تعقيب على د. عشاري محمود… عندما يصل التطرف والفجور.. حد اللوثة!!(1-2)

0 80
كتب: د. عمر القراي
.

(انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا) صدق الله العظيم

درج د. عشاري محمود في الآونة الأخيرة، على كتابة مقالات جيّدة، شرح فيها التعقيد القانوني لجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية. وأوضح أن هذه الجرائم، حسب القانون الدولي، وقانون المحكمة الجنائية الدولية، لا تسقط بالتقادم، ولا يجوز فيها العفو عن الجناة، وهي تستوجب المحاسبة من القضاء الوطني، باعتبار أن الدولة معترفة بالقانون الدولي، كما أنها تستوجب الملاحقة من المحكمة الجنائية الدولية. كما أوضح أيضاً بأن الجرائم التي حدثت في دارفور، على يد مليشيات الجنجويد، وجريمة فض اعتصام القيادة العامة، التي قامت بها قوات البرهان، وحميدتي، وجهاز الأمن، وكتائب ظل الاخوان المسلمين، وما تلاها من القتل الممنهج، والمخطط له، والذي استهدف الشباب الثائر الأعزل، في المظاهرات، قبل وبعد انقلاب البرهان في أكتوبر 2021م، إنما يقع في نطاق هذه الجرائم، ولهذا يجب ألا تقبل أي فكرة، أو اتجاه يرمي الى العفو عن مرتكبي تلك الجرائم.

ولقد كانت الأمانة العلمية، تلزم د. عشاري، كقانوني، وباحث محقق، مجرد من الاهواء، أن يعترف بأن “الاتفاق الإطاري”، بالرغم ما به من نواقص، وثغرات، وما يؤخذ عليه من مآخذ، قد انقسم الشعب السوداني ازائه بين مؤيد ومعارض. فهو لم يعد عمل “شلة” دبرته في الظلام، ودون علم الشعب، لتحقق به مكاسب شخصية. وإنما هو ثمرة برنامج كبير، شارك فيه قانونيون، وسياسيون، ومثقفون، وأعلن على الملأ، وقبله قطاع كبير من الشعب. وما زال ممثلين لقوى الحرية والتغيير، يطرحونه للحوار، ويقيمون ” ورش العمل” حول تفاصيل بنوده.

لقد بنى من سموا بالجذريين، وفي طليعتهم الشيوعيين، رفضهم للاتفاق الاطاري، على حجتين أساسيتين: الأولى هي أن اللجنة الأمنية، التي يقودها البرهان وحميدتي، لا أمان لها، وهي قد غدرت من قبل بالقوى المدنية، وانقلبت عليها. والاتفاق معها مرة أخرى، إنما هو “تجريب المجرب”، فلن تكون حصيلته غير الندم. والثانية أن الاتفاق الاطاري، عفا ضمنياً، عن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، ولم ينص صراحة على محاسبتهم، ولم يجعل المحاسبة من أولوياته. ولهذا اعتبروا الاتفاق تنازل عن القصاص، واهدار لدم الشهداء. وزاد آخرون، وأنا منهم، إن من مشاكل الاتفاق الاطاري، أن فترة 24 شهراً لن تكفي لانجاز المهام التي حددتها وثيقته. وبذلك لن يتم الاعداد لانتخابات حرة ونزيهة، تبعد الفلول عن المشهد السياسي. ولقد كان رد قوى الحرية والتغيير على الحجة الأولى، هو أنهم يعلمون بخيانة اللجنة الأمنية وقادتها، ولكنها سلطة الأمر الواقع. وهم بهذا الاتفاق، إنما يحاولون تقييدها، بإشهاد العالم عليها، حتى تجبر على الابتعاد، وتسليم البلاد لحكومة مدنية. فإن افلحوا في ذلك بسبب الظروف الجديدة، ومنها فشل العسكريين في إقامة حكومة تتبع لهم، فإنهم سيكفون البلاد المزيد من نزيف الدم، وسيحققون المطلب الأساسي للثورة، وهو الحكومة المدنية الخالصة. واذا لم ينجحوا، وغدر العسكر مرة أخرى، فإنهم ما زالوا مع الشارع، وسيرجعون له، ويعلنون خيانة العسكر الجديدة، ويواصلون النضال. أما حجة افلات المجرمين من العقاب، في الفترة الانتقالية، فإنهم ذكروا أنها كانت المطلب الأساسي للعسكر. ولو اصروا عليها بوضوح، سوف لن يتم أي اتفاق، ولن يبعد العسكر عن الحكومة المدنية. فكان تقديرهم-الذي يمكن أن يكون خطأ أو صواب- أن يقبلوا بهذا الشرط الآن، وفي المستقبل، اذا جاءت حكومة ديمقراطية منتخبة، وأقامت نظاماً عدلياً مرتبطاً بالقانون الدولي، والمواثيق الدولية، ورفعت أي مجموعة، أو اسرة، قضايا ضد مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، فسوف تتم محاكمتهم. خاصة وأن د. عشاري نفسه، قد أوضح أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن لأي حكومة وطنية أن تعفو عنها، وهي ملاحقة بالمحكمة الجنائية الدولية. ولقد رأت قوى الحرية والتغيير، أن تأجيل معاقبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة، مع تحقيق حكومة مدنية، وتفكيك نظام الإنقاذ، أفضل من الإصرار على أن يحاكموا الآن، ولديهم السلطة والسلاح، والذين يريدون محاكمتهم عزلاً إلا من الإصرار على المقاومة السلمية. فما دام الدولة في يدهم، فإنهم من أجل حماية أنفسهم، سيستمرون في تقتيل الثوار دون توقف. وسيظل حال البلد واقف، بدون حكومة، وبدون توفير العيش والأمن للمواطنين.

وكان يمكن لدكتور عشاري أن يرفض حجج قوى الحرية والتغيير. وينقد الاتفاق الطاري، ويفند خطله، وثغراته، وأن يقنع الشعب السوداني بأن لا يؤيد الاتفاق الاطاري. ومن حقه أن يدعو لجان المقاومة، والثوار، وهو بعيد عن ميدان المعركة، أن يستمروا في المظاهرات، ويتقبلوا القتل، وفقد الأعين، والإختفاء القسري، والإغتصاب، و فقدان الأطراف كل يوم. ولكن ليس من حقه، أن يصف كل من يختلف مع موقفه هذا ويؤيد الاتفاق الاطاري، بالخيانة، والعمالة، والرشوة وغيرها من التهم، التي وزعها شمالاً ويميناً، على كل من لم يوافق الجذريين، دون بيّنة، ودون أن يرمش له جفن!!

يقول د. عشاري (فما كان هذا عضو الحزب الجمهوري أزهري بلول سيقول هذا الهتر في سياق دفاعه عن الاتفاق الاطاري اذا كان الجنجويد الأخير محمد حمدان دقلو حميدتي عذبه هو شخصياً ثم اغتصب جنسياً زوجته وبناته وقتل أولاده تقتيلاً وقذف بهم في مياه النيل الأزرق أو مقبرة جماعية)!! أنظروا الى هذه السطحية المفرطة !! إن د. عشاري الآن ضد الاتفاق الاطاري، فهل يعني هذا أن حميدتي عذبه هو شخصياً، ثم اغتصب زوجته، وبناته، وقتل أولاده ..ألخ فلماذا استطاع هو أن يقف ضد الاتفاق الاطاري، رغم أن هذا لم يحدث له، ولا يستطيع الأخ أزهري، أن يقف مع الاتفاق الاطاري، رغم أن هذا لم يحدث له ؟ ألأن د. عشاري أكثر وطنية، وانسانية من الأخ أزهري، فهو يحس بآلام الآخرين، بينما لا يحس أزهري ألا بما يحدث لأسرته؟!

ثم ما الداعي لإقحام أسرة أزهري، وهي ليست طرفاً في الخلاف بينهما، وما الموجب لعبارة صارخة مثل قوله (ثم اغتصب جنسياً زوجته) ألا يعلم د. عشاري إن الاغتصاب أصلاً عمل جنسي؟! اللهم هذه غثاثة ما كنا نود الخوض فيها، لو لم يضطرنا إليها أناس لا يروجون لك وقاراً .

يقول د. عشاري (فمادام هذا الجنجويد حميدتي لم يفعل بي أو بأسرتي ما فعله بالآخرين فأنا ازهري بلول وكامل اسرتي الصغيرة والكبيرة من الجمهوريين المرتدين من فكر محمود اليوم نعلنها إنا الى دين الجنجويد ملحدون نصفق لقائدنا الجنجويد الأخير حميدتي ولقوات الدعم السريع نحتفي بهم نتناسى جرائمهم ضد الإنسانية التي ارتكبوها مع بنات واولاد الشعب السوداني لا نهتم نحن الجمهوريين لما حدث لبناتكم أو اولادكم نحن مع المجرم المفلت من العقاب قائد الجنجويد نعطيه حصانة إجرائية لا يمكن رفعها وهي مكتوبة في الدستور هي عفو سياسي مطلق عن الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها هذا الجنجويد الأخير نستبدله بمحمود الذي مات وتركنا أيتاماً… هكذا ينبغي أن نقرأ كيف يفكر أزهري بلول المستغرق في الزيف والضلال والخبث وانعدام الضمير).

إن د. عشاري يعلم في دخيلة نفسه، أن ازهري بلول والجمهوريين، لم ولن يصفقوا لحميدتي، دع عنك أن يعتبروه بديلاً عن الأستاذ محمود. ولكنه مدفوع بتطرف أعمى، وفجور في الخصومة، يتجاوز الرأي الآخر الى صاحبه، ويصفه بصفات يظن أنها تغتال شخصيته، وتمحقه محقاً. وهو حين يتهم الجمهوريين بأنه أعطوا حميدتي حصانة تمنعه من المحاسبة، يعلم أنه ليس هناك حصانة كهذه، وقد أخبرنا هو نفسه، بأن مثل جرائم حميدتي لا يمكن اعفاؤها من أي جهة، وأنها ملاحقة بواسطة المحكمة الجنائية الدولية، ولن يستطيع أي اتفاق سياسي أن يعصمه من المساءلة والعقاب. ولكنه يتناسي هذا، ليبرر هجومه الموتور على الجمهوريين.

وكل هذا الهجوم على الأخ أزهري، ووصفه بالخبث، والزيف، والضلال، وانعدام الضمير، سببه أنه قال أنه يؤيد الاتفاق الاطاري، ورد على أحد الاخوة الشيوعيين، الذين يعارضون الاتفاق الاطاري، بقوله أنهم مع المقاومة في الشارع، ولكنهم لا يشاركون فيها، وضرب مثالاً بالاستاذ الخطيب رئيس الحزب. فهل غضب د. عشاري سببه فقط ما قاله الأخ ازهري، أم أن سببه الحقيقي معرفته بأن وقوف الحزب الجمهوري مع الاتفاق الاطاري، سيؤثر سلبياً على موقف الجذريين، لأنهم لا يستطيعون وصف الجمهوريين، بما يمكن أن يصفوا به بعض الأحزاب والشخصيات الأخرى، التي تدعم الاتفاق الاطاري؟ لقد قام بعض الشيوعيين بإتهام قوى الحرية والتغيير بالخيانة، والتواطؤ، والفساد، وبيع الدم، ولكنهم لم يتعرضوا للجمهوريين.

فتوهم د. عشاري في نفسه كفاءة زائدة، أن يتحمل هو هذا الوزر، ويؤدي هذه الخدمة للشيوعيين، ويصف الجمهوريين بكل قبيح، حتى يتجرأ عليهم بعد ذلك كافة الجذريين!! بئس ما سولت له نفسه المليئة بالحقد والتطرف. إننا لم نجد مثل هذا الحقد الاعمى، والاتجاه المتطرف لاغتيال شخصية المعارض في الرأي، إلا عند بعض الشيوعيين والإخوان المسلمين. ويكفى الحزب الشيوعي السوداني عاراً، أن الأستاذ عبد المجيد النور شكاك، قد انتحر داخل سجن “شالا”، لأن اخوانه الشيوعيين داخل السجن، خاصموه، وقاطعوه، واشانوا سمعته وبلغت أكاذيبهم أسرته بما ليس فيه، لمجرد اختلافه مع بعض قيادات الحزب. فهل يستغرب ممن كانت هذه هي تربيته الأخلاقية السياسية الطويلة، أن يجترح ما اجترح د. عشاري من ساقط القول؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.