أساتذة الجامعات….
كتب: عثمان ميرغني
.
إضراب جديد يلوح به أساتذة الجامعات بعد أن أعياهم الانتظار وطول الأمل في إصلاح حقيقي يسمح له بأداء رسالتهم تجاه الأجيال التي تنضج على أيديهم.. و دون الخوض في تفاصيل قضية أساتذة الجامعات فإن الظلم المرير الذي يحيط بهم لا يتوقف في الأجور الضعيفة ولا المزايا المالية المخجلة بل في الظروف والبيئة التي يعملون فيها وقد وصلت الدرك الأسفل ..
و سواء استجابت الحكومة – التي ينتظرها صف طويل من المضربين فعلاً مثل المعلمين والناوين الإضراب- فإن الأزمة ستستمر أشبه بلعبة الدومينو، تسقط قطعة لتسقط الأخرى ويستمر السقوط إلى آخر قطعة.. فالمشكلة الأساسية في السودان ليست الأجور مهما هزلت، بل الاقتصاد الكلي للبلاد الذي ما عاد يحتمله أثرى الأثرياء فضلاً عن الفقراء.. فانفتحت أبواب الهروب – وليس الهجرة- من الوطن زرافات ووحداناً، يبيعون من ما يملكون هنا في السودان ولو كانت بيوتاً فقيرة ليشتروا بدلاً عنها الشقق في الأحياء المتواضعة في دول أخرى.. الجارة مصر وحدها تحمل فوق ظهرها حوالى خمسة ملايين سوداني إنتقلت اليهم مئات المدارس بعد أن طالت الإقامة بلا أفق أو تباشير للعودة النهائية..
وعوداً لقضية أساتذة الجامعات، والتي تستحق الدعم والمساندة ليس لأجلهم فحسب، بل لأجل العقول الشابة التي تنهض على أيديهم، لكن مع ذلك فإن قطاعاً رفيع المقام مثل أساتذة الجامعات يجب أن لا يبحث عن الحل عند الحكومة مهما تجاوبت معه.. فهذه العقول النيرة يجب أن تكون في مقام تقديم الحل حتى لا ينطبق عليها رأي شاعرنا الكبير إسماعيل حسن في رائعة فناننا الكبير محمد وري “وا أسفاي”:
حليل الكان بِهَدّي الغير صِبِح مُحتار يَكُوس هَدّاي..
أساتذة الجامعات – مع قضاياهم الخاصة- يجب أن يكونوا مشاعل هداية للبلاد الغارقة في “الحزن القديم”.. فالحلول الجزئية الفردية ليست مجدية والأوجب النظر في حلول مستدامة للوطن وللتعليم وللجامعات..
لابد من إصلاح هيكلي كامل متكامل يبدأ في سنام الهرم، السياسة، ثم يمتد لبقية طبقات الدولة.. ومثل هذا الإصلاح يحتاج لعقول نيرة من الفرز الأول مثل أساتذة الجامعات.. ولتبدأ هذه الحلول بأن تتحول الجامعات لحواضن حلول وخيارات ، حتى في مجال تمويل التعليم العالي..
كان الله في عون أساتذة الجامعات.. والمعلمين بصفة عامة..