التدخل الدولي بهدف نهب ثروات البلاد

0 61
كتب: تاج السر عثمان بابو 
.
  

1. تحدثنا في مقال سابق عن أهداف التسوية والتدخل الدولي الكثيف  في البلاد ، وضرورة مواصلة التراكم النضالي الجارى حتى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، وتحقيق التغيير الجذري الذي يضمن الحفاظ على السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية المتوازنة مع كل دول العالم والنأي بها عن المحاور والأحلاف العسكرية ، وتحرير البلاد من قبضة مليشيات الدعم السريع وجيوش الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا والتي شاركت في انقلاب 25 أكتوبر ضد الثورة ، تلك المليشيات التي تنهب ثروات البلاد وتهربها للخارج ، كما جاء في التقارير العالمية ، علي سبيل المثال : نشرت جريدة الشرق الأوسط، بتاريخ  11 / يناير / 2020م تقريرا عن إنتاج الذهب في السودان جاء فيه ما يلي:

– نافذون يسيطرون علي ذهب السودان (شركات أمنية وعسكرية).

– أل معظم إنتاج الذهب في جبل عامر للدعم السريع بقيادة حميدتي (محمد حمدان دقلو).

– معظم ذهب السودان يُهرب عبر الحدود ، ولا تستفيد منه البلاد (حيل كثيرة للتهريب منها بطون الابل) ، أو علنا عبر مطار الخرطوم بتواطؤ مع مسؤولين في المطار أو خارجه يتم عبر صالة كبار الزوار الذين لا يخضعون للتفتيش.

التقارير الرسمية لوزارة المعادن تقول:أن الفاقد يقدر بين 2 – 4 مليار دولار سنويا بنسبة 37% من اجمالي صادرات البلاد.

أكثر من 70% من إنتاج الذهب يتم تهريبه بطرق غير رسمية (الشرق الأوسط: 11/يناير/ 2020م).

 يتم كل ذلك في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية  والأمنية  ونذر شبح المجاعة الذي يهدد 15 مليون مواطن ،مع تدهور الإنتاج الزراعي والصناعي ، مع الارتفاع المستمر في الأسعار والجبايات والضرائب والزيادات الكبيرة في الرسوم الدراسية هذا العام مما أدي لاتساع احتجاجات الطلاب واضرابات المعلمين وبقية العاملين في جهاز الدولة من أجل رفع الأجور وتركيز الأسعار ، ودعم الدولة للسلع الأساسية من وقود ودواء وتحقيق مجانية التعليم والصحة .

عليه صحيح ما جاء في أحد شعارات الثوار “السلطة سلطة شعب .. الثروة ثروة شعب .. والعسكر للثكنات ، والجنجويد ينحل”، بالتالي ، فان تحرير البلاد من قبضة الاحتلال العسكري والدعم السريع المرتهن للخارج ، يعني استعادة شعب السودان لحريته وثرواته وسيادته الوطنية ، ووضع كل ثرواته لمصلحة تطوره وازدهاره .

2 . هذا اضافة الي ما أشار اليه  رئيس الوزراء السابق حمدوك أن شركات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع تستحوذ علي 82% من موارد الدولة ، رغم ذلك تدفع الدولة مرتبات الجيش والشرطة والدعم السريع ، اضافة للصرف علي الأمن الدفاع وجيوش الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا ، ليصل استحواذ الجيش الي أكثر من 90% من موارد الدولة .

– علي سبيل المثال : بلغت ميزانية الدعم السريع في العام الماضي حوالي 37 مليار جنية في حين ميزانية الوزارات مجتمعة 34 مليار جنية في السنة!!!! ، فكيف لا تتدهور خدمات التعليم والصحة والدواء ؟ ، ولماذا يتحمل دافع الضرائب السوداني الصرف علي مليشيات خاصة مرتبطة باسرة ال دقلو؟! .

–    مثال آخر ما ذكره وزير الصناعة السابق إبراهيم الشيخ ردا علي البرهان إبان الصراع علي السلطة في أول أكتوبر 2021م : “بيدك (البرهان) 10 مليار دولار عبارة عن رأسمال مؤسسات منظومة الصناعات الدفاعية ، تصّنع السلاح والعربة والطائرة والسيخ والمواسير ، ولك مكاتب في كل مدن الدنيا تدير المسالخ وتصنع اللحوم وتصدر ما تصدر من غير حسيب ولا رقيب ، وقبض عائد وحصائل صادراتك وتتمنع من دفع دولار واحد لدعم الحكومة والموازنة من حر مال الشعب“.

3 . بعد توقيع الاتفاق الإطارى  لا يمكن أن نتخيل أن يسلم العسكر السلطة للمدنيين طوعا فالمجلس العسكري متحالف مع محاور اقليمية  ودولية متشابكة مصالحها معه في نهب ثروات البلاد ، وليس له مصلحة في انجاز مهام الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي ، وسيواصل الانقلابات ضد الثورة ، فهو يعبر عن المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية والجديدة داخل الجيش والدعم السريع قيادات حركات جوبا والقوي المتحالفة معه.

  فقد أشارت التقارير الي أن قادة الجيش والدعم السريع والأمن يمتلكون مليارات الدولارات من شركاتهم التي تنتج وتصدر الذهب والصمغ العربي والسمسم والأسلحة واللحوم والمنتجات الزراعية ، كما تقوم باستيراد الوقود والقمح والسيارات.

  هذه المصالح الطبقية هي التي مع محاور خارجية وراء الانقلاب علي الثورة ، ووراء التسوية الجارية لتكريس الاقلاب العسكري والدعم السريع وحركات جوبا في السلطة ، و كذلك وراء مجازر القيادة العامة ومليونيات مابعد انقلاب 25 أكتوبر ، وقبل ذلك مجازر الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان والشرق .. الخ  التي ما زالت مستمرة لنهب مواردها والتي تستوجب المحاسبة ، وتقديم المجرمين للمحاكمات العادلة ، ورفض مهزلة الافلات من العقاب في التسوية الجارية ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.

كما تعمل شركات الجيش والدعم السريع في مجالات الاتصالات والخدمات المصرفية وتوزيع المياه والتعاقد وأعمال البناء ، والتشييد العقاري والطيران والنقل بالشاحنات وخدمات الليموزين ، وإدارة المنتزهات السياحية ، وأماكن الفعاليات.

ايضا تقوم شركات الجيش بتصنيع مكيفات الهواء وأنابيب المياه والأدوية ومنتجات التنظيف والمنسوجات ، كما تستولي الشركات العسكرية علي المحاجر والمدابغ الجلدية والمسالخ ، وحتى الشركة التي تطبع الأوراق النقدية السودانية تقع تحت سيطرة قطاع الأمن.

إما قوات الدعم السريع فقد توسعت في انشطتها التجارية من سوق الذهب الذي تسيطر عليه الي حد كبير ، والاتجار بالبشر ( تصدير المرتزقة لحرب اليمن) ، ودخلت في أنشطة أخري مثل : الاستثمار في الأراضي الزراعية ، وانشاء مسلخ حديث لتصدير اللحوم اسوة بمسلخ الكدرو المملوك للجيش.

هذا اضافة كما اشرنا سابقا لجريمة نهب وتهريب الذهب، علي سبيل المثال : في العام 2017/ 2018م كان تقدير الحكومة لإنتاج الذهب 90- 110 طن ، لكن تقديرات الصاغة والموردين للإنتاج الفعلي من الذهب خلال الفترة المذكورة 230 – 240 طن من الذهب.

كما أشار تحقيق لقناة الجزيرة : 9 /10/ 2019م ، الي أن فاقد الذهب يقدر بين : 100- 130 طن ، ومنافذ التهريب عبر مطار الخرطوم الي دبي والهند ، ومصر والجنوب ، و تشاد .. الخ.

أما وزير المعادن الأسبق موسي كرامة صرح “بأن المنتج هو 250 طن سنويا تُهرب منها 200 طن” (الشرق الأوسط 11 يناير 2020م)، وأشار الي أن هذا فساد ونهب يحرم البلاد من عائدات حدها الأدني 8 مليار دولار سنويا!!!.

4 . بالتالي المطلوب أوسع تحالف لقوى التغيير الجذري والرافضة للتسوية  من أجل : اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، وضم شركات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع لولاية وزارة المالية ، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع وبقية المليشيات وجيوش الحركات ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، ووضع شعب السودان يده علي ثرواته لمصلحة تطوره الاقتصادي وتوفير احتياجاته الأساسية في تحقيق مجانية  التعليم والصحة والدواء والكتاب المدرسي وخدمات المياه والكهرباء وتحسين البيئة . الخ واإلغاء اتفاق جوبا والتوجه لسلام العادل والشامل بعودة النازحين لقراهم وإعمار مناطقهم ،، والتعويض العادل ، والتنمية المتوازنة ، وحل المليشيات وجمع السلاح ، وعودة المستوطنين لبلدانهم ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية..

اضافة الي تحقيق السيادة الوطنية ، بوقف التبعية للمحاور والقواعد العسكرية ، ووقف تصدير المرتزقة لحرب اليمن ، وعودة اراضي السودان المحتلة (حلايب ، شلانين ، ابورماد ، الفشقة . الخ) ، وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.