الاتفاق الإطارى وتكريس الدعم السريع

0 82

.

1. من قضايا الثورة المهمة التي تم تأجيلها الاصلاح الأمني والعسكري ، بما فيها الترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات المسلحة ، وقيام الجيش الوقمي المهني ، ومعلوم أن التأجيل حسب تجربة الوثيقة الدستورية 2019م ، تعني تجاهل هذه القضية أو عدم الرجوع اليها.

 لكن الاتفاق الإطارى الذي وقع عليه البرهان وحميدتي من السلطة الانقلابية كرّس وجود الدعم السريع  كما في الآتي :

  – في ( 4 – 2)  جاء أن الدعم السريع ضمن الأجهزة النظامية.

  –  ضم قادة الدعم السريع وحركات الكفاح المسلح وقادة الأجهزة النظامية لمجلس الأمن والدفاع القابض الفعلي علي السلطة .

  –  دمج الدعم السريع في القوات المسلحة.

 – قوات الدعم السريع قوات عسكرية تتبع للقات المسلحة ويحدد القانون أهدافها ومهامها ويكون رأس الدولة قائدا أعلى لقوات الدعم السريع. 

 – في الوقت نفسه تحدث الاتفاق الإطارى عن جيش مهني قومي ملتزم بواجباته في حماية حدود الوطن والدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي.

  –  الاتفاق لم يتحدث عن ضم شركات الدعم السريع لولاية وزارة المالية مع شركات الجيش والأمن والشرطة.

   كل ماورد أعلاه يعكس الاضطراب والربكة في الاتفاق بخصوص الدعم السريع ، مما يشير الي الاتجاه لتكريس مليشيات الدعم السريع التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد وامنها القومي ، لما لها من ارتباطات بالخارج ، اضافة لمشاركتها في مجزرة فض الاعتصام والانتهاكات والإبادة الجماعية في دارفور ، وفي انقلاب 25 أكتوبر ، والجرائم والانتهاكات التي حدثت بعد الانقلاب.

2. معلوم أنه قبل ثورة ديسمبر أشارت قوى المعارضة  والقوات المسلحة المهنية منذ وقت مبكر إلي خطورة تكوين المليشيات  القبلية والأسرية خارج القوات النظامية ، ولا سيما المرتبطة بدوائر أجنبية علي وحدة البلاد واستقرارها وامنها وسيادتها الوطنية.

  كانت معارضة هيئة الأركان للجيش السوداني للمليشيات في مذكرتها في فترة الديمقراطية الثالثة لحكومة الصادق المهدي التي أشارت فيها لخطورة تكوين قوات المراحيل أو المليشيات من قبائل المسيرية والرزيقات لمواجهة تمرد الحركة الشعبية.

 2016م : كما جاء في الميثاق السياسي لقوى”نداء السودان” لإعادة هيكلة وبناء الدولة السودانية .

 حل وتسريح الدفاع الشعبي ومليشيات الدعم السريع وجميع المليشيات التي أنشأها النظام ونزع أسلحتها  – وضع ترتيبات أمنية لقوات الجبهة الثورة لمرحلة ما بعد اسقاط النظام ، وقومية القوات النظامية كحامية للوطن وسيادته .

– انتهاج سياسة خارجية متوازنة ومستقلة .

– إلغاء قانون الأمن لسنة 2010م .

– والالغاء الفورى لكل القوانين المقيدة للحريات“.

 جاء في وثيقة إعلان الحرية والتغيير 2019م :

” إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية (النظامية) بصورة تعكس قوميتها ، وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة .

 –  تحسين علاقات السودان الخارجية وبناؤها علي أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور.

 –  وعمل ترتيبات أمنية نهائية مكملة لاتفاق سلام عادل وشامل.

 3 . اصبحت قوات الدعم السريع تتمدد بعد تقنين الوثيقة الدستورية 2019م  لها كما جاء في الفصل الحادى عشر (1) ” القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة ، وخاضعة للسلطة السيادية“.

  هكذا نجد أنفسنا أمام ظاهرة جديدة في السياسة السودانية، حيث تزايد نفوذ مليشيات الدعم الذي اصبح لقيادتها مصالح طبقية ، وارتباط بدوائر اقليمية وعالمية ونفوذ عسكري بعد اضعاف نظام البشير للجيش.

 يستحيل الحديث عن نجاح الفترة الانتقالية والوصول لأهداف الثورة في ظل وجود المليشيات ، وقوات الدعم السريع التي ما عاد هناك مبرر لوجودها في ظل الاتجاه للسلام ووقف الحرب ، وما ينتج عنها من ترتيبات امنية تتطلب حلها ، وجمع سلاحها في يد القوات المسلحة ، وتكوين جيش البلاد القومي.

 بالتالي من المهم أن تواصل الحركة الجماهيرية نضالها من أجل قومية القوات النظامية فعلا لا قولا وحل المليشيات التي تشكل خطرا علي الفترة الانتقالية ، وعلي وحدة البلاد ، كما حدث في انفصال الجنوب، وفي بلدان أخرى بعد تفكيك جيوشها الوطنية (العراق ، ليبيا ، اليمن) ، وخطورة مليشيات حزب الله في لبنان، .. الخ .

4 . في الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر انطلقت مواكب 13 ديسمبر التي دعت لها لجان المقاومة وقوى التغيير الجذري والقوى الثورية رافعة شعار اسقاط الانقلاب والتسوية ، وتوجهت للقصر ، ورغم الاتفاق الإطارى تعرضت المواكب السلمية للقمع الوحشي للمرة الثالثة بعد التوقيع علي الاتفاق!!، مما يؤكد أن الاتفاق ماجاء الا لتصفية الثورة وإعادة إنتاج سياسات  النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في نهب ثروات البلاد وبيع أراضيها ، كما في صفقة ميناء “ابوعمامة” الجديد المزمع قيامها علي بعد 200 كلم من بورتسودان في غياب الحكومة الشرعية المنتخبة، مما يهدد ميناء بورتسودان وبقية الموانئ ، والسيادة الوطنية ، مما يتطلب مواصلة الثورة حتى اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني.

 نجحت الثورة في إزاحة الديكتاتور البشير بعد ثلاثين عاما من التسلط والقهر والنهب كما نجحت في يوم في الاطاحة بمجرمي الحرب  في دارفور ابنعوف وكمال عبد المعروف ، ولكن النظام الفاسد ما زال باقيا ، وكان رد الثوار هو الوجود في ساحة الاعتصام والشارع حتى التصفية الكاملة للنظام  الإسلاموي الفاسد بشعار تسقط ثالث ورابع وخامس . الخ ، حتي يروا بأعينهم اعتقال كل رموز النظام الفاسد ومعرفة مكان اعتقالهم ، حتي يتم تقديمهم لمحاكمات ، وحتي تسليم الحكم لنظام مدني ديمقراطي عبر فترة انتقالية مدتها أربع سنوات تنفذ المهام التي تم الاتفاق عليها في ميثاق قوى “الحرية والتغيير” ، ورفض أي انقلاب عسكري ، يعيد إنتاج النظام السابق والحلقة “الجهنمية” ديمقراطية – انقلاب – ديمقراطية – انقلاب

..الخ ، التي دمرت البلاد لأكثر من 60 عاما بعد استقلال السودان . فضلا عن رفض إعادة تجربة انتكاسة ثورة الاستقلال 1956م ، وثورة أكتوبر 1964م ، وانتفاضة مارس- أبريل 1985م ، وانتكاسة الفترة الانتقالية علي أساس الوثيقة الدستورية المعيبة التى انتهت بانقلاب 25 أكتوبر الذي وجد مقاومة باسلة لأكثر من عام ، وجاءت التسوية علي أساس الاتفاق الإطاري كطوق نجاة له لاطالة عمره ، كما يجري اغراق التسوية بفلول النظام البائد ، لتكوين حكومة تقفز للانتخابات بالتزوير ، وتواصل التفريط في السيادة الوطنية ونهب أراضي وثروات البلاد.

5 . في الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر فلتنهض جماهير شعبنا في أوسع مشاركة جماهيرية في مواكب 19 ديسمبر في وجهة اسقاط  التسوية واسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ،  ومحاكمة المتورطين في الجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية ، وقيام الترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات وقيام الجيش المهني القومي الموحد وضم شركات الدعم السريع والجيش والأمن والشرطة  لولاية وزارة المالية ، وتفكيك نظام 30 يونيو واستعادة اموال الشعب المنهوبة ، وتحقيق بقية أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.