المدني الديمقراطي .
كما مارس جبريل إبراهيم وزير المالية اقصي درجات الضغط علي الجماهير بالضرائب والجبايات والسير في سياسة وزراء مالية الانقاذ وحكومة حمدوك في سياسة التحرير الاقتصادي ، بالمزيد من رفع اسعار الوقود والكهرباء ، . الخ . وأخيرا الاتجاه لتحرير سعر دواء الامدادات الطبية كما حذر بيان تجمع الصيادلة الذي انتقد توصيات ورشة اصلاح تمويل النظام الصحي التي اقامتها الصحة الاتحادية التي أعلنت اعتماد سعر الدولار المحرر في تسعير الدواء بواسطة الامدادات الطبية ، كما انتقد رفع الدعم عن الدواء وتحرير أسعار أدوية الامدادات الطبية ، مما يعني المزيد من المعاناة اضافة للمعيشة الضنكا في ظل شبح المجاعة الذي يخيم علي البلاد جراء نقص تمويل الزراعة وارتفاع تكلفة الإنتاج والوقود وأسعار الكهرباء.
هذا اضافة لعدم الشفافية ورائحة الفساد كما في صفقة خط سكة حديد بورتسودان – أدري(بتشاد) التي أعلن عنها وزير المالية جبريل التي كما أشرنا سابقا الي أنه في ظل غياب الحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب وضعف وهوان الحكومة يمكن ان تكون التكلفة عالية ، فقد أشار وزير النقل السابق هاشم ابوعوف أن مشروع خط السكة الحديدية الذي وقعته وزارة المالية مع شركة الخليج طرحته شركة صينية ب (6,5) مليار دولار، بينما في الصفقة التي وقعها جبريل تكلف (15) مليار دولار !! (الراكوبة 22 /11/ 2022م).
مما يتطلب اوسع حملة لحماية اراضي وثروات وموانئ البلاد من البيع والنهب، في ظل حكومة غير شرعية ، تحاول أن تكرّس وجودها بدستور انتقالي معيب لاستمرار نهب ثروات البلاد.
هذا فضلا عن استمرار زيادة الضرائب والجبايات مثل : موافقة وزارة المالية علي رفع رسوم استخراج الجواز الي (50 الف) جنية ابتداءً من شهر يناير القادم.
3 . كما يستمر القمع الوحشي للمواكب السلمية بهدف فرض التسوية بالعنف الدموي كما حدث لأكثر من عام مما أدي لاستشهاد (120) شهيد ، وأكثر من (7 الف) اصابة ، واعتقال وتعذيب وحشي للمعتقلين ومع حالات اغتصاب ، مع القمع الوحشي للوقفات الاحتجاجية والاعتصامات كما في فض اعتصام (سوق خناق) بغرب السكوت الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ، وحملة الاعتقالات والأنباء عن التعذيب الوحشي للمعتقلين ، وحملت اللجنة المسؤولية لحكومة وشرطة الولاية الشمالية ، والشركة السودانية للموارد المعدنية والمحلية ، وطالبت بالتحقيق في الانتهاكات ومحاكمة المجرمين وكانت الوقفة الاحتجاجية من أجل : ابعاد شركات التنقيب عن الذهب التي تستخدم السيانيد والزئبق الضار بالانسان والحيوان والتربة ومياة الشرب والأرض ، واخراج مواقع التعدين القذر من مواقع السكن . الخ.
الجرائم ضد الانساني والابادة الجماعية كما في : فض الاعتصام ، مابعد انقلاب 25 أكتوبر ، ودارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وبقية المناطق بهدف نهب الأراضي والموارد ، لن تسقط بالتقادم. مما يتطلب تحقيق العدالة ومحاكمة المجرمين ، ولن يفيد دفن الرؤوس في الرمال والافلات من العقاب فيها.
4 . وأخيرا ، لا بديل غير قيام اوسع تحالف ثوري لهزيمة التسوية الهادفة لتصفية الثورة وإعادة إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية ونهب ثروات البلاد والارتهان للخارج ، وتهديد وحدة البلاد ، والانقلاب العسكري من جديد ، والدوران في دوامة الانقلابات العسكرية. وللوقوف سدا منيعا ضد ذلك ، فلتخرج الجماهير في اوسع مشاركة في مليونية 23 نوفمبر رفضا للتسوية وحكم العسكر ، ومواصلة المقاومة بمخلف الأشكال حتى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي .